التحقت فى أواخر التسعينيات بمدرسة المحبة الإعدادية بنات، مدرسة حكومية نموذجية فى كل شىء، المدرسة كانت سكنًا للراهبات الكاثوليك التابعات للكنيسة المارونية وكانت ملحقة بالكنيسة، ثم تبرعت بها الكنيسة للحكومة المصرية، شريطة أن يكون يوم الأحد إجازة للطالبات. أتذكر كل ركن فى مدرستى كما أتذكر أساتذتى وكيف كانت تدار المدرسة بشكل من الحزم والحكمة من الأستاذة ليلى مديرة المدرسة، طابور الصباح كلنا فى نفس واحد ننشد النشيد الوطنى بكل طاقتنا التى ترج جدران المدرسة، الزى موحد بشكل منظم، رابطة العنق معقودة بشكل واحد، القميص أبيض بياض الثلج، يوم 20 نوفمبر نرتدى جميعا الجاكت الكحلى،لا قبل هذا التاريخ ولا بعده كنوع من أنواع الالتزام. تحية العلم يقشعر لها البدن، لن أنسى دور الأستاذة الأخصائية الاجتماعية وهى تمر صباح كل يوم لتتأكد من النظافة الشخصية. لن أنسى الأستاذة منى معلمة مادة العلوم وهى تشرح درس الوصف التشريحى لجسم الأسماك وقد أحضرت سمكة بلطى لن أنسى تلك الحصة التى تعلمنا فيها مكونات جسم السمكة وعرفنا كيف نحسب عمرها، قد أكون نسيت الكثير من المعلومات التى تعلمتها فى مدرستى،ولكن ظل هذا الدرس عالقًا فى ذاكرتى لأن معلمتى مارست معنا الدرس بشكل عملى، فشكرًا لها على إخلاصها وتفانيها. أحببت فى مدرستى مكتبة المدرسة التى ظلت صديقتى طوال السنوات الثلاث دراسة فى المرحلة الإعدادية، كنت ملهوفة لمعرفة سر مثلث برمودا فقرأت جميع الكتب التى تناولت هذا الموضوع فأصبحت مكتبة المدرسة ملازى فى حصص القراءة الحرة. أما عن حجرة التربية الفنية فكانت واسعة وكبيرة وفيها شغل الخشب والنقش على الجلد والزخرفة، تعلمنا فيها الذوق الرفيع وكيف نرتب الألوان وننسقها بشكل بديع. تعلمت فى مدرستى الالتزام والإصرار على تحقيق الهدف، كانت مدرستى تهتم بغرس الطموح فينا والسعى الدائم لنكون الأفضل، كانت المدرسة تهتم بالندوات التى تنمى شخصية الطالبات، فحضرنا العديد من الندوات سواء على مستوى المدرسة فى المدرج الصغير أو خارج المدرسة. علمتنى مدرستى بروتوكول الترحيب بالسادة الزوار عندما كانت تدعونا لاستقبال السادة الضيوف ونحن متوشحات بوشاح المدرسة فى مشهد لن أنساه أبدًا وكأنه بالأمس القريب. لن أنسى الأستاذ محمد معلم الدراسات الاجتماعية -رحمة الله عليه- علمنا أن تاريخنا عظيم ونحن من نصنعه؛ لذا لا بد أن نترك أثرنا فى ذاكرة التاريخ حتى يتذكرها ويذكر أننا أحفاد لأعظم صناع حضارة. أما الجغرافيا فكان يعلمنا توزيع التضاريس بشكل إبداعى لن أنسى خطه على السبورة وهو يكتب لنا المعلومات بشكل يصعب نسيانه.. رحمه الله. مدرستى كانت ومازالت فى عينى هى أجمل مكان فى العالم، كم أتمنى رد الجميل لكل أساذتى.