رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيادى الوفدى والوزير السابق منير فخرى عبدالنور: سألتنى السفيرة الأمريكية عن 30 يونيو فقلت «سيكون يومًا عظيمًا».. فردت «أنت تحلم»
نشر في صباح الخير يوم 04 - 12 - 2019

لم أختر توقيت لقاء القيادى الوفدى وزعيم المعارضة السابق منير فخرى عبدالنور فى مجلس الشعب.. الوزير فى أول حكومة بعد يناير 2011.. والوزير أيضًا فى أول حكومة بعد ثورة 30 يونيو 2013.. وهى أخطر الفترات -فى تقديرى- التي مرت بها مصر فى عصرها الحديث وأكثرها تأثيرًا.. وقد تعرضت مصر وجوديًا لمؤامرة تفكيك.. وقاومت عمليًا مشروع أخونة وفقدان الهوية.. ولكن منير «بيه» حدد موعدنا فى يوم ذكرى عيد الجهاد السنوى.. وقد كانت له أسبابه.
استقبلنى القيادى الوفدى والسياسى الكبير وما أن بدأت الحوار إلا وقد بادرنى قائلاً: عيد الجهاد هو اليوم الذى خرج فيه المصريون بكل فئاتهم فى نوفمبر 1918 مثلما خرجوا فى 30 يونيو 2013 أيضًا بكل فئاتهم يدافعون عن الوطن.. ففى 1918وبعد أن قال المعتمد البريطانى «وينجت» لسعد زغلول ورفاقه «أنتم تمثلون أنفسكم ولا تمثلون المصريين».. خرج ملايين المصريين يجمعون التوكيلات لسعد زغلول من أجل انتزاع الاستقلال من المحتل الإنجليزى.. وفى 30 يونيو 2013 خرج ملايين المصريين يثورون لاسترداد بلدهم وهويتهم من السارق الإخوانى.
ما الذى حدث فى 30 يونيو 2013؟
- الذى حدث هو شعور رجل الشارع أن الوطن اتسرق منه.. حركة يناير 2011 اتسرقت منه.. وأنا مصمم على أن الشباب المصرى الذى خرج كان شبابًا نقيًا يسعى إلى مطالب عادلة بإيمان ووطنية.. ولكنه اتسرق.. اتخطف.. القضية خطفها من لا يستحق ولا يستطيع.. الذى حدث فى 30 يونيو ليس سياسة وإنما اجتماع.. رد فعل.. رفض لكل تصرف.. لكل فكر.. لكل موقف.. «دا مش أنا».. يوم 22 يونيو فى حفل لسفارة المجر وجدت «الأخت» سفيرة الولايات المتحدة وبعد سلامات وتحيات.. قالت لى ما هو 30 يونيو فقلت «سيكون يومًا عظيمًا».. فردت «أنت تحلم». ومن أنا؟
- أنا.. أنا المصرى العربى الأفريقى البحر متوسطى.. المنفتح على العالم.. المنفتح على الأديان.. المنفتح على الآخر والفكر المختلف.. أنا المصرى.. لن تفقدنى طبيعتى.. أنت لا تمثلنى.. ممكن تكون اشتراكى ممكن تكون رأسمالى.. ممكن أختلف سياسيًا لكننى مصرى.. ولكنهم -جماعة الإخوان- ليسوا مصريين.. لا يؤمنون بالوطن.. قالوا «طز» فى مصر.. لما تقولى طز فى مصر يبقى أنا كمصرى فاضلى إيه.. أروح فين يعنى.. أنا كمصرى أروح فين؟.. أين الوطن الذى سيحتضننى.. من الذى سيحمينى؟.. «طز فى مصر»!!.. «لى إيه أنا» كمصرى غير الوادى والعلم والجيش.. الوطن.. وهذا كان رد فعل الشارع.
حسنا.. فلنبدأ من أول السطر مع وزارة الفريق شفيق فى 2011؟
- هقولك.. طول عمرى ومنذ دخلت عالم السياسة خاصة وقتما دخلت مجلس الشعب فى 2000 كنت أدعوا إلى ائتلاف وطنى واسع لحل المشكلات العظيمة التى تواجه المجتمع المصرى.. والمشكلات التى تواجهنا حتى اليوم كبيرة جداً ونحتاج إلى ائتلاف وطنى.. من أقصى اليسار الوطنى إلى أقصى اليمين الوطنى، لمواجهة هذه المشكلات.. وفى مجلس الشعب كنت دائم المطالبة بهذا الائتلاف.. وكانت المشكلة التى تواجهنا وقتها مشكلة الموازنة المصرية ومشكلة الدعم الذى لا يصل إلى محتاجيه.. والعجز المتراكم المتزايد الذى يؤدى إلى تضخم الدين العام، وكانت القضية أساسًا قضية اقتصادية.. ومؤخرًا كنت أراجع مداخلاتى فى مجلس الشعب فى هذا الوقت 2000-2005 سواء فى الرد على برنامج الحكومة كرئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد وبهذه الصفة كنت زعيمًا للمعارضة فى مجلس الشعب وكنا 8.. كنت أتحدث وكانوا يستمعون.. صحيح كانوا «بيبوخوا» «ميخدوش الكلام»، «مش قادرين» إنما كانوا يستمعون.. وكنت أطالب بمزيد من الديمقراطية ومزيد من الحرية السياسية.. وهذا إجراء أصبح صعبًا جدًا وما زلنا فى نفس المشكلة.. ووقتها كانت الخريطة السياسية واضحة.
بل إن الخريطة السياسية المصرية واضحة من بداية القرن التاسع عشر.. فى مصر أردت أم أبيت لديك 3 اتجاهات.. اتجاه اشتراكى واتجاه ليبرالى واتجاه إسلامى.. داخل هذه الاتجاهات يقول أنا قومى عربى أنا قومى «معرفش إيه» كلها تفاصيل.. أما الاتجاه العام فهو أنا اشتراكى أو أنا ليبرالى أو أنا إسلامى.. الخريطة واضحة وكانت واضحة والخريطة اليوم يجب أن تكون واضحة.. إنما تجد كل من هب ودب يريد إقامة حزب.. 103 أحزاب !!.. ما هذا العبث؟.. إذن المطالبة بتوافق وطنى واسع أصبح ضرورة.. نتوافق على إجراءات.. هذه هى المشكلة الاقتصادية وهذا هو حلها.. «تعالى هنا شوية وتعالى هنا شوية».. أولا كل أطراف المجتمع المصرى السياسى سيشارك.. سيشعر أنه صاحب مصلحة.. سيشعر أنه صاحب رأى.. سيشعر أنه ساهم بشكل أو بآخر.
يجب أن تدير الأزمة الاقتصادية بهذا الشكل وأن تدير الأزمة السياسية بهذا الشكل.. حسنى مبارك خاف.. كان فى ذهنه 77 ومظاهرات العيش.. وكانوا رافضين تمامًا أنهم يمسوا هذا الموضوع.. وهذا الموضوع فى الحقيقة هو الأساس فى مشكلة النظام الاقتصادى المصرى.. لا تستطيع التحدث أو الاستمرار ولديك عجز فى الموازنة يصل إلى 10 ٪ و12 ٪.. ووصلنا إلى يناير لتبدأ المشاكل كلها بعد الثورة.. المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. الناس نزلت فى الشارع مؤمنة.. هنا حكاية أنها كانت مؤامرة ومسائل من هذا النوع «اعذرنى».. الناس موجودة فى الشارع ولديها مطالب.
4 أيام أو 5 أيام قبلها.. يوم 20 يناير.. دعوة من سعيد الألفى على الغذاء محمود أباظة وأنا وصديق لنا اسمه عمر مهنا وبحضور محمود محيى الدين وكان مسافرًا بعد ما ترك الوزارة.. وعائد فى إجازة.. محمود سألنى: في 25 يناير ماذا سيحدث قلت له لاشىء.. قال لى ماذا تعنى.. قلت له «أهو كلام».. صباح يوم 25 يناير كنت موجودًا فى مقر الحزب.. وقتها كنت سكرتير عام حزب الوفد.. والمقر ليس بعيدا عن شارع التحرير وسمعنا «دوشة فظيعة» وكان موجودًا د.على السلمى.. نزلنا إلى الشارع وذهبنا إلى ميدان التحرير.. لنرى شبابًا «زى الفل» بصراحة.. «يقول لك كانت مؤامرة ومش مؤامرة وأمريكا وفلوس.. يا راجل مش كده».. شباب «زى الفل» متطلع إلى حياة أفضل ولديه أمل.. ويُطالب بما يظن أنه حق وهو حق.. حق فى حياة أفضل وفى فرصة عمل وفى تحسين مستوى المعيشة.
اليوم التالى كان لدينا اجتماع للمجلس القومى لحقوق الإنسان وكان حسام بدراوى حاضرًا.. سألت حسام ما الذى يحدث؟.. ماذا ستفعلون؟.. قال كان هناك اجتماع مع جمال مبارك..
وجمال قال: «business as usual» قلت: «يعنى إيه.. يعنى ما فيش حاجة».. قال حسام «آه كل ده كلام فارغ».
ونزلت الميدان يوم ورا يوم.. وفى أول فبراير قال لى محمود أباظة أحب الذهاب إلى هيكل لأسمع رأيه وذهبنا.. قال لنا هيكل: أولا الجيش تدخل للحل ولن يتراجع.. وانت يا منير لك دور يجب أن تلعبه ولك صفة يجب أن تمارسها.. أن تبلغ نصيحة لوجه الله.. وهى احذروا الابتعاد عن الشرعية الدستورية.. احذروا إسقاط الدستور.. لو سقط الدستور فأمامنا خمس سنوات عجاف. فقلت له من الممكن تفادى هذا الأمر بأن يدعو حسنى مبارك مجلس الشعب للانعقاد.. ومجلس الشعب يقترح تعديل الدستور فى المواد 76و77 الخاصة بالرئاسة وإن وافق المجلس على التعديل.. يقول حسنى مبارك أنه أدى دوره ويقدم استقالته.. ثم يتم إجراء استفتاء.. فقال هيكل: حل ممكن.
يومها وبعد الظهر ذهبت إلى الميدان وكان الشعب يهتف «ارحل ارحل».. وما دار بيننا وبين هيكل والذى تخيلته كحل حاولت إقناع الموجودين به كان بلا فائدة.. لا أحد يريد الاستماع ولا أحد يريد التفهم.. وكان من المستحيل التعامل مع هذه الأصوات.. فقد كانوا أصحاب الموقف. وفى هذا الإطار حسنى مبارك تنازل يوم 11 فبراير.. ويومى 15، و16 فبراير اتصل بى الفريق أحمد شفيق ولم تكن بيننا علاقة مسبقة اللهم إلا الرسميات.. وهو رجل مؤدب أدبًا جمًا.. وكنت معجبًا به وبأدبه «أدب سرايات».. قال لى أحب «أشوفك».. استفسرت فقال أحب أن تتولى وزارة السياحة.. وفى اليوم التالى ذهبت إليه فى مجلس الوزراء والذى كان بيت أشباح.. خالٍ تمامًا من أى شخص ولا حتى من يستقبلنى.. فتحت الباب دخلت وجدته ومعه فقط فايزة أبو النجا وفاروق جويدة.. فقال لى أحمد شفيق أحب تعمل معى وزيرًا للسياحة.. قلت له فى الوزارة الحالية قال لى نعم.. نظرت إلى فايزة وأعدت النظر إليه وقلت يبدوا أنكم لم تروا.. قال لى ماذا تقصد.. قلت له لم تروا أن هناك ثورة فى البلد.. ثورة تطلب التغيير.. تريد منى أن أشارك فى وزارة حزب وطنى.. الانطباع العام أنه حزب فاسد وبسببه قامت الثورة وتطلب منى العمل معه.. الحقيقة لا أفهم.. فأعاد سؤالى ماذا تقصد؟
قلت له.. انت رئيس وزراء.. وكل هؤلاء يجب أن يرحلوا.. يجب أن تشكل وزارة محترمة تتماشى مع المطالب الموجودة.. تأتى بالدكتور محمد غنيم لوزارة الصحة.. محمد أبو غار للتعليم العالى.. أحمد جمال الدين وكان وزيرًا للتربية والتعليم وتم استبعاده لأن له قريب إخوانى.. قلت له دكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء.. جودة عبدالخالق وزير التموين لأن لديه رأى فى مسألة الدعم.. قلت له فلتشكل وزارة تحالف.. ائتلاف وتحالف وطنى واسع.. عرضت عليه ما كنت أحلم به.
كانت مغامرة؟
- فى هذا التوقيت.. كانت مغامرة كبيرة جدًا.
رفضت؟
- نعم.. قال لى الفريق شفيق يعنى انت ترفض.. قلت له: بالقطع.. ونصيحة لوجه الله.. إذا أردت للشارع أن يهدأ.. يجب رحيل كل هؤلاء.. وخرجت بعد أن قلت ما يجب أن أقوله وأبلغت الرسالة.. وخرج معى فاروق جويدة وكان مطروحًا عليه وزارة الثقافة ورفض.. وبينما ننزل على السلم قالي: عندك كل الحق.
بعدها ب 3 أو 4 أيام.. كنت فى جلسة مسائية مع على ماهر السيد «رحمه الله» وكان سفيرنا فى باريس شقيق أحمد ماهر وأخوه الكبير فخرى.. تلقيت اتصالًا من فايزة أبو النجا.. قالت لى منير أخذنا بكلامك.. قالت يحيى الجمل وافق.. وأحمد جمال الدين وافق أيضًا.. وجودة عبدالخالق أيضًا وافق.. وبالتالى لا عذر لديك.. وأنهم فى انتظارى اليوم التالى.. وقلت لها كسكرتير عام حزب الوفد وقبلما أعطى رأيًا نهائيًا يجب أن أخذ رأى الحزب.. ذهبت إلى مقر الحزب وقابلت المدعو السيد البدوى وأخبرته بما حدث ومن باب اللياقة طلبت رأيه ورأى الحزب فهو رئيس الحزب، فأكد على موافقته التامة وقال لى «مش بس» تقبل.. تقبل و«تتشرط» بأنك فى الوزارة بصفتك سكرتير عام حزب الوفد.. وعدت وقلت لهم على بركة الله.. طبعًا الذى حدث بعد ذلك مع أول يوم فى الوزارة.. أنكر السيد البدوى وقال إننى قبلت الوزارة دون أن أطلعه على الأمر.
حلفت اليمين أمام المشير طنطاوى فى مبنى القوات المسلحة بشارع الطيران.. وكان إحساسًا غريبًا.. رهبة غير عادية.. شعرت كأن المبنى يهتز.. وحضرت أول اجتماع فى رئاسة الوزراء وتانى اجتماع دخلت الوزارة وفى الوزارة الحقيقة دخلت فى الجو على طول.. إداريا سارت العملية بشكل جيد وحتى الآخر وأعتقد أننى أنجزت فى وقت قليل.. المهم شعرت أن العلاقة بين المشير طنطاوى والفريق أحمد شفيق لم تكن على ما يرام.. ويوم الأربعاء 2 مارس طلب الفريق شفيق أن أذهب إليه فورا.. جمعت الملفات التى من الممكن أن يفاتحنى فيها وذهبت إليه وكان يجلس بمفرده فقال لى ما هذا؟ قلت له الملفات.. قال أريدك فى أمر آخر.. ماذا ترى؟.. قلت له دولة رئيس الوزراء الوضع غريب إما أن تتحسن العلاقة أو لا تستمر فى موقعك.. وطبعًا قبلها يوم السبت 23 فبراير بعدما حلفنا اليمين.. ليلتها ذهب إلى التليفزيون وارتكب هذه الحماقة.. حماقة.. أنت رئيس وزراء ما كان يجب أن تذهب وتدخل فى هذه المناقشات.. فلتتركهم يتناقشون وأنت «فوق» تستمع وتشاهد.. المهم فى اليوم التالى.. يوم الخميس 3 مارس عقد اجتماع مجلس وزراء وقدم استقالته واستقالة الحكومة.. ويومها وأنا أنزل سلالم رئاسة مجلس الوزراء قلت فى نفسى خسارة.. ليس خروجى من الوزارة.. فوزارة شفيق كلها استقالت.. وإنما الخسارة فى أن هذه التوليفة كان من الممكن أن تشتغل وتواجه وتحقق إنجازًا.. ومن يوم 3 مارس حتى 7 مارس أصبح ميدان التحرير هو الذى سيقرر.. من هنا إلى هنا كان اختيار د.عصام شرف.
وهل كان مقصودًا أن يكون الميدان هو الذى يختار الوزراء ورؤساء وزراء؟
- فى هذا الوقت كانت جماعة الإخوان قد سيطرت.. بلا شك.. والقرضاوى يخطب والميليشيات فوق الأسطح.
كيف شعرت وأنت ترى مشهد القرضاوى يخطب فى الناس من منصة ميدان التحرير.. وهل هذا يحدث فى مصر؟
- لم أكن موجودًا يوم الخطبة.. ولكن فى يوم من الأيام وقبل أن أدخل الوزارة وكنت أذهب إلى الميدان يوميًا.. لمحنى القيادى الإخوانى محمد البلتاجى فأخذ يدى فى يده وذهب يطلب مصورين.. بالطبع يريد أن يرسل رسالة.. يكسب أرضية.. هل كانت موجهة؟.. بالطبع كانوا مسيطرين.. المشهد كان يختصر الموقف على الأرض.. خطبة القرضاوى وبعدها جمعة قندهار كان مشهدًا فظيعًا.. ولكن فى نفس الوقت كانت هناك صور جميلة جدًا.. مظاهرات ترفع المصحف والصليب.. تجد يوم الجمعة المسلمين يصلون فى حماية المسيحيين.
كان مشهدًا خومينيا.. هل شعرت بالقلق على البلد؟
- طبعًا.. طبعًا.. قلقت على البلد.. لا أريد أن أصدق.. لا يمكن.. لا يمكن أن يكون هذا المشهد فى مصر.. لذلك يجب أن نذكره ونذكر الناس به.. هناك فيديو أرسلته لخمسمائة شخص عن هذه الفترة وما فعلته جماعة الإخوان وحتى بؤرة رابعة.. كى نتذكر.. «مننساش بقى».. رغم أننى أحمل همًا خاصًا.. وعلى فكرة هم بيقووا ويزدادوا شعبية خاصة فى الريف.
نعود إلى وزارة د.شرف؟
- فى سنة 2005 دخلت الانتخابات البرلمانية لثانى مرة وأسقطونى بطريقة فجة.. تلقيت اتصالًا قال صاحبه: أنا دكتور عصام شرف وزير النقل والحقيقة أنا حزين جدًا أنك ستخرج من المجلس وأنت محل تقدير.. أنا لا أعرفك لكنى أتابعك.. وكان أول اتصال بينى وبينه.. وفى2010 أرسل لى أحمد عز يحذرنى من الترشح للانتخابات فى دائرة الوايلى لأنها دائرته وفيها مرشحه وأن أذهب للبحث عن دائرة أخرى.. والحقيقة لم أكن أريد الترشح لهذه الانتخابات ولكن السيد البدوى طلب منى الذهاب إلى الصعيد والترشح هناك فى بلدى.
بالمناسبة.. هل كانت انتخابات 2010 السبب الوحيد فى سقوط نظام استمر 60 سنة؟
- أحد الأسباب.. ولكنها كانت القشة التى قسمت ظهر البعير.. «شوف» انتخابات 2010 وما تلاها من ثلاث مقالات نشرها الأخ أحمد عز فى الأهرام.. ومن خطاب الأخ أحمد عز فى مؤتمر الحزب الوطنى.. أعتقد أنها القشة الأخيرة.. على فكرة أنا أقدر أحمد عز فهو ولد ذكى جدًا شاطر.. ولد لديه قدرة على العمل غير معقولة ينام أربع ساعات فى اليوم ويعمل عشرين ساعة.. ولكنه تسبب شخصيًا بإدارته لانتخابات 2010 فى انهيار هذا النظام.. وتسبب هو وآخرون فى إعطاء الانطباع العام بأن الذى سيخلف «حسنى مبارك» هو جمال حسنى مبارك، فتسبب فى انهيار هذا النظام.. سواء كان حق أو باطل.. كان مشروعًا نراه ولكن لا أحد يعترف به.
من كان صاحب هذا المشروع.. مشروع خلافة جمال مبارك للرئيس حسنى مبارك؟
أولا.. أسامة الباز «الله يرحمه».. وإبراهيم كامل وهو حى يرزق.. وكلما أراه أقول له أنت السبب.. ثم الذى تلقف هذه الفكرة وعمقها ونشرها وسيسها وعمل على أساسها هو أحمد عز.. والبلد رفضت.. «مينفعش» بغض النظر عن قيمة جمال.. إنما هناك حسابات أخرى.
ترشحت عن دائرة أخرى.. دائرة جرجا بمحافظة سوهاج؟
- فى انتخابات 2010.. ذهبت إلى بلدنا جرجا فى أواخر أغسطس والانتخابات كانت فى نوفمبر.. ذهبت وأقمت ولفيت.. وجددت العلاقات.. ويوم الانتخابات العملية كانت تسير «زى الفل».. ويوم الفرز.. مبروك مبروك.. خلاص نجحت ولندن أذاعت فوزى.. دخلت أنام.. 3 صباحا تلقيت اتصالًا «ألو منير بيه فينك.. إيه فى البيت.. مين معايا.. أنا العميد فلان أمن الدولة.. لا لا فيه طعون.. هو فيه طعون بعد الفرز سيادة العميد الطعون قبل الفرز.. متضيعش وقت.. تعالى سعادتك قوم روح شوف المستشار فيه 4 صناديق بيطعنوا فيهم.. طيب 4 صناديق هتغير حاجة يا سيادة العميد.. قالى آه فرق كبير جدًا 4 صناديق.. يا منير بيه أرجوك سيب كل حاجة وانزل.. حاضر ونزلت».. ذهبت إلى سيادة المستشار وقلت له يبدو أن هناك طعونًا فى أربعة صناديق.. قال لى 24 صندوقًا.. قلت له «أفندم» قال 24 صندوقًا.. قلت له شكرًا خلاص فهمت.
رفض أنصارى وقالوا ننتظر ونتحدث.. فقلت لهم ماذا سننتظر وعن ماذا سنتحدث؟.. واضحة جدًا.. عدت للمنزل وقلت لهم لن تكون هناك إعادة.. انسوا.. غدًا سأنزل وألف وأشكر الجميع وبعد الغد سنرجع للقاهرة وعدت إلى القاهرة.. وفى اليوم التالى ذهبت إلى الحزب لأجده عبارة عن حائط مبكى للمرشحين الذين سقطوا.. فاجتمعنا الهيئة العليا فى قاعة المؤتمرات لنتباحث حول الموقف.. واحد اقترح وليس أنا.. أن نقاطع المرحلة الثانية.. طيب نستمع للذين نجحوا وكانوا 7.. منهم فؤاد بدراوى ومنهم رامى لكح ووافقوا على مقاطعة المرحلة الثانية..نظمنا مؤتمرًا صحفيًا واعلنا المقاطعة وعدت إلى منزلى.
كنا شتاءً.. وفى الخامسة مساءً كنت أتصفح الجرائد فى هدوء بالغ.. والأمر غريب جدًا أننى لم أشعر إطلاقا بالضيق من الصور.. بالرغم من أن العملية مؤلمة خصوصًا أنت فى بلدك وبين أهلك.. صعب قوى.. تلقيت اتصالًا من رقم غير معروف.. قدم صاحبه نفسه بأنه اللواء حسن عبدالرحمن (مدير أمن الدولة).. وقال لى «فى الحقيقة أنا بكلمك لأرضى وطنيتك.. والقرار الذى اتخذتموه بمقاطعة المرحلة الثانية للانتخابات قرار يهدد الأمن القومى المصرى.. فأنا أرجوك أن ترجعوا فى هذا القرار».
ألم يكن مفروضًا فى هذه الحالة أن يكون صاحب الاتصال رجل سياسة؟
- طبعًا.. ولكن هكذا كانت تدار الدولة.. طلبت من اللواء حسن أن يتحدث مع رئيس الحزب لأن القرار اتُخذ من رئيس الحزب.. وإن كان هناك من سيرجع فى القرار فهو رئيس الحزب بعد عرضه على الهيئة العليا.. وهذا القرار عُرض فى اجتماع الهيئة العليا منعقد قانونيا.. وفعلا بدون دعوة.. إنما عدد أعضاء الهيئة العليا الذين كانوا متواجدين يومها دعا لهذا الاجتماع يوم السبت 6 يونيو.. فأنا عارف بقول إيه.. وقلت له لا تعتقد أننى صاحب اقتراح المقاطعة.. فقال لى «معلش» على الذى حدث معك وسنعوضها لك.. فقلت له ما الذى حدث.. وهل كنت فى عمرى قد طلبت شيئًا من أحد.. ما معنى ستعوضها لى.. أرجوك انسى هذه الكلمة تمامًا.. ومع ذلك أحب أن أقول لك إنى لست صاحب القرار إنما مؤيد لهذا الاقتراح.. وبالقطع ليست لدى القدرة على تغيير هذا القرار.. وإن أردت التحدث مع أحد فلتتحدث مع السيد رئيس الحزب وأرجوك «اوعى» تعتقد أننى سأتدخل فى هذا القرار.
طبعا انتخابات 2010 كان لها تأثير على الثورة.. طبعًا.. الذى حدث كان عملية فجة.. «طيب هحكيلك».. فى شهر يوليو أو بداية أغسطس 2010 وبعد انتخابات الوفد وإسقاط محمود أباظة بمعرفة أمن الدولة لأسباب أخرى.. والسبب الرئيسى لإسقاط محمود أباظة أننا نظمنا مؤتمر الإصلاح الدستورى فى شيراتون القاهرة.. جمعنا فيه مجموعة من أساتذة القانون الدستورى وجمعنا فيه قوى سياسية مختلفة والحقيقة كان مؤتمرًا علميًا.. بمعنى أننا كنا نعمل بشكل علمى ليس «جعجعة» ولا شعبوية.. العملية «معجبتش» خالص.. فقرروا إسقاط محمود أباظة والإتيان برجلهم لرئاسة الوفد.. تدخل أمن الدولة فى كل لجان حزب الوفد فى بحرى وفى قبلى بمساندة السيد البدوى صديق اللواء حسن عبدالرحمن.
فطلبت مقابلة زكريا عزمى الذى حدد موعدا فى قصر عابدين فدخلت قصر عابدين لأول وآخر مرة.. وحكيت له ما حكيت.. فسألنى: «على فكرة» فى الانتخابات البرلمانية القادمة كم مقعد سيحصل عليه الإخوان..؟ قلت له يا دكتور زكريا هل تعتقد أنى سأجاريك فى تزوير الانتخابات.. لن يحدث.. لا يليق.. رد قائلا: لا.. فقط أريد رأيك.. أحمد عز يريد أن يحصلوا على صفر.. قلت له «إيه».. فأعاد عز يريد أن يعطيهم صفر.. قلت له فضيحتكم ستكون «بجلاجل».. ففى تاريخ الانتخابات البرلمانية كلها لا يمكن أن نجد حزبًا كان قد حصل على 70 أو 80.. وفى الانتخابات التى تليها يحصل على كرسى صفر.. مش ممكن.. يعنى لو أساء الأداء يحصل على 40 أو 30 أو حتى 20... إنما صفر.. لا يمكن.. ستصبح فضيحتكم بجلاجل.
ماذا كان يقصد أحمد عز بهذا التزوير.. وعمليا الحزب الوطنى له الأغلبية الساحقة فى البرلمان؟
- يقصد أن يقول إنه لا وجود للأحزاب إلا للحزب الوطنى.. الحزب الذى نجح نجاحًا منقطع النظير والدليل أنه تم بيع كذا عربية وكذا تكييف وهذا دليل على زيادة الاستهلاك التى تعبر عن رفع مستوى المعيشة وتحسن وضع المصريين نتيجة للسياسات الاقتصادية التى ينفذونها.
من بين 530 مقعدًا برلمانيًا.. ما الضرر الذى كان سيقع على الحزب الوطنى وإقرار سياساته من حصول المعارضة على 50 أو 40 أو 30 مقعدًا؟
- حتى هذه النسبة الضئيلة من مقاعد المعارضة لم يتحملوا وجودها.. فالأغلبية الساحقة لهم كانت كافية لأداء أى شىء وأى غرض.. وهم كانوا دائمى التحدث عن أغلبية الثلثين.. ثم لو مات أحد أو انقلب يزودهم من الاحتياطى بمعنى أن نسبة ال 66 ٪ كانت توصله إلى 95 ٪.. فلا ضرر من ترك 5 ٪ للآخرين.. لمن.. للرجل المحترم خالد محيى الدين القيادة السياسية التاريخية.. بعضًا من اليساريين.
في يومى 28 و30 يناير ويوم 10 فبراير وبقية الأيام الساخنة فى 2011.. أين ذهب أعضاء الحزب الوطنى وهم 5 ملايين عضو كما كانوا يعلنون؟
- هؤلاء جماعة مستفيدين.. تقصد 5 ملايين مستفيد.. أين الخمسة ملايين الذين لديهم الاستعداد للمكافحة، للمقاومة.؟. قالوا سننظم مظاهرة فى ميدان مصطفى محمود بالمهندسين انتهت إلى مجموعة جِمال.. نزل الرجل من منطقة الهرم بجماله فكانت «موقعة الجمل» هذا هو الحزب الوطنى.. أكذوبة.. أكذوبة كبيرة.. أمر آخر..
يوم 2 فبراير أو 3 فبراير وكان يومًا ممطرا طلبت محطة «سى إن إن» حديثًا وأرسلت سيارة وكانوا حاجزين غرفتين فى هيلتون رمسيس وأدليت بالحديث وعند عودتى وفى مدخل العمارة تلقيت اتصالا من د.حسام بدراوى وهو صديق أقدره وأحبه وهو محترم.. طالبًا النصيحة فى أنه بعد عشر دقائق سيأتيه اتصال غالبًا من صفوت الشريف ليعرض عليه تولى أمانة الحزب الوطنى.. أن يصبح الأمين العام.. يقبل أو يرفض.. سكت 10 ثوانى ثم قلت له «حسام.. المركب تغرق هل ستقبل قيادة مركب تغرق.. قطعًا ترفض».. من الناحية الثانية صمت لمدة 30 ثانية.. فأيقنت أنى أعطيته الإجابة التى لم يكن يريد أن يسمعها فقلت له حسام لقد أعطيتك رأيًا وقد يكون غير موضوعى أو منحازاً.. تواصل مع منى ذو الفقار صديقتنا الثالثة واطلب رأيها.. وحدث معه ما حدث.
قلت لى إن الدولة وحتى وزارة د.عصام شرف كانت تسير بقوة الدفع الذاتى؟
- تشكلت وزارة عصام شرف خرج وزراء وبقى آخرون منهم وزير المالية د.سمير رضوان وكان من ترشيح د.يوسف بطرس غالى.. بدأت الدولة «تفك».. أولا الاضطرابات فى المصالح الحكومية.. مطالب فئوية لا حدود لها.. كل يوم مظاهرات أمام مجلس الوزراء من فئات مختلفة.. الحاصل على ماجستير وبيعمل فى غير اختصاصه والذى لا يعمل.. عمال مصانع.. والعاملون دون تعيين.. البلد «فكت».. غاب الأمن تمامًا.. وكان وزير الداخلية وهو رجل فاضل اللواء منصور العيسوى متحمسًا ولكن الظروف وقتها مستحيلة.. ومن القرارات التى اتخذت على سبيل المثال لكى تتوقف المظاهرات تعيين كل المؤقتين، وما ترتب على ذلك من أعباء مالية لا طاقة للموازنة بها.. قرارات كانت ردود أفعال لما يحدث فى الشارع.. ولا يمكن إدارة بلد بهذه الطريقة.. كانت كارثة. الفلوس بدأت تخرج من البلد والأموال التى تنسحب وتتهرب.. الاحتياطى الذى كان تقريبًا 36 مليارًا بدأ فى التآكل.
حالة كارثية؟
- وتشعر أن الدولة بدأت فى الانهيار.. حركة محافظين.. الحكومة تعين محافظًا لقنا تقوم مظاهرات لأنه قبطى.. تليها أعمال شغب وقطع طريق وسكك حديدية.. ماذا نفعل؟.. كانت هناك لجنة مشكلة من بعض الوزراء.. إذا حدث حادث تجتمع اللجنة ونذهب لوزارة الدفاع نلتقى بالمشير والمجلس العسكرى.. وكان المشير ينتظر أن يتحدث أحد بالتراجع عن القرار.. فطلبت الكلمة وقلت الدولة على المحك وإن تراجعنا اليوم المظاهرات ستزيد وسيحدث هجوم على أى قرارات تتخذها الحكومة، فقال لى المشير طنطاوى.. أستاذ منير أنت صعيدى.. هل تعلم كمية السلاح الموجودة فى الصعيد؟.. هل تريد من الأجهزة الأمنية أو حتى الجيش التدخل فتحدث مواجهة تتقلب إلى مذبحة..؟ هل أنت مستعد لتحمل هذه المسؤولية؟
فضلا عن التحريض من الإخوان؟
- طبعًا.. كان يريد الإخوان بل كانوا يدفعون إلى هذه المرحلة.. مرحلة المواجهات بين الدولة والشارع.. بين الأجهزة الأمنية والجيش وبين المتظاهرين.. وكان الجو مؤهلا لذلك.
توليت حقيبة السياحة فى وقت اضطرابات هى بالضرورة ضد حركة السياحة.. ألم تكن مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة؟
على فكرة.. عدد السياح الذين دخلوا مصر سنة 2011 كان 10 ملايين وكسور.. ضعف عدد السياح الذين دخلوا مصر اللى دخلوا مصر سنة 2013 وسنة 2017.. لأنه فى 2011 كان هناك إعجاب شديد بمصر والثورة.. وهذا الشباب الرائع الذى نزل إلى ميدان التحرير وأسقط الديكتاتور والنظام الدكتاتورى.. كان هناك إعجاب شديد لدرجة أن رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد جاء وأنا وزير سياحة يطلب زيارة المكان الذى كان فيه الشباب وأخذته فى زيارة إلى ميدان التحرير لأنه أراد رؤيته ورؤية أين كانت الناس تجتمع وهكذا.. والتقط هناك صورا تذكارية وكأنه بازار.
2011/2012 السنتان الذين كنت فيهما وزيرًا للسياحة عدد السياح اللى دخلوا مصر لم تتأثر النسبة بشكل كبير لأنه فى 2010 وكان الرقم الأعلى 14 مليونًا و800 ألف سائح دخلوا مصر.. الإيراد منهم 12 مليار دولار فنزلنا من 14 إلى 10 وهو ليس تأثرًا كبيرًا بالقياس بالأحداث فى هذا الوقت.. أما 2016-2017 وهى فترة ليست ببعيدة أصبحت 4 أو 5 ملايين.. وكانت الأحوال قد ثبتت والأمن قد استتب وخلافه.. لأن صورة مصر قد تغيرت فى العالم.. فبعد المظاهرات الفئوية وأحداث الإخوان.. تغيرت صورة مصر فى العالم ولم تصبح الحالة المصرية حالة انبهار وثورة شباب.. إنما نظرة عدم استقرار.. انهيار أمنى.. أهداف غير نبيلة.. وصور جمعة قندهار وأنا عشتها.. ممارسات الإخوان والكلام أننا نجلب السياح من إيران والكلام الفارغ الذى حاولت جماعة الإخوان تنفيذه خلال ال12 شهرًا من حكمهم.
نزلنا إلى 4 ملايين بسبب الصورة الذهنية عن مصر تغيرت.. الصورة الذهنية لدى الناس أن مصر أصبح «دمها ثقيل».. فلكى تذهب لزيارة بلد كسائح لابد أن يكون الانطباع السائد عن البلد.. أنها بلد لطيفة وشعبها «لذيذ» كى تسعد بإقامتك.. ولكن لا لم تكن هذه النظرة من الخارج إلى مصر.. والذى حدث أن النظرة لمصر من الخارج تغيرت وتحول الإعجاب والانبهار فى فترة قصيرة جدًا إلى انطباع سلبى جدًا وبالتالى قلت الأرقام إلى هذا الحد.. واحنا دخلين الأيام دى مشاء الله «امسك الخشب» على منحنى تصاعدى مبشر جدًا للسياحة.
والشارع؟
الشارع لا يريد أن يهدأ.. الشارع كله فى نار.. فوران لا يجد أمامه سلطة توقفه.. المظاهرات تريد اقتحام وزارة الداخلية ويومها ثار منصور العيسوى «اتشنج» وقال «هضرب بالنار».. «هضربهم بالنار».. وأحداث ماسبيرو كانت كارثة.
ما الذى حدث فى ماسبيرو؟
- قبلها كانت أحداث كنيسة أطفيح بالجيزة فى مارس 2011.. اتصل بى اللواء طارق المهدى وكان مسئولا عن التليفزيون بعد أن تظاهر مجموعة من الأقباط أمام المبنى وطلب منى التدخل، فذهبت إليه وطلب منى النزول إليهم وبالفعل تحدثت مع المتظاهرين وقلت لهم عندكم حق سنجد حلًا للموضوع وبالفعل استجابوا وانتهى الأمر.
أما فى يوم 30 سبتمبر 2011.. كنيسة «الماريناب» بأسوان.. فالجماعة الأقباط ادعوا أنها مرخصة والمحليات قالت إنها بدون ترخيص واتضح أنها كانت على حق فى أنها غير مرخصة.. إنما كانت موجودة وكانوا يصلون فيها.. وقتها أرسل لى مطران أسوان ملفًا يقول لى أنها مرخصة والدليل أنه فى 6 يناير بالليل من كل عام يصلون هناك.. اتصلت بالمحافظ اللواء مصطفى السيد فأحال الموضوع إلى النيابة.. وأخذت العملية حجماً أكبر مما كانت تستحق.. فتظاهر بعض الأقباط فى القاهرة.. ويوم 9 أكتوبر بعد الأزمة بتسعة أيام.. تظاهر مجموعة من الأقباط فى وقفة أمام مبنى التليفزيون فى ماسبيرو، فحدثت الكارثة بعد أن اصطدموا بالأجهزة الأمنية والشرطة العسكرية التى كانت تتولى حماية المكان بسبب «فلتان» الأعصاب... الساعة 8 مساء هذا اليوم اتصال من مجلس الوزراء يطلب مجيئى على وجه السرعة.. فنزلت فورًا من بيتى بسيارتى الخاصة متجها إلى المجلس وفى الطريق عندما ترى مشهد راكبى «الموتوسيكلات» من حيث عددهم وشكلهم فى الشوارع.. تشعر فورًا أن هناك شيئًا غلط فى البلد «رايحين فين.. بيعملوا إيه.. مين معاهم.. ليه».. شىء غير معقول بالمرة.. وصلت مجلس الوزراء وجدت عددًا من الوزراء منهم عماد أبو غازى وزير الثقافة بيقول إن هناك أمرًا كارثيًا يحدث ونحن نتحدث الآن مع مذيعة فى التليفزيون.. ماذا نفعل.. نوجه رسالة للشعب.. وقررنا الذهاب إلى مبنى التليفزيون.. والقى رئيس الوزراء بيانًا مرتجلًا تشعر معه بخوف من الدولة وجهل النظام.. الحقيقة حاجة تبكى.
كيف وصلت مصر إلى هذه الحالة؟
- بسبب الفراغ.. فقد أفقدت قيمة كل الأطراف الموجودة فى الساحة السياسية.. ليست هناك قيمة تاريخية.. ولا مؤسسة وحزب يملأ الفراغ فى الساحة.. وليس هناك خطاب مقنع.. فراغ.. والطبيعة تكره الفراغ.. وبالتالى يتقدم الدهماء لملء هذا الفراغ.. اللاقانون.. اللا نفاذ للقانون.. اللا أمان.. اللا قوة.. انعدام الخطاب المقنع.. انعدام الإيمان برسالة.
هل حدث نوع من التحريض؟
- لا أعتقد.. لأنه فى يناير 2011 شعر الأقباط بأنهم تحرروا من سيطرة الكنيسة عليهم.. وتتذكر أن البابا شنودة كان قد منع الأقباط من الخروج فى مظاهرات ولم يمتثلوا لهذا الأمر على خلاف ما كان من قبل.. وخرجوا فى مظاهرات وأخذوا موقفًا فى هذه المظاهرات وهو الموقف الذى كان محل إعجاب الجميع خاصة أيام الجمعة حينما كانوا يحمون المصلين المسلمين أثناء صلاة الجمعة وكانوا يرفعون المصحف والصليب فى أكثر من مشهد.. فالأقباط فى هذا الوقت شعروا بحقوقهم الوطنية بحقوق المواطنة.. فمن ناحيتهم لا أعتقد أنه كان هناك تحريض.
ربما أطراف أخرى كانت تدفع للمواجهة؟
- الأحداث الطائفية وقتها كانت متكررة وباستمرار وحادث كنيسة أطفيح لم تكن أول حادثة فقبلها كانت كنيسة الوراق بمعنى أنه كان هناك أكثر من حادث طائفى.. بالقطع هذه العملية كانت مخططة وبالقطع كانت جماعة الإخوان يوجهون بها ويدفعون إليها.. أحداث فى أربع أو خمس أو ست كنائس متتالية.. أسابيع تفصل بين كل هذه الأحداث وبعضها.. أحداث كانت مدبرة ومخططة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.