يحتل الفنان أحمد نوار مكانة بارزة فى الفن المصرى المعاصر، ولذلك ليس غريبًا أن تذهب إليه هذا العام جائزة النيل للفنون.. فهو مبدع كبير وصاحب تجربة فنية ثرية، ويساهم فى حركة الفن فى مصر منذ ستينيات القرن الماضى، وكانت أعماله تعبيرًا عن القضايا الوطنية، كما كانت له إسهامات كبيرة فى العمل العام. يملك الفنان نوار موهبة نادرة فى الجمع بين المناصب التى شغلها فى وزارة الثقافة وبين إبداعه كفنان يزاول فنه ويحافظ على مشروعه الإبداعى من خلال إقامة المعارض لأعماله سنويًا. أقام الفنان أول معارضه وهو طالب بالفنون الجميلة بأتيليه القاهرة، ثم كان مشروع تخرجه عام 1967، حيث رسم لوحة كبيرة عن يوم الحساب بمساحة 30 مترًا وهى مرسومة بالقلم الرصاص، وتصور مشاهد استوحاها الفنان من الكتب السماوية والقصص الدينى ليوم الحساب، وكان ترتيبه الأول على دفعته وعُين معيدًا بكلية الفنون قسم الحفر وهو يقول أنه استفاد كثيرًا فى تلك الفترة من أساتذته الحسين فوزى رائد من الحفر وأيضًا من الفنان عبدالله جوهر. كانت انطلاقته الفنية مع لوحة مهمة أطلق عليها اسم «استعداد وترقب» وهى تعبر عن المقاتل المصرى المستعد لاسترداد سيناء، وفازت هذه اللوحة فى بينالى فى إسبانيا بالجائزة الأولى، وكان يستعد للسفر لإسبانيا للدراسة فى منحة ولكن بعد حرب 1967 صدر قرار بإلغاء السفر وكان دوره فى التجنيد على الجبهة عام 1968 فى سلاح القناصة بمنطقة الدفرسوار، ويعاصر الفنان حرب الاستنزاف ويجد نفسه أمام العدو وجهًا لوجه لمدة عامين حيث صدر قرار بتسريح المعيدين حتى لا تتوقف العملية التعليمية بالجامعات. كانت تجربة حرب الاستنزاف من أهم سنوات حياة الفنان فقد كانت الينبوع والإلهام لأعماله الفنية فيما بعد. يسافر الفنان نوار فى منحة دراسية لإسبانيا ويلتحق بأكاديمية سان فرناندو وكان أساتذته من أهم الفنانين فى إسبانيا، زار الفنان معظم المدن الأسبانية، حيث فى كل مدينة متحف، وأقام الكثير من المعارض هناك ومن إسبانيا سافر إلى معظم دول أوروبا، كانت إسبانيا محطة الانفتاح على الفن الأوروبى ويعود عام 1975 محملاً بخبرات فنية مدهشة ولم تنقطع صلته بإسبانيا فهو يسافر كل عام ويقضى بها أربعة أشهر ليرسم ويعود بالجديد، وأسلوبه مستلهم من ثقافته وانفتاحه على الغرب. بعد عودته يعمل أستاذًا للحفر بكلية الفنون، كان همه هو كيفية نقل خبراته لتلاميذه، وكان يحمل لهم صور اللوحات التى شاهدها فى إسبانيا. كانت بدايته مع العمل العام عندما كلف عام 1982 بتأسيس كلية الفنون الجميلة بالمنيا، وبعد ستة أعوام يكلف برئاسة قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة واستطاع عمل متاحف جديدة وأنشطة دولية، ثم يكلف برئاسة المتاحف الأثرية لمدة أربعة أعوام ثم رئيس إنقاذ آثار النوبة وأتم مشروع متحف النوبة ثم ثلاث سنوات رئيسًا للهيئة العامة لقصور الثقافة بعد أن قضى 17 عامًا رئيسًا لقطاع الفنون التشكيلية. لم تثنه المناصب التى تولاها كمسئول الفنون التشكيلية عن الإبداع وإنتاج لوحاته، عبر فى أعماله عن القضايا الوطنية مثل السد العالى وفلسطين وحرب فيتنام والتفرقة العنصرية فى جنوب أفريقيا. وكانت لوحاته تعبير عن مصر مثل أعماله عن الأهرام ووجوه الفيوم التى رسمها بالأبيض والأسود فقط على الورق. قدم الفنان نوار معارض بأسماء «العبور» عام 2009 و«الشهيد» عام 2014 وهما تعبيرًاعن معايشته لحرب الاستنزاف وفى لوحات الشهيد نرى الضوء الأبيض ما هو إلا تعبير عن روحه وفى بعض اللوحات نرى دوائر تمثل العجلة تعبيرًا عن استمرار الحياة مع الشهيد، وفى لوحة أخرى نرى الشهيد الطائر فى السماء يعزف حروفًا موسيقية بلون علم مصر. الفنان نوار دائم التجريب أسلوبه تجريدى هندسى وبه مفردات من الرموز، يستلهم أحيانًا التراث بلغة معاصرة وهو مهموم بالتعبير عن قضايا وطنه. منذ سنوات قليلةعرض مجموعة رسوم لمشاهد مختارة من الحجاز والصين بالأبيض والأسود بدرجاته، حيث قدم رؤية تجريدية للمشهد، عكست هذه الرسوم مهارته وقدرته على الاختزال بطريقة مدهشة. يقول الفنان «نوار» «الثقافة البصرية مهمة للناس لأننا يجب أن نرى الجمال بدلاً من القبح، وهذا ينعكس على وجدان الناس». نالت أعمال الفنان الكثير من الجوائز داخل مصر وخارجها، مثل جائزة الدولة التقديرية فى الفنون والتى حصل عليها عام 2013.