كتبت: ندى عبدالله هى وأنا ... يقولون أننى أشبهها.. كم أشعر بالفرحة والفخر وحب لنفسى لذلك.. أصواتنا متشابه ويربك هذا الكثيرون عند سماع صوتى فى الهاتف المنزلى ويعتقدون أننى هى، ولم أكن أصحح لهم، فيستمرون لدقائق فى التحدث فى موضوعات وحكايات حتى أضحك فيدركون ويضحكون. أشبهها فى طريقة تفكيرنا المتقاربة والمختلفة عن الآخرين، أناصر مثلها حقوق الإنسان وخاصة حقوق النساء والأطفال والتى أكتسبتها منها، وطريقة سردنا للقصص من لغة الجسد إلى طرق تسلسل الأحداث، ووعينا المتشابه تجاه العالم والآخرين، وملاحظة التفاصيل الصغيرة بتلقائية وطفولة، يتعجب لها الكثيرون كقراءة ورقة ملقاة بأهمال فى الشارع، أو متابعة طيرانها فى الهواء أو ترتيب الأشياء، أو شقوق متعرجة فى الحوائط القديمة، أو التركيز فى ملامح الأشخاص فى الشارع، أو ربما نسج حكايات حول تفاصيل الحوارى والمبانى والبيوت والأشخاص وحيواتهم خلف الجدران. توثق أمى دوما تلك التفاصيل فى ذاكرتها، من خلال التصوير الفوتوغرافى الذى تحبه ومن خلال كتاباتها وحكيها لقصصها الإبداعية، التى تركت فيها بصمتها المتميزة التى يعرفها كل من يقرأها دون قراءة اسمها . أمى، الكاتبة والنسوية عفاف السيد، أراها منارة للمحبة والأستنارة، مدربة حكى وكتابة إبداعية، نقلت تجاربها على مدار سنوات إلى أخريات وآخرين يدربون حاليا وآخرين أصبحوا كاتبات وكتابا معروفين، بدأت مع الفتيات والنساء المهمشات فى صعيد مصر فى نهاية التسعينات، وحتى الآن، واللاتى يواجهن أفكارا اجتماعية ذكورية لمحاولة إفشال كل ما هو مستنير. تركز أمى فى ورش الحكى والكتابة الإبداعية مع المتدربين من الفتيات والشباب، على « الذات « و«الوعى» داخل السياقات الإجتماعية والثقافية، وتبادل الخبرات والمساندة والدعم، انضممت لورشة منها، ساعدتنى على المستوى النفسى وعلى الكتابة وعلى التواصل مع ذاتى ومع الآخرين بصورة أنضج وأكثر هدوء ومحبة. بينى وبينكم أحيانا كثيرة أقف بعيدا وأراقب أمى وأشعر بالفخر وبالسعادة، لأنها تفعل ما تحب وهو دعم وتوعية ومساعدة الآخرين، وأحب أن أقوم بتصويرها لأوثق تلك اللحظات فى ذاكرتى، أصورها وهى تشرح لنقل كافة خبراتها ومحبتها ووعيها للمتدربين وطلابها، أراها فى صورة نوارانية خلقها الرب لإنارة روح الآخرين بالمحبة والوعى . أرى فى عيون الآخرين تساؤلات وتعجب من محبتى وأحترامى وفخرى بأمى، ومدى تقبلى بل سعادتى لخوفها الكبير على، ومدى أرتباطى النفسى والروحى بها، لكنهم لا يعلمون مدى ترابط روحانا، وإحساسنا الدائم ببعضنا، حتى إنى فى كثير من الأحيان أشعر أنها ابنتى ولست أنا أبنتها لشدة خوفى ولقلقى الدائم عليها. نوثق ذكرياتنا ووجودنا معا بالصور، أشاركها اللقاءات العامة والخاصة بحقوق النساء والأطفال، والمناسبات العائلية والخروج والتمشية معا، والحكى فى الأحداث اليومية فى البيت، ولا أستطيع أن أنسى وجود أمى بجانبى لحصولى على الماجيستير، كنت متحمسة لحصولى عليها لأسعدها وأجعلها فخورة بى، وهى تسعى بكل جهدها لحصولى عليها، بتذليل العقبات وبالمعلومات والارشاد والمساعدة، وفى يوم المناقشة أعدت كل الترتيبات والتفاصيل، المعلومات وترتيب القاعة وتهدئتى قبل المناقشة، لم أنس نظرة فرحتها وفخرها عندما أعلن المناقشون حصولى على الماجيستير، فرحتها عندى بألف رسالة ماجيستير. أفخر أن يكون اسمى «ندى بنت عفاف»، وسأنجب يوما ابنة وأسميها «عفاف» أو «ورد» كما تحب أن تسميها وتكتبها فى قصصها، منذ صغرى أنا وأخى كنت أراها دوما تدافع عنا، وعرفت عندما كبرت ما قامت به للدفاع عنا وحمايتنا، أمى مصدر قوتى وسندى، تشجعنى على النجاح وتدعم قراراتى وتحمل مسئولة أتخاذها , فهى دوما تحوطنى أنا واخى بكل ود ومحبة، أمى صديقتى وأبنتى، التى أستطاعت قاومت الصعوبات لتحقق ذاتها وتربينى أنا وأخى على الأحترام والمحبة والوعى وتحمل المسئولية والشجاعة فى الرأى والأختلاف ومساعدة وتقبل الآخر. اؤمن أن الله خلقنا بأشكال وحيوات وأجساد مختلفة فى ازمنة مختلفة وأعرف انها «هى » بالنسبة لى فى كل مرة، وربما فى بعض الحيوات السابقة تبادلنا الادوار وأصبحت أنا هى وهى أنا، احتمالات خوفنا وفرحنا ومحبتنا إلى بعض البعض متبادلة بنفس القدر والكيفية، ربما هى اكثر أو ربما انا اكثر لا اعلم، فأنا هى وهى أنا، روح واحدة وأراد الله أن يختبرها فقسمها لجسدين.. أعلم دوما أن الله يحبنى وكم أنى أحب الله وممتنة إلى رحمته وعظمته ولطفه دوما لخلقه لأمى ولمنحى ابتسامة روحها وإحساس الفخر والمحبة منها وإليها. إلى ابنتى وصديقتى المحبة المحبوبة.. أمى.. العظيمة الجدعة القوية الصافية المبدعة الطيبة ورفيقة الروح عفاف السيد.. سأظل دوما وأبدا بكل فخر ومحبة «ندى بنت عفاف». •