فى الربيع تتفتح الزهور، وتتزاوج الأشجار، وتتكاثر الطيور، وترتدى الطبيعة أجمل الألوان لاستقبال أرق النسمات، لكن الغريب أن كل هذه النسمات الربيعية والمشاعر المبهجة تصيب بعض النساء بالاكتئاب؟! لا يتغنين به، ولا يحببنه.. عبيره بالنسبة لهن خانق، وهواؤه ليس بالعليل، يسيطر عليهن بالحزن والكآبة، قبل مجيئه يستعددن له بالأدوية المضادة للاكتئاب، إنهن كارهات الربيع، اللاتى لا يحببنه ولا يطيقنه. فقد أثبتت إحدى الدراسات البريطانية أن نصف البريطانيين يعانون من الاكتئاب بسبب الانتقال من فصل الشتاء إلى الربيع وأثبتت العديد من الدراسات أن أفضل علاج لهذا المرض الموسمى هو جرعات من الضوء الطبيعى لإعادة ضبط تلك الساعة الخفية التى تكمن داخل جسم الإنسان، ويكفى الجلوس أمام مصدر ضوئى جيد لمدة عشرين دقيقة يوميا مع ممارسة الرياضة فى الأماكن المفتوحة. اكتشف الباحثون فى دراسة جديدة عن تغيير الفصول وحالات الاكتئاب أن بعض النساء يزداد نشاطهن العقلى فى هذا الموسم لدرجة الهوس وعشق تغيير كل ما تقع عليه نظرهن من ديكور البيت إلى طريقة ارتدائهن الملابس حتى شعر المرأة لا ينجو من تغيير ألوانه! أنا واحدة ممن يعانين من الاكتئاب فى هذا الموسم من كل عام، أفقد شهيتى للكتابة والقراءة والطعام والفرح وكل شىء من مفردات الحياة الطبيعية. رنا محمد مصطفى - صيدلانية - تحكى أنها لا تحب دخول فصل الربيع على الإطلاق، وتحب فصل الشتاء أكثر، المطر والغيوم، لكن الربيع خانق بالنسبة لها فتقول: «الجو يكون حاراً جدا، والمواصلات والزحام والجو يكون خنيقاً جدا، ويوم شم النسيم من أكثر الأيام التى لا أطيقها ولا أعلم سبب الاحتفال به، أنا عن نفسى أعانى من حساسية فى الجيوب الأنفية والحلق و الأتربة والخماسين التى تهل فى الربيع فتؤثر على سلبا وتجعلنى أنام فى المنزل ولا أتحرك، ناهيك عن كم الأدوية والصداع، أنا أكره الربيع جدا وقبل أن يهل أكون حزينة ومخنوقة. فأنا أستعد له بالأدوية، وأتوقع أن أقع فريسة للمرض فى أى يوم من أيامه. نفس الشىء بالنسبة لنهال عبدالحليم - طالبة بكلية الآداب جامعة عين شمس فتقول: وأنا صغيرة فى الصف الثالث الابتدائى وقعت فى فناء المدرسة وكسرت رجلى وكان قبل يوم شم النسيم بيوم واحد، ولم نستطع الخروج للفسحة كما كان والدى رحمه الله يفعل، وظلت الأسرة كلها فى المنزل وكان الجو كئيبا، ومن ساعتها وأنا لا أحب الربيع لأنه يذكرنى بهذا الجو الكئيب وصراخى ووجعى ورجلى التى كنت متخيلة أنها قطعت ولم أفهم أنها موجودة داخل الجبس. صديقتها رؤى عبدالله تكره الربيع لسبب آخر فتقول ضاحكة: لا أحب الربيع لأنه يذكرنى بقرب الامتحانات والمذاكرة وأيام السهر والحر، وتعب الأعصاب والإرهاق وخاصة قبل الامتحانات بأسبوعين تكون أسوأ فترة فى حياتى، وأشعر بالاكتئاب يسيطر على كل مشاعرى وأحاسيسى. • اكتئاب موسمى وعن اكتئاب الربيع يتحدث الأستاذ الدكتور عماد مخيمر - أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق - قائلا: فى الفترة التى تسبق اختلاف الفصول وليس الربيع فقط وتقلب الجو من حار إلى بارد والعكس يؤثر على نفسية البعض بما يسمى «الاكتئاب الموسمى»، ما يعنى اكتئاب تقلب الفصول. ويشرح د.مخيمر قائلا: «المشكلة أن يكون الشخص معتاداً على مناخ معين وملابس معينة، واختلاف الجو يمثل له مشكلة، فلا يحب الجو أو الفصل عامة مثلا: دخول الشتاء وقصر فترة النهار وفترة الليل تصبح أكثر طولا، والشخص معتاد على النهار والحيوية والانطلاق فيكتئب عند دخول الشتاء، وهكذا أيضا بالنسبة لدخول فصل الخريف والتقلب أحيانا كثيرة يربط بعض الأشخاص بين الخريف وخريف العمر. فتساقط أوراق الشجر يذكرهم بقرب نهاية حياتهم فيكتئبون، والحال نفسه بالنسبة لفصل الربيع، وبداية ارتفاع درجة الحرارة والجو الخانق أحيانا يمثل للبعض عائقا من الخروج ولو هم معتادون على الانطلاق فسيؤثر عليهم. • ازدواج بين الواقعين ويلفت د.مخيمر النظر إلى أنه ربما يربط الإنسان بين حادثة أو موقف معين حزين أثر على حياته وبين التوقيت الذى حدث فيه، فيكره هذا التوقيت، مثلا حالة وفاة، أو فشل دراسى، أو فراق، حمل أو ولادة، كل هذه الحوادث لو تأثر بها ربما يكره الوقت وهو ما يسمى: «ازدواج بين واقعين». • النساء والتقلبات أكثر الناس تضررا بتقلب الفصول وخاصة دخول فصل الربيع هن النساء وهو ما أكدت عليه الدراسات العلمية، فقد اكتشف الباحثون فى دراسة جديدة عن تغييرالفصول وحالات الاكتئاب أن بعض النساء يزداد نشاطهن العقلى فى هذا الموسم لدرجة الهوس وعشق تغييركل ما يقع عليه نظرهن من ديكورالبيت إلى طريقة ارتدائهن الملابس حتى شعر المرأة لا ينجو من تغيير ألوانه. وتؤكد الدراسة أن هؤلاء النسوة يصبن أيضا بزيادة ساعات اليقظة وقلة النوم لدرجة تصل إلى التشتت الذى يترتب عليه أحيانا سوء الفهم وسوء التقدير فى أمور حياتهن وعن الحلول ينصح الخبراء بالآتى: إن المرأة يمكن أن تتغلب على حالة الاكتئاب التى تصيبها عند تغيير الفصول بالتعرض إلى ضوء الشمس والخروج إلى الأماكن المفتوحة كالحدائق والنوادى الرياضية، فهذا من شأنه أن يحسن مزاجها ويحد من إفراز هرمون «الميلاتونين» الذى يسبب الكسل والنعاس، كما يمكنها تغيير بعض عاداتها للتخلص من حدة توتر المزاج كأن تأخذ يوميا حماما ساخنا يليه حمام بارد فهذا ينعش خلايا الجسم ويجدد النشاط ويمنح المرأة احساسا بالاسترخاء. وجدت دراسة جديدة أن هبوط وصعود درجات الحرارة فى الربيع (يوم بارد ويوم حار) يمكن أن يؤثر سلبا على المزاج، 27 % من أمزجة الناس تنخفض عند ارتفاع درجة حرارة الطقس- و8.7% يتأثرون سلبا بارتفاع الهطول (زخات الربيع)، وفقا لأبحاث نشرت فى مجلة العاطفة، فى أشهر الشتاء نكون فى سبات. ولكن عندما يأتى الربيع، فالجميع يخرج من تحت طبقات الثياب مع مزاج أكثر إشراقا. ويعتقد الخبراء أن شعور الآخرين بالسعادة يمكن أن يسبب لنا حالة عكسية من الاكتئاب. •