د. أمل عزت عبر ألبير كامي- الأديب الفرنسى الجزائرى الأصل- عن تجربته فى ممارسة الرياضة بقوله: تعلمت من تلك اللعبة أن الكرة لا تأتى مطلقاً من الجهة التى أنتظرها منها! لا تجهد نفسك- عزيزى القارئ- فى محاولة فهم العبارة المدهشة فألبير كامى أراد فقط أن يرصد تجربته وهو طالب كحارس مرمى لفريق جامعة وهران بالجزائر! ربما يقودنا ما ذكره الأديب الفرنسى إلى عدة تساؤلات: ما هى الرياضات التى استهوت الأدباء والمفكرين؟ وماذا كتبوا عن تجاربهم معها؟ .. كان مدهشاً لى أن أجد من خلال البحث والقراءة أن الكثيرين منهم قد مارسوا رياضات تكسر- إلى حد كبير- الصورة الذهنية عن شخصياتهم وعن إبداعاتهم! • محفوظ والمشى فى شوارع المحروسة! ذكر المؤرخ الرياضى على خضير أن الأديب الكبير نجيب محفوظ كان «حريف» كرة قدم ونجماً لدورى شوارع العباسية! إلا أن محفوظ رصد تجربته مع الرياضة فى مقال بديع قال فيه: أثناء سنوات الوظيفة كنت أنام فى الحادية عشرة مساء وأستيقظ قبل السادسة صباحاً حتى يتسنى لى ممارسة رياضة المشى.. تلك الرياضة التى حافظت عليها طوال حياتى. كنت أنزل من ترام العباسية وأسير على قدمى مروراً بشارعى سليمان باشا وقصر النيل، وبعد الزواج وانتقالى إلى شقتى الحالية فى العجوزة زادت المسافة التى أمشيها.. كانت هذه المسافة تستغرق ساعة وبعد المعاش حافظت على هذه العادة وبدلاً من الذهاب إلى الوزارة كان المطاف ينتهى بى إلى مقهى على بابا فى ميدان التحرير!» • أحمد بهجت .. ملاكماً! عشق الكاتب الصحفى والأديب الكبير أحمد بهجت رياضة الملاكمة! حلم بأن يكون مثل محمد على كلاى.. كان يقلد أسلوبه فى اللعب «يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة» هكذا اشتهر كلاى صاحب أسرع وأقوى لكمة فى العالم آنذاك! أثناء دراسته بكلية الحقوق جامعة القاهرة حصل الطالب أحمد بهجت على بطولة الجامعة بجدارة واقترب الرياضى الحالم من تحقيق إنجاز أكبر ألا وهو بطولة الجامعات، إلا أنه واجه عقبة كبيرة فى طريقه هذه المرة فقد كان عليه أن يهزم بطل جامعة الإسكندرية الذى كان يشبه جو فريزر البطل الخارق الذى أطاح بكلاى من عرش الملاكمة! كان فألاً سيئاً للبطل الشاب الذى قرر أن يستخدم سلاح الخيال لتحقيق النصر وفى يوم المباراة طلب أحمد بهجت من زملائه وأصدقائه أن يتحدثوا عنه وعن قوته الخارقة أمام الطالب المنافس، ويبدو أن سلاح الخدعة النفسية قد نجح فانسحب بطل الإسكندرية خوفاً من المصير الأسود الذى كان ينتظره لو لعب المباراة! وهكذا تُوج بهجت ببطولة جامعات مصر فى الملاكمة!.. لا أعرف لماذا لم يكمل أحمد بهجت مسيرته الرياضية ولكنه بالتأكيد كان يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة فى عالم الأدب لينتصر الخيال فى نهاية الأمر ونكسب كاتباً وأديباً من طراز خاص لن يتكرر! • الهجان على ملاعب التوفيقية! قد لا يعرف الكثيرون أن الكاتب المعروف صالح مرسى كان يعشق لعبة التنس.. اللعبة البيضاء التى لا علاقة لها بعالم الجاسوسية الذى تخصص فى الكتابة عنه!.. كان مرسى يمارس رياضته المفضلة على ملاعب نادى التوفيقية التى شهدت هزائم ساحقة ماحقة أمام صديقه المعلق والمؤرخ الرياضى الشهير عادل شريف! ذات يوم طلبت الإذاعية القديرة سامية صادق رئيس التليفزيون من زوجها عادل شريف طلباً غريباً.. طلبت منه زوجته إن ينهزم أمام منافسه صالح مرسى للمرة الأولى والأخيرة! قالت له فى حيثيات طلبها أن نفسية الكاتب ستتحسن كثيراً بعد الفوز، ومن ثم سيوافق على دعوتها للقائه والعودة للكتابة للتليفزيون المصرى مرة أخرى بعد النجاح المدوى لمسلسله (دموع فى عيون وقحة) للنجم الكبير عادل امام! وبالفعل انهزم عادل شريف بناء على أوامر الرئيسة لتشهد الدراما المصرية ميلاد المسلسل الشهير (رأفت الهجان)! • أجاثا كريستى تركب الأمواج! اختارت الكاتبة الإنجليزية الشهيرة أجاثا كريستى البحر لتمارس من خلاله رياضتها المفضلة.. ربما ليشاركها رحلتها فى الغموض والتشويق اللذين ميزا أسلوبها فى الكتابة لأكثر من نصف قرن! الغريب أن أجاثا - ملكة الجريمة- رأت فى ركوب الأمواج رياضة سهلة ومتعة عظيمة والشيء الوحيد الذى كان يزعجها هو «كان أنفى يصطدم بالرمال بعد وصولى للشاطئ!». • ج. ك. رولنج وسحر الخيال! عشقت ج. ك. رولنج الكاتبة الإنجليزية الشهيرة وصاحبة سلسلة روايات (هارى بوتر) كرة السلة.. الغريب أنها لم تستطع أن تمارسها أبداً ولكنها كانت تتابع جميع المباريات! تقول رولنج أن عشقى لهذه اللعبة جعلنى أستخدم خيالى وأصنع لعبة مستوحاة منها فى (هارى بوتر) وهى لعبة (كويدتش)!.. الطريف إن الكويدتش تحولت إلى رياضة حقيقية تُمارس فى العديد من الجامعات الأمريكية وأصبح لها قواعد معروفة وبطولات! تعقب الكاتبة ج. ك. رولنج بقولها: «إذا لم تستطع أن تمارس رياضة ما فاصنع غيرها بخيالك!».. هذه بالتأكيد ميزة لا يمتلكها غير الأدباء!. •