كم اشتقت لحبى الأول.. وأحن لأيامه.. وأتوق لاهتمامه.. وشعورى أنى أميرته المدللة.. كنت دنياه كلها.. وكان هو أيامى الحلوة التى تسندنى فى وجه الزمان. كنت لازلت ساذجة أجهل طلاسم الحياة فعرفت الحياة ربيعية خضراء كعينيه.. حبوت فى حنانه، وأحببت الحياة فى حضنه الدافئ، وتشكلت ملامحى بلمساته الرقيقة.. لقد رفعنى لألمس الأفق بأناملى زهوا عندما كان يحملنى ليصالحنى إذا غضبت، أو تساقطت دموعى دون أن يشعر بالإحراج ولو كان الناس كلهم حولنا.. لم ينس أبدا طلبا طلبته.. أو حلما حلمته كان بطلى وصديقى وضهرى الذى تحسدنى عليه صديقاتى.. كان ناجحا قويا صادقا.. كنت أغير عليه وأستحوذ على كل بسماته وكلماته وأريدها لى وحدى.. أحيانا أسمع وقع خطواته تقترب من غرفتى فيقفز قلبى فرحا وكأنى طفلة صغيرة تنتظر مفاجأة أو هدية.. فأعود بذاكرتى عندما كان يحضر لى المجلة التى أتابعها أو الشوكولاتة التى أعشقها أو شريط الكاسيت الذى قلت أنى أود سماعه، فتلك اللفتات هى ما شكلت وجدانى وعطرت أيامى.. أحيانا ألمحه أثناء سيرى وأراه بين وجوه الناس.. لكن أعود للواقع فأتجرع عذاب فقدانه والمساحة التى تركها فى قلبى.. لم يستطع حبى الجديد أن ينسينى أول حب فى حياتى وأول حضن ولمسة وقبلة شعرت معها بالأمن والدفء.. لكن حبى الأخير مختلف فى قوته وانطلاقه وشغفه.. حب فريد طار بى بعيدا عن البشر فى سماوات العشق الأسطورية تخطى كل الحواجز والأزمنة واخترق كل قوانين الطبيعة فهو الجنون والتحرر فى أقصى صورهما.. والحنان والسكون بأرق أوجه.. أعاد لى البسمة وسطعت شمسه على أيامى.. فخفق قلبى بالحب فعشقت حياتى والناس والشوارع والحيوانات والأطفال.. بمعنى الكلمة أحببت كل شىء.. وملأنى بالتفاؤل لأفتح عينى صباحا وأبدأ يوما سعيدا لا أضيع منه ثانية دون أن أكون بقربه.. جعلنى أعيش تجارب جديدة وأحيا حيوات عدة.. جعلنى أنظر لنفسى بالمرآة وأقول: أنا فرحانة.. أنا محظوظة.. أنا أحب حياتى «لقد جعلنى أسجد لربى فأشكره على اكتشافى لهذا الكم من طاقة الحب والحياة التى لم أعرف أنها تسكننى.. أحفظ تقاسيم وجهه التى حلمت بها قبل أن أراه.. أشعر به ولو كانت بيننا مسافات طويلة.. أعرف ما يفكر فيه قبل أن ينطقه وما يؤلمه قبل أن يشرحه وما يحبه، ولم لم تسعفه الكلمات.. كلما تجذبنى ذكرياتى لحبى الأول يخطفنى حبى الأخير بغيرته على من لحظات انشغالى عنه ولو بفكرى.. فتدغدغنى الفرحة وتطير بى وسط ألوان الطيف التى صبغت كيانى بألوانها السبعة وتنسينى أنى كنت أميرة حبيبى الأول المدللة.. وتعوضنى بأنى الآن الملكة المتوجة على عرش قلبه.. رحمك الله يا حبى الأول يا أبى.. وحفظك لى يا ضحكة زمانى وحبى الأخير يا ابنى. •