أبكانا وأضحكنا، عشنا معه حالات مختلفة.. أغانيه رغم السنوات مازالت تلمسنا حتى الآن.. كلماته الصادقة تسللت إلى قلوبنا دون استئذان.. عبر عن آلامنا وأفراحنا وأحزاننا.. صدق مشاعره فى كتابته للأغانى هو سر نجاحه.. يقدس الإحساس الجميل ويحترمه.. والصوت الحلو يجعله كالطير الذى يرفرف دون قيود.. هذا هو شاعرنا عماد حسن ابن الإسكندرية، التى كان لها دور كبير فى إلهامه.. فالبحر والبيئة الساحلية هما سبب تكوين إحساسه المرهف.. عندما تجلس أمامه يطلق العنان لخياله إلى أبعد ما يكون.. تغنى بكلماته العديد من الفنانين الكبار سواء من مصر أو من الوطن العربى.. وها نحن معه الآن ليحدثنا عن مشواره الفنى. • كيف كانت بداية مشوارك الفنى؟ - فى سن ال10 سنوات فى مرحلة الابتدائى.. حيث كنت وقتها أكتب كلمات حلوة .. وكانت تربطنى علاقة طيبة بمدرسة الموسيقى.. فأخذت هذه الكلمات وقامت بتلحينها كى تشجعنى.. لأنها ترى أننى موهوب.. وهذا ما كانت تتميز به الأجيال القديمة، عندما يرون شخصا موهوبا يهتمون به ويشجعونه.. لأن الحياة وقتها لم تكن مليئة بالتكنولوجيا التى نراها الآن مثل الواتس آب والنت وغيرهما.. حتى الألعاب لم يكن لدينا تكنولوجيا اللعب المتطورة الآن.. فوسائل الترفيه وقتها كانت التفوق فى الرياضة أو القراءة، كقراءة الأشعار والقصص والروايات.. وقد ساعدنى أهلى فى ذلك.. وتعهد جدى بالرعاية وحفظنى القرآن الكريم.. وكان فخورا جدا بى.. فالمصطلحات القرآنية وبلاغته كانت هى السبب فى تقوية لغتى.. حتى وصلت فى سن ال14 سنة إلى كتابة الأشعار بالفصحى.. فأنا شاعر فصحى وليس عامية. • ما أكثر المواقف التى تذكرها فى هذه المرحلة؟ - أذكر أن فى هذه المرحلة من عمرى أنه كانت توجد أمسية شعرية.. وكانت بحضور مرسى جميل عزيز وعدد من شعراء إسكندرية الكبار ليشاركوا فى هذه الأمسية الشعرية.. وخلال هذه الأمسية سمع شعرًا من الشباب الصغار الجدد ليقيمهم.. وكنت أنا واحدًا منهم وكان عمرى وقتها 11 أو 12 سنة.. وقلت قصيدة باللغة العربية الفصحى.. وبعدها انتهت فقرة الشعراء الشباب.. لأجد مرسى جميل عزيز يختارنى لأقف بجانبه على المسرح ويعلن للناس قائلا: «عماد سيكون شاعرا كبيرا خدوا بالكم منه عشان ده المستقبل ده مولود عشان يكون شاعر».. وبعدها هذا الكلام غير حياتى 360درجة.. وهذه كانت المرة الأولى لى التى أسمع فيها مرسى جميل عزيز يقول قصيدة بالفصحى.. لكنى اكتشفت بعد ذلك أنه كاتب قصيدة لفيروز «سوف أحيا ولم لا أحيا وظل الورد يحيا بالشفاه».. وفى سن ال15 سنة بدأت أشارك فى ندوات الشعراء الكبار.. شعراء من جيل الستينيات.. وكان لى شرف أنهم ساهموا فى تقديمى فى تلك المرحلة.. وفى مرحلة الثانوى والجامعة أصبحت منتشرًا على مستوى الجامعة وبدأت أكتب أغانى مسرحيات الجامعة.. حيث كان الطلاب يأتون إلى المسرح من أجل سماع الأغانى.. حتى لو لم تتسع المسرحية للغناء، كنا نحاول أن نجد لها نوعًا من الغناء للدراما المسرحية. • شاعر وخريج كلية العلوم, هل هذا كان بضغط من والديك؟ - بالفعل فإن المتعارف عليه وقتها أن الولاد يدخلون «علمى» والبنات «أدبى».. والدى كان يعمل فى مجال البترول.. وكنت أريد كلية الطب لكن المجموع لم ينصفنى، وفى نفس الوقت خفت أن أغامر وأختار الكتابة.. لأن الكتابة فى هذه السن مخيفة نوعا ما.. نظرا لمشاعر الولاد المرهفة فى هذه السن، وهذا ما قاله والدى.. لذلك قررت أن أدخل كلية العلوم وأن يكون الشعر هو موهبتى. • أنت ابن إسكندرية، فكيف صنعت منك البيئة الساحلية ورائحة اليود البحرية شاعرا عظيما؟ - الإنسان ابن البيئة التى يعيش ويولد فيها.. وأنا إسكندرانى وحياتى كلها فى إسكندرية.. وإذا ذكر بحرها ذكرت الرؤية المتسعة والخيال إلى ما لا نهاية.. وهذا ما يميز أهلها أنهم مبدعون.. لأنه لايوجد شىء يعوق نظرهم.. لأن خيالهم مطلق ومفتوح لأبعد ما يكون.. بالإضافة إلى أنها متعددة الثقافات والجنسيات.. وأذكر فى تاريخ السينما أن أول فيلم تم عمله كان فى إسكندرية.. فإسكندرية من البلاد الرائعة.. فهذا البلد خرج ملحنين عظماء ونجومًا ونجمات وفنانين تشكيليين وشعراء.. ويكفى أن بدايتى كانت من هنا. • «نفسى» كانت بداية صعودك لسلم المجد، فما كواليسها؟ - بالفعل، ابتديت من الجامعة، حيث كنت وقتها أكتب قصيدة بالفصحى وأخرى بالعامية.. ومن خلال مسرح الجامعة قابلت فاروق الشرنوبى وصلاح الشرنوبى وإيمان البحر والشاعر هانى شحاتة.. وعندما تقابلنا كان إيمان وقتها يغنى لسيد درويش.. وكنت أنا أعمل أغانى المسرح.. وكانت «نفسى» ضمن أغانى المسرحية.. فقد عملت 11 أو 12 أغنية طول المسرحية.. وكان منها أغانٍ قصيرة مدتها 3 دقائق أو دقيقتان أو دقيقة ونصف.. وكانت هذه الأغانى تسهم فى أحداث المسرحية.. وفى هذا التوقيت قرر إيمان البحر أن يغنى لنفسه.. ففاجأنا باختياره لأغنية «نفسى».. فأخذناها وغنيناها خارج المسرحية.. ونالت نجاحا كبيرا.. وكان بالمسرحية أغانٍ أخرى، لكنها لم تصلح لأنها كانت معمولة لمواقف معينة.. وإذا غنيت خارج هذا الموقف لن يكون لها معنى.. لكن «نفسى» كانت متميزة جدا لأنها حالة.. فوقتها كانت ظروف البلد سيئة.. وكنا مرهقين من حرب 73.. مرورا بالثمانينيات التى عانينا فيها من آثار الحرب الطويلة من 67 إلى 73، 6 سنوات كاملة فى حالة حرب مستمرة.. لاتوجد موارد فى البلد كى تعطيها لشبابها، بالإضافة إلى القبضة الحديدية التى كانت موجودة آنذاك. • هل سببت لكم هذه الأغنية مشاكل؟ - هى عملت نوعًا من القلق لكنها لم تصل إلى حد المشاكل.. لأن أنا وفاروق الشرنوبى لم يكن لدينا أى سوابق سياسية.. وبعد هذه الأغنية بدأنا نوضع تحت الأنظار من قبل الجهات لكن لم تحدث أى مشاكل.. وبعدها انتشرت الأغنية بشكل كبير.. وبدأ ينتشر اسمى معها. • متى كانت بداية الرومانسيات؟ - كانت مع سميرة سعيد.. حيث عملت معها أغنية «إنسانى يا أحلى كلمة على لسانى» فسميرة دائما تحب أن تبحث عما هو جديد فهى تربية بليغ حمدى.. فعندما اتصل بى محمد ضيا ليخبرنى أن أغنية نفسى لإيمان البحر وخاصمت الشوارع لمدحت صالح نالت إعجاب سميرة وتريد منا أن نقوم بعمل أغنية لها.. ولأننى أحب صوت سميرة فكتبت لها أغنية «إنسانى».. واتصلت بمحمد ضيا لأخبره بها، فنالت إعجابه بشدة ووجدته بعدها بيومين يتصل بى ليخبرنى أنه قام بتلحينها.. وبعدها ذهبنا لسميرة لتسمعها ونالت إعجابها وقدمتها للجمهور.. وجاء بعدها أغنية خايفة، بشتقلك ساعات، تخلص حكاية وبعد الرحيل وغيرها. • ما سر الفريق الثلاثى «عماد حسن، محمد ضيا وسميرة سعيد»؟ - أجاب ضاحكا: بالفعل نحن كنا فريقًا أمام فريق آخر رائع مكون من عمار الشريعى، عبدالوهاب محمد ولطيفة.. وكانت لطيفة وسميرة سعيد هما النجمتين الكبيرتين فى هذا الوقت.. وكنا مثل فريق الأهلى والزمالك.. وكانت المنافسة بيننا شريفة وغير معلنة.. وكان كل منا يلعب على المركز الأول وبالتالى كان بها متعة. • ماذا بعد عملك مع سميرة سعيد؟ - تعاملت مع هانى شاكر فهو من الشخصيات الجميلة وإحساسه عالٍ جدا.. فتعرفت عليه فى أغنية «غلطة وندمان عليها وبقولك واسمعيها قلبى مش ملك إيدك أو لعبة بتلعبيها».. فكانت أول عمل معه.. لكنها لم تكن أول نزول بل كانت أغنية «متهدديش بالانسحاب» وبعدها «غلطة» ثم أغنية «تخسرى».. وبعدها تعاملت مع أصالة فهى «وحش بمعنى الكلمة» قوية جدا.. وكانت بداية تعارفنا فى حفلة أضواء المدينة، حيث غنت وقتها لسيد مكاوى وحلمى بكر وكنت أول مرة أسمع صوتها لأن وقتها لم يكن لدينا مطربين كبار سوى سميرة ولطيفة على الساحة الغنائية.. فقررت أن أعمل معها.. وبالفعل كتبت لها «متسألنيش عن الأحزان» و«ارجعلها» و«كتبتك كلمة على بالى رسمتك وردة فى خيالى» و«عيشنى معاك وياك من تانى».. وعملت بعدها أغنية مع راغب علامة اسمها «علمتينى أحب الدنيا علمتينى أحب وأنسى معاكى هموم الدنيا والمشوار الصعب» و«بحبك متقوليش بعدين».. وعملت مع صابر الرباعى «رحت وجيت لفيت ولقيت أحلى عيون» وغيرها من الأغانى.. • ما هى أكثر أغنية أخذت منك مجهودا؟ - أغنية مسلسل للعدالة وجوه كثيرة «ميهمناش» وعملتها مع ياسر عبدالرحمن.. للفنان الرائع يحيى الفخرانى والمخرج العظيم محمد فاضل.. وظللت أربعة أيام أكتب فيها.. فأغانى الدراما تكون أصعب من الأغانى الأخرى، لأنها تكتب بطريقة درامية تناسب الحدث.. وبعد الانتهاء من كتابتها اتصلت بالمخرج وأخبرته بها.. فقال ارسلها لى عبر الفاكس فورا. • كيف ترى مستقبل الشعراء فى مصر؟ - للأسف مستقبل الشعراء مزرٍ للغاية.. فقد وصلنا لمرحلة أن الإذاعة أصبحت تمتنع عن قول اسم الشاعر.. فهى تكتفى فقط بإذاعة اسم المغنى.. وهذا فيه ظلم وإهدار لحقوق الشعراء فى مصر.. بالإضافة إلى أن شاعرنا العظيم جمال بخيت لن يغفل لحظة عن المطالبة بالحقوق الأدبية للشعراء.. فهو عضو مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين وأرسل العديد من الشكاوى يطالب فيها بحقوق هؤلاء الناس.. لأن أبسط حقوق الشاعر أن يقال اسمه على الأغنية.. وبالتالى نطالب الجهات الرسمية أن تستجيب لمطالبنا لأن ما يحدث مع الشعراء يعتبر شيئًا مؤسفًا ومحزنًا للغاية.. وهذا بالإضافة أيضا إلى الرواتب الضعيفة التى يحصل عليها الشاعر والتى لا تكفى حتى مواصلاته!!.. وأنا أتحدث عن الشعراء الذين لايملكون وظيفة أخرى بجانب الشعر.. • مَن مِن المطربين تود أن تتعامل معهم؟ - شيرين عبدالوهاب، حسين الجسمى، أنغام لأنها من أحن الأصوات لقلبى، تامر حسنى إحساسه رائع، كاظم الساهر وعمرو دياب رغم إننا جيل واحد لكننا لم نتقابل حتى الآن.. فهو تجربة ناجحة وذكية ويكفى أنه متربع حتى الآن على القمة عند جيل الشباب. • ماذا عن مشاريعك القادمة؟ - أنا الآن أجهز أغنية للطيفة، فهى منتظرة منى شيئاً.•