فى الوقت الذى تقف فيه الدولة بكل أجهزتها السيادية عاجزة عن حل مشاكل تواجه أفراد المجتمع فى كل القطاعات الحيوية بها، مما يضطرها أحيانا للاعتماد على حلول وقتية غير فعالة و لا تساهم سوى فى ترحيل المشكلة لا حلها من جذورها، وجد مجموعة من شباب طب عين شمس الطريق لحل مشكلات لطالما كانت تؤرق القطاع الصحى، فكروا فى تطوير مستشفى الدمرداش الجامعى، فكان حلم (إشراقة خير) الذى سرعان ما تحول إلى حقيقة بل تطور ليشمل تطوير كل المستشفيات الجامعية على مستوى الجمهورية. لم يكتف رواد الحلم بفكرة تطوير المستشفيات الجامعية فى مجال الطب فقط، بل أصبحت هناك إشراقة خير فى كليات الصيدلة وطب الأسنان، أنشطتهم متنوعة وكثيرة وهى خير دليل أن هناك شبابا ملوا الكلام، وحاولوا أن يكونوا أكثر إيجابية وألايقفوا مكتوفى الأيدى أمام مشكلات عضال وقفت أمامها وزارات عديدة ولم تجد لها أى حلول، حاورنا رئيس جمعية إشراقة خير وأحد مؤسسيها د.مصطفى عبده، حاولنا من خلال حوارنا معه أن نقترب أكثر من شباب «إشراقة» الذين هم جنود مجهولون فى العمل الخيرى فى مصر، لانعرف أسماءهم أو أشكالهم لكن بالتأكيد تأثيرهم ملموس فى حياة كل مريض غير قادر، كانوا هم السبب فى أن يتلقى علاجه، مثله مثل غيره من المرضى القادرين إلى أن يحين الأوان وتنتبه الدولة إلى تفعيل دورها وإصلاح منظومة الصحة الفاشلة، وإلى نص الحوار.
∎ فى البداية عرفنا أكثر عن إشراقة خير؟
- إشراقة خير بدأت أوائل 2011 من مجموعة من طلبة طب عين شمس، الفكرة لم تبدأ كما هى بشكلها الحالى، لكنها مرت بالعديد من مراحل التطور، حتى وصلت إلى الشكل الحالى، فقد بدأت بأن فكر طلاب السنة السادسة وقتها بعمل شىء لخدمة مستشفى الدمرداش قبل تخرجهم، كونه المستشفى الجامعى لجامعة عين شمس، ثم انتقلت الفكرة إلى طلاب السنة الخامسة والرابعة ورحبوا بها جدًا، فقررنا كثلاث دفعات أن نوحد الهدف ونعمل سويًا من أجل تطوير المستشفى أو بمعنى أدق محاولة استكمال ما ينقصه من تجهيزات هى فى أمس الحاجة لها ولا يمكن توفيرها لضعف الإمكانيات، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء غرفة الجراحات الصغرى، وهى أول إنجاز لإشراقة بتكلفة 40 ألف جنيه، تعاونا فيها مع مستشفى الجراحة، وأهمية هذة الغرفة تكمن فى أن الجراحات الصغرى والتى لا تحتاج معدات أو أجهزة كبيرة كانت تقام فى نفس الحجرة التى تقام بها الجراحات الكبرى، مما يعطل إقامة عمليات خطيرة ويزيد من الضغط على غرفة العمليات المجهزة، لذلك جاءت فكرة الفصل فأصبح هناك غرفتان للعمليات داخل مستشفى الدمرداش إحداهما للعمليات الكبرى والأخرى للعمليات الصغرى وهى التى قمنا بإنشائها.
∎ كيف جاءت فكرة الانتشار فى أكثر من كلية وتكوين جمعية مشهرة لهذا الهدف؟
- بعدما انتهينا من أول إنجازاتنا قررنا أن ننتشر أفقيًا داخل الجامعة وننتشر فى جامعات أخرى، فأصبح لدينا فرع فى طب أسنان، ساهم بشكل كبير فى عمليات أورام الوجه والفكين لغير القادرين، وذلك بتوفير مستلزمات العمليات لهم بالمجان بعد عمل بحث اجتماعى عليهم والتأكد من أن حالتهم المادية لا تسمح بشراء الشرائح والمستلزمات التى تحتاجها العمليات، كما أصبح لدينا فرع داخل كلية صيدلة جامعة عين شمس أيضا هدفه تحديد النقص الموجود فى المنظومة الدوائية بمستشفى الدمرداش، وبالتالى يتم شراؤه وإهداؤه للمستشفى، ولاسيما فى مستشفى الأطفال الذى به نقص كبير فى الدواء، حيث نقوم بتوفيره لأنه يستخدم فى علاج أكثر من مرض لدى الأطفال ووجوده مهم فى المستشفى، كما تمكنا من الانتشار داخل جامعات أخرى، فأصبح هناك إشراقة خير فى طب القاهرة يهدف إلى تطوير مستشفى قصر العينى، كما يوجد فريق إشراقة خير بطب المنصورة وطب قنا أيضا لتطوير المستشفيات الجامعية هناك.فقد بدأت الفكرة بعشرين شخصا فقط والآن يتراوح أعضاؤها إلى ألفى شخص.
∎ هل يتم منحكم المعلومات عما ينقص المستشفيات بكل سهولة أم هناك معوقات تقف حائلاً بينكم وبين الوصول لتلك المعلومات؟
- فى الحقيقة هناك تعاون لكن لا يمكن أن نطلق عليه تعاونا كاملا، فما زالت هناك بعض المعلومات التى لا نستطيع الحصول عليها بسهولة كما أن المستشفيات الجامعية ينقصها تنظيم المعلومات وهو ما يعد عائقًا آخر أمامنا، لكن فى نفس الوقت فإن وجود إنجازات ملموسة على الأرض سهلت لنا المهمة وأشعرت الجميع بمدى جديتنا.
∎ لكن هل الطريقة التقليدية فى سؤال القائمين على المستشفيات عما ينقصهم يمكن الاعتماد عليها خصوصًا فيما يتعلق بالأجهزة والمعدات التى تتكلف الآلاف.
- لم تعد إشراقة تعتمد على الشكل التقليدى فيما ينقص المستشفى فقد طورنا إشراقة لنتمكن من التأكد أن النقص بالمستشفى حقيقى ولا يوجد ميزانية له، فأصبح لدينا مجلس إدارة أشرف برئاسته، كما أن لدينا لجان عديدة من أهمها لجنة التطوير، وهى اللجنة المختصة بالتأكد من العجز الذى تعانيه المستشفيات والتى بناء على تقاريرها تتحدد أولوياتنا فى الإنفاق.
∎ ما طبيعة عمل هذه اللجنة؟
- لجنة التطوير تزور المستشفيات بكل أقسامها وتقابل مديريها، كما تقابل مديرى الوحدات بداخلها، وتطلع على خطة التطوير لتتعرف على العجز الموجود بداخل المستشفى، ثم تأتى مرحلة لقاء المدراء الماليين للاطلاع على الميزانية، والمرحلة الأخيرة يتم سؤال النواب فى جميع أقسام المستشفيات عن المشاكل التى تواجههم فى المستشفى ومواطن العجز بها، ثم يتم إعداد تقرير يتم رفعه إلى الإدارة بناء على النتائج التى تم جمعها على الأرض، وعلى أساس ذلك نرتب أولوياتنا.
حيث نختار المشروع الأكثر تأثيرًا بالنسبة للمرضى، والذى تعد حاجة المستشفى له هى حاجة ماسة وضرورية.
∎ ماذا عن باقى اللجان المكونة لإشراقة خير؟
- هناك اللجنة المالية وهى التى تختص بتجميع التبرعات، وهى نوعان تبرعات خارجية عن طريق رقم الحساب البنكى (77240 بنك فيصل فرع غمرة) وتبرعات مباشرة عن طريق رقم هاتف تم تخصيصه لهذا الهدف، والنوع الآخر الذى تقوم اللجنة المالية بتجميعه هو التبرعات الداخلية، فكل فرد من أفراد إشراقة سواء فى جامعة عين شمس أو خارجها يتبرع بجنيه أسبوعيا، وهناك لجنة أخرى تتعامل مع مؤسسات لتصبح راعيا رسميا لإشراقة خير حيث تحقق انتشار دعائيا لها، كما يوجد لجنة علاقات عامة تتواصل مع الإعلام.
∎ عرفنا عن إنجازات إشراقة؟
- إشراقة لديها خطة طويلة الأمد وأخرى قصيرة الأمد، والخطة القصيرة تعتمد على مشروعات مرحلية، وأهم إنجازاتنا فى هذا الصدد إنشاء حجرة جراحات صغيرة بالدمرداش بتكلفة 40 ألف جنيه وهو ماتم ذكره مسبقا، والمشروع الآخر الذى قمنا به شراء أجهزة فى مستشفى الباطنة بتكلفة 80 ألف جنيه، والمشروع الثالث الذى قمنا بإنجازه تطوير حجرة فى استقبال الأطفال بتكلفة 130 ألف جنيه ورابع إنجاز تطوير وحدة المناظير التى كانت تعتمد على منظار واحد، حيث قمنا بتزويدها بمنظارين بتكلفة 500 ألف جنيه، حيث استطعنا تجميع 250 ألف جنيه بالتعاون مع المستشفى الذى أنفق 250 ألف جنيه من ميزانية المستشفى وتمكنا من شراء المنظارين، وما ينطبق على إشراقة عين شمس ينطبق على باقى فروعها لكن إنجازاتنا فى الدمرداش أكثر.
∎ ما الهدف الذى تسعون للوصول إليه هذه الأيام؟
- آخر أهدافنا والذى نعمل من أجله الآن هو مشروع زيادة عدد أَسِرّة الرعاية المركزة بمستشفى الجراحة، لكن تكلفة السرير الواحد 250 ألفا والمضاعفة تتطلب منا ميزانية من مليون ونصف المليون إلى 3 ملايين، وبما أن المبلغ كبير جدا لا يمكننا الحصول عليه من التبرعات الأسبوعية للأعضاء أو ما يأتى عن طريق الحساب البنكى فقد فكرنا فى فكرة تسمية أجنحة بأسماء الشركات التى ستساهم معنا فى تكلفة المشروع بشراء سرير مجهز للرعاية كدعاية لهم، وبهذه الطريقة تكون الشركة قد استفادت دعائيًا، ويكون المريض قد استفاد بوجود سرير مجهز لقسم الرعاية أفضل من الإعلانات التى تقوم بها الشركات دون التأثير الحى فى الناس.
∎ لماذا اخترتم مشروع تزويد عدد أسرة الرعاية بالتحديد ليكون هو هدفكم المقبل؟
- الدمرداش تخدم 5 ملايين مريض فى السنة، وعدد سراير الرعاية به 5٪ من إجمالى عدد السراير، بينما النسبة العالمية هى 15٪ من عدد السراير، وزيادة أسرة الرعاية لابد أن يتم فى أسرع وقت، لأن الكثير من الناس يفقدون حياتهم نتيجة عدم قدرة المستشفى على استقبالهم، فالوقت له قيمة فى حياة المريض الذى يحتاج سرير الرعاية، ونتمنى من الله أن نستطيع توفير 3 سراير بتكلفة 750 ألف جنيه كخطوة أولى فى غضون ستة أشهر، حتى ننقذ حياة مرضى كثيرين.
∎ لماذا الحديث فقط عن الإنجازات فى مستشفى الدمرداش، ماذا عن فروع إشراقة فى المحافظات الأخرى؟
- مستشفى الدمرداش حدث به كل هذه الإنجازات لأنه الأساس، فالفكرة أساسا نابعة من طب عين شمس، والتحاق طب المنصورةوقنا هو حديث نسبيًا، ومع ذلك فقد تمكن أعضاء إشراقة بالمنصورة من إحداث تطوير بمستشفى المنصورة الجامعى بتكلفة عشرة آلاف جنيه، وجارٍ دراسة باقى المشروعات لتنفيذها على أرض الواقع.
∎ هل مشروعاتكم كمؤسسة إشراقة خير تتلخص فقط فى تطوير المستشفيات الجامعية؟
- لدينا بعض الأنشطة الأخرى التى تخدم هدفنا الأم، فعلى سبيل المثال هناك مشروع بهجة، وهو عبارة عن حفلة نصف سنوية للأطفال المرضى فى مستشفى الأطفال، فقد لاحظنا وجود أطفال محتجزين لمدد طويلة قد تفوق العام، ووجودهم فى المستشفى لهذه المدد الطويلة يصيبهم بالاكتئاب، لذلك أقمنا مشروع بهجة الذى حسن بشكل كبير من نفسية الأطفال المرضى، كما نقوم بمعرض كساء، وهو مشروع نجمع من خلاله الملابس المستعملة، ونبيعها بأسعار رمزية لا تتعدى الجنيهات للعمال داخل المستشفى وغير القادرين من رواد المستشفى، كما نقوم بعمل توعية صحية للمرضى داخل المستشفيات عن الأمراض وسبل الوقاية منها وقريبا جدًا ستمتد حملاتنا التوعوية إلى خارج أسوار المستشفى.