الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها، ويلعنها أكثر عندما تأتى من العلماء الذين قال عنهم عز وجل فى كتابه العزيز إنهم ورثة الأنبياء. فلم نسمع أبدا عن نبى فتن أمته، لكننا نرى الآن عالما وأستاذا جامعيا يشعل الفتنة فى جامعته.. محراب علمه، ليس فقط بين طلابه، إنما وصل الأمر إلى تحريضه المباشر ضد الأساتذة المختلفين معه فى الرأى. وهانحن على أعتاب بدء عام دراسى جديد.. والجميع يحبس أنفاسه خشية حدوث ما لا تحمد عقباه، واصطدام الجميع طلابا وأساتذة.
ندق ناقوس الخطر، ونحذر من انتقال الصراع السياسى المشتعل إلى داخل أسوارالجامعة، ونوجه رسالة تنبيه لأساتذة الجامعات قبل فوات الأوان، وقبل أن نبكى على اللبن المسكوب. كانت حادثة الفتنة الأشهر هى حادثة الدكتور سيف عبدالفتاح الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فلم يقتصر الأمر علي تأييده للنظام القديم فقط، وهذا شأنه، لكن الأمر امتد إلى تحريضه المباشر لطلاب الجامعة من موقعه كأستاذ لهم فى الجامعة، فقد دعا إلى وقفة احتجاجية من الطلاب ضد من أسماهم بالأساتذة الانقلابيين، والوقوف ضدهم.
وليس هذا فقط، بل امتد الأمر إلى خروجه على قناة الجزيرة مباشر وتحريضه العلنى ضد الطلاب والأساتذة فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لدرجة أنه أطلق عليها لقب كلية الاقتصاد والعلوم السيسية نسبة إلى الفريق السيسى، وقام بتحريض الطلبة المنتمين للتيارات الدينية على أساتذةالكلية الليبراليين، مما جعل الأساتذة يبدون استياءهم وتخوفهم من عواقب هذا الأمر بمجرد بدء العام الدراسى.
∎خناقة بين الدكاترة
أما الواقعة الأطرف التى حدثت أمام عينى وهى نشوب خناقة على الفيس بوك، حيث قام أستاذ من أساتذة كلية الآداب بعمل بلوك لإحدى طالباته بعد دفاعها عن الإخوان.
فقد قامت الطالبة بكتابة تعليقات تدافع بها عن الإخوان، فحاول الدكتور أن يتحدث معها عدة مرات ليحاول أن يثنيها عن أفكارها، وعندما فشل أرسل لها رسالة كتب فيها.. للأسف طلعتى إخوان.. آخر حاجة كنت أتوقعها.. ربنا يهديكى، أعلنى بصراحة أنك إخوان، وما تداريش وقام بعمل بلوك لها.. مع العلم بأن هذا الأستاذ كان معروفا عنه حب الطلاب له، واعتباره أبا لهم حيث كان يتناقش معهم دائما ويحدثهم بالعقل والمنطق، ويحثهم دائما على النقد الإيجابى، فما كان منه إلا أن خالف كل ذلك وضرب بكل هذا عرض الحائط، وفصل طالبةكونها تدافع عن الإخوان، ولم يستمع حتى لردها.
وفى حادثة أخرى بنفس الكلية قام دكتور فهر شاكر- أستاذ الشعر بمهاجمة دكتور عماد عبد اللطيف - أستاذ البلاغة على بروفايله على الفيس بسبب أن الأخير تعاطف مع ما حدث فى فض اعتصام الإخوان.. واتهمه إنه إخوان برضه بس بيدارى، وبناء عليه انقسم طلاب القسم بين الأستاذين إثر هذه المحادثة التى قلبت خناقة.
∎كلية دار العلوم
باعتبارها أكبر كلية تحتوى على إخوان سواء على مستوى الدارسين أو الدكاترة.. تولد لدى الطلبة شعور كبير بالخوف من اضطهاد الأساتذة وانتقامهم مما حدث فى شخص الطلاب، وقد بدأت ملامح هذا التخوف فى الظهور بمجرد الإعلان عن نتيجة هذا العام الدراسى، والتى زادت فيها نسب الرسوب فى المواد، فعلى سبيل المثال: تكررت شكاوى الطلاب من نتيجة مادة فى الفرقة الرابعة، ورسوبهم فيها وعندما ذهب الطلاب ليتحدثوا مع أستاذ المادة، قال لهم: هو ده اللى عندى يعنى أنتم تروحوا تعملوا ثورة وتقلبوا نظام الحكم وما تذاكروش، وبعد كده تيجوا عاوزين تنجحوا!
مع العلم أن هذه المادة سيقوم الطلاب بامتحانها «دور ثانى» وستؤجل شهادتهم جراء هذا.
∎تحريض علنى
ولنفس السبب تجمهر طلاب كلية الصيدلة، جامعة القاهرة، المعتصمون داخل الكلية، للمطالبة بإقالة الدكتورة عزة أغا، عميدة الكلية، والدكتورة منال ماهر وكيلة الكلية، وبعض أعضاء هيئة التدريس بالكلية، بسبب قيامهما بتحريض الطلاب عليهم، وبث روح الفرقة بين طلاب الكلية، من خلال التصريحات المضادة للطلاب المعتصمين فى الكلية.
فقد أكد الطلاب أن الدكتورة نبوية الفقى قالت للطلاب، الذين كانوا ينتظرون امتحانهم المقرر إجراؤه.. «مفيش غير لما تنزلوا تمشوا البلطجية دول»، على أساس أنها تحرض الطلاب ضد بعضهم البعض.
وبناء عليه أصدرت اللجنة التأسيسية لنقابة أعضاء هيئة التدريس والمدرسين المساعدينوالمعيدين بالجامعات المصرية ومراكز البحوث بيانا أكدت استنكارها لممارسات من وصفتهم براكبى موجة الثورة والذين قاموا بتحريض الطلاب خلال الفترة الماضية على ترديد الهتافات المسيئة لأساتذة الجامعة والخارجة عن التقاليد الجامعية..حيث قال الدكتور عبد الله سرور وكيل المؤسسين إن النقابة تدعو أبناءها فى كل المواقع العلمية والتعليمية إلى التضافر والتلاحم لحماية الجامعات المصرية والذود عنها والخروج بها من هذه المحنة.
وأكد سرور أن النقابة تطالب بحوار يقوم على أساس جامعى راق، ومسئول لتلبية طموحات جموع أعضاء هيئة التدريس، فالنقابة هى المنوط بها وفق قانونها المحافظة على قيم وتقاليد مهنة أعضاء هيئة التدريس وتطويرها، وهى مظلتهم الجامعة لهم فى تداول شئونهم وأضاف فى بيان الهيئة أن الانتماء الأول والأصيل هو إلى الجامعة المصرية العظيمة.
∎متخوفون
تعقب على هذا الموضوع د.نورهان الشيخ - أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية قائلة: الحقيقة أننا كأساتذة جامعة متخوفون جدا من هذا الأمر، وتخوفنا يرجع لعدة أسباب: أولها وجود عدد لا بأس به من الأساتذة الإخوان، وعليه قد تتحول الجامعة إلى ساحة للانشقاقات وتصفية الحسابات السياسية، ويقوم هؤلاء الأساتذة بتحريض الطلاب ضد بعضهم البعض وضد الأساتذة المختلفين معهم فى الرأى، مثل الدكتور سيف عبدالفتاح فى حواره فى برنامج على مسئوليتى فى قناة الجزيرة مباشر مصر والذى هاجم فيه الأساتذة الذين يدعوهم من وجهة نظره بالانقلابيين.
وقال إنهم ليسوا أساتذة وغيروا علم السياسة.. ففى ظل ذلك وغيره من الأحداث المشابهة يحدث تحريض من هؤلاء الأساتذة ليس فقط ضد زملائهم، إنما أيضا ضدنا كأساتذة.. نحن متخوفون جدا على الجامعة ومنشآتها، وعلى الأساتذة، لكن التخوف الأكبر على الطلاب صغار السن، فنحن قد نستطيع احتواء الأمر، لكن الدارسين لن يستطيعوا استيعاب المواقف.. إضافة إلى ذلك ضعف الانضباط الأمنى فى الجامعات، فالحرس الموجود فى الجامعة لا يعلمون أى شىء عن الأمن، يتركون من يدخل يدخل ومن يخرج.. يخرج، وليس لديهم حس أمنى أو قدرة على ضبط المواقف.. فقد حدثت من قبل حوادث متكررة، ومشاكل للطلاب ولم يستطيعوا عمل شىء لهم.. وعندما نسألهم يقولون لنا: اذهبوا للقسم.. فالمشكلة أن عددهم قليل جدا وغير مؤهلين ذهنيا، أو جسمانيا لضبط الأمن، ولذا فأنا أرى أن الضبطية القضائية لن تفرق معهم، بل على العكس من الممكن أن تزيد الأمر كارثية.
فالحرس لا يعرفون من الأصل معنى الضبطية القضائية وغير مؤهلين قانونيا لها.
فللأسف كل ذلك يوتر الجو بطريقة أكبر قبل دخول الدراسة، لذا فنحن كأساتذة جامعات نطلب من إدارة الجامعات المصرية أن تأخذ موقفا حاسما من هؤلاء الأساتذة وتحملهم مسئولية أى شىء قد يحدث.