وكأنها ناقصة حكاية البنزين ولتراته التى ستصبح على البطاقة الذكية 5 لترات مدعمة لكل صاحب سيارة يوميا، بتتحرق أصلا فى إشارة مرور واحدة انتظارا للنور الأخضر أو فكة مرور على كوبرى أكتوبر من الدقى يدوبك لغاية رمسيس، بطاقة البنزين الذكية أصبحت أمرا واقعا بعد ستين يوما من الآن على كل عربية ماشية فى شوارع مصر، فماذا بعد ما تتحرق ال5 لترات بنزين المدعم فى ساعة زمن يوميا، بقية اليوم البنزين ثمنه هيبقى كام، فى الاستطاعة ولا زى كل سلعة دلوقت خارج الاستطاعة، فيه بديل ... يمكن. «بصراحة أنا من ساعة ما تم إعلان أنه سيتم توزيع البنزين بالكروت الذكية وأنا عمال أجيب الموضوع يمين وشمال وبرضه مش لاقى مخرج»، بهذه الكلمات تحدث أحمد عثمان شاب فى الثلاثين من عمره ويعمل أخصائى حاسبات معلومات بإحدى شركات الاتصالات العالمية بالقرية الذكية بمدينةالسادس من أكتوبر.. وأكمل قائلا: «أنا يا أستاذة مشوارى كل يوم من مصر الجديدة إلى السادس من أكتوبر يستهلك 3 ساعات ذهابا ومثلها إيابا؛ فكيف لك أن تتصورى كم لترا من البنزين أستهلك؟!!! فكل يوم أنا مضطر لأن «أفول» سيارتى يوميا.. هذا بغض النظر عن المشاوير والالتزامات التى قد تطرأ خلال الأسبوع... «أصلا ال5 لتر دول يادوب أركن بهم عربيتى مش أروح بهم الشغل!!».. وبعدين هو إحنا بناخد فلوس أد إيه فى الشهر عشان نصرف ثلاثة أرباعها على البنزين وأكيد ولا نأكل ولا نشرب بس ندفع.. فبادرته بسؤال ما الحل؟ فأجابنى: «بعد تفكير طويل ومباحثات، وجدت أن الحل الأمثل يتمثل فى أن نعمل «شير» فى «البنزين» أى سأشترك أنا و 3 زملاء لى يوميا فى البنزين والسيارة، وذلك حتى أتحمل ثلث البنزين فى الشهر وليس البنزين كله.
∎يفيض وزيادة
أما فريد نبيل (33 عاما) مهندس معمارى بإحدى الشركات الخاصة ومتزوج ولديه طفلان فيقول: «أنا أصلا قمت ببيع سيارتى فلن أحتاجها بعد اليوم خاصة أننى أذهب إلى مقر عملى بواسطة الأتوبيس الخاص بالشركة التى أعمل بها، ولكن بعد أن بعت السيارة فسأقوم بالمشاوير إما بسيارة أحد أصدقائى أو بالمواصلات العامة وحتى مشاوير زوجتى ستقوم بها بالمواصلات العامة.. وفيما يتعلق بكروت الدعم الذكية للبنزين فسوف أقوم ببيع حصتى فى ال5 لتر يوميا لأصدقائى الذين يسيرون بسيارات، «وأهو الواحد يطلع له بقرشين يفوكوا زنقة برضه».
∎الحل من عنده!
«أنا لا هاشترى سكوتر ولا موتوسيكل، الكلام ده ماينفعش فى المكان اللى بشتغل فيه»، هكذا قال محمد عادل (28 عاما) ويعمل بإحدى شركات الكمبيوتر واستطرد قائلا: «أنا أعمل فى إحدى الشركات فى التجمع الخامس وأقطن منطقة الهرم فلك أن تتخيلى كم من وقت ومجهود وأموال حتى أصل مكان عملى.. كنت فى الأوقات العادية أذهب إلى عملى بسيارتى ولكن بعد قرار «ال5 لتر لكل مواطن يوميا»، أصبحت أمام معضلة حقيقية.. والحقيقة أن بعض زملائى اقترحوا علىّ أن أبتاع موتوسيكلاً أو ما يعرف بالسكوتر كى أوفر استهلاك البنزين (على أساس إن ال5 لتر يادوب يمشوا الموتوسيكل للشغل) لكن الحقيقة وجدت أنه تفكير غير عملى فى ظروف البلد دى.
∎ما الحل؟
كذلك كانت هادية هارون (30 عاما) وتعمل بوظيفة مرموقة للغاية من طبيعة الصيت ولا الغنى فهى تعمل بمجال الصحافة فى إحدى الصحف القومية- كانت أيضا لا تود أن تفكر فى موضوع قرار تطبيق ال5 لتر حتى لا تزيد على همومها هما جديدا وقالت: «بجد لا أجد مخرجا فأنا أسكن بحى مدينة نصر وعملى فى وسط البلد هذا بالإضافة الى اننى ألتزم بالعمل فى جريدة أخرى مقرها بالمهندسين وأنا أحتاج إلى «تفويل» سيارتى كل أربعة أيام ويكلفنى ذلك 70 جنيها بالدعم فكيف سيكلفنى تفويل السيارة بدون الدعم وأصلا مرتبى فيه كم 70 جنيه والكل يعرف مرتبات الحكومة شكلها إيه؟»، وبعدين جلست مع نفسى أفكر إذا حاولت أن أشارك زميلاتى فى سيارتهن ولكننى وجدت أنه مشروع فى غاية السخافة فلماذا أربط نفسى بمواعيد زميلاتى وأنا شخصية تعشق الاستقلالية وكل منا له ظروفه ومواعيده والتزاماته الأسرية.. وأنا «بشوف إن ماحدش بيشيل حد اليومين دول».. وعندما فكرت أن أتعامل بالمواصلات العامة وجدت أنها ليست على المستوى المطلوب ناهيك عن التحرش والحر والزنقة و«التلزيق».
∎لا للسيارات!!
«قررت أبيع عربيتى وأركب مواصلات»، هكذا حسم أمره أشرف طه (40عاما) محاسب بإحدى الشركات ومتزوج ولديه طفلان ويكمل: «أنا مش عايز العربية بتكاليفها.. فى حالتى أنا كنت أتكيف مع متطلبات السيارة من تصليح وصيانة ولكن بعد قرار ال5 لترات لكل مواطن قررت أن أستغنى عن سيارتى وأن أتكيف أنا وأسرتى مع المواصلات العامة وقطعا لن تكلفنى كثيرا بدلا من السعر الحر للترات البنزين الزائدة.. وبكده هاوفر أكثر لو كان معايا العربية.. كمان قرر كثير من أصدقائى بأن يصفوا سياراتهم أمام المنزل والتحرك إما سيرا على الأقدام أو الانتقال بالتاكسيات أو مترو الأنفاق.
∎الغاز هو الحل
أما عماد لطفى -40 عاما- ويعمل طبيب جلدية ومتزوج ولديه بنتان فقد قرر أن يحول سيارته لكى تعمل بالغاز الطبيعى معللا: «بعد تفكير طويل قررت أن أحول سيارتى للعمل بالغاز الطبيعى بدلا من البنزين فقد وجدت أن عملية الاحلال لن تكلفنى سوى بضعة آلاف من الجنيهات كما أن سعر بيع المتر المكعب من الغاز الطبيعى فى محطات الغاز لا يتجاوز 54 قرشا أو ال60 قرشا إذ إن هذا يعادل أقل من نصف سعر البنزين المطبق عليه الدعم.. مشكلتى الوحيدة ستكون فى طوابير الغاز فى المحطة ولكن «قضا أخف من قضا».
∎بلاها عَجَل!!
«الحكومة تتحجج بأنها تطبق نظاماً يتبعه كل دول العالم المتقدمة.. وماحدش قال للحكومة إن الدول دى مستوى معيشة الفرد فيها عامل إزاى»!! هكذا انفعلت نورهان مصطفى (27 عاما) وتعمل محامية بأحد مكاتب الاستشارات القانونية وأكملت: «من حق الدولة أن ترفع الدعم عن المواطنين ولكن قبل أن تفعل ذلك عليها أن توفر لهم مستوى معيشة عاليا ومرتفعاً وتمنحهم رواتب تتناسب مع الحالة الاقتصادية التى نعيشها وتواكب الارتفاع الجنونى للأسعار ولكن أن تضغط علينا «كل شوية» بقرارات تثقل كاهل المواطن أكثر وأكثر هذا ما لا أفهمه على الإطلاق.. وبعد أن هدأت سألتها ماذا ستفعلين. فقالت: «جلست كثيرا مع صديقاتى وحاولنا إيجاد حلول وبدائل فمنهن من قالت نفعل مثل الدول المتقدمة ونتحرك بواسطة الدراجات أو الموتوسيكلات»!! وهنا توقفت وسألتها: «انتوا مش عايشين فى البلد دى ولا واقعين علينا ببراشوط؟!.. أنتوا مش خايفين تتعرضوا للتحرش أو الاغتصاب؛ ده غير نظرة الناس لينا متخيلين هاتبقى إزاى.. أكيد هايتقال علينا بنات متحررة ومش بعيد كمان «صايعة».. لا.. أنا أرفض الحل ده!!.. ولا أخفى عليك أنا فتاة متحررة وعصرية، ولكن للأسف المجتمع مازال رجعيا متحجرا ولن يقبلنا.. فسألتها: «إذن ما الحل الذى توصلتن إليه؟» فأجابتنى قائلة: «سأتفق مع سائق تاكسى أنا وصديقاتى وسنعطيه راتبا شهريا فقط لتوصيلنا إلى العمل أما مشاويرى الشخصية فسأقوم بها إما بالمواصلات أو بسيارتى»!!
∎يا موتوسيكلاتك يا!!
أما عمرو على ومحمد عادل (28 عاما) وهما صديقان منذ الطفولة ويعملان فى نفس الشركة فقد قررا أن يتركا سيارتهما ويبتاعا موتوسيكلا فقال عمرو: «سأشترى موتوسيكلا وسأنتقل به داخل القاهرة لقضاء مشاويرى، أما بالنسبة للعمل فسأذهب بأوتوبيس الشركة بدلا من السيارة، فأنا أصلا عملى فى محافظة بنى سويف وكنت «أشير» البنزين أو السيارة مع محمد صديقى ودخل محمد فى الحديث قائلا: «كده ولا «هانفول» العربية كل يوم ولا حاجة هانشترى موتوسيكل ونتحرك به لزيارة أصدقائنا المشتركين أو قضاء مشاويرنا.. إحنا مرتبنا مش هايستحمل أنه يضيع كله على البنزين وإحنا أصلا شباب علينا التزامات وأقساط نكون بها مستقبلنا.