جلسة نادرة جمعت المجلسين «القومى للطفولة والقومى للمرأة» ومنظمات وهيئات دولية وجمعيات أهلية وأطفال وأعضاء بلجنة كتابة الدستور هذا الأسبوع، من أجل مواد الطفل فى مسودة الدستور.. سن الطفل، وعمالة الأطفال، ودور الدولة فى حالة اعتداء الأسرة على الطفل وتعريضه للخطر، زواج الأطفال، ومسئولية الدولة عن التأمين الصحى على جميع الأطفال، ودور الدولة فى توفير مأوى لأطفال الشوارع ، كلها قضايا شائكة فى المادة 67فى المسودة. لكن المناقشات كشفت عن حالة وصفها عالم الاجتماع السياسى د.قدرى حفنى ب«الشك الصحى فى النوايا»، وإن رآها بعض الحاضرين على غير ذلك.
المادة 67 المقترحة، تنص على أن «لكل طفل الحق فى اسم مناسب ورعاية أسرية، وتغذية أساسية، ومأوى وخدمات صحية، وتنمية وجدانية ومعرفية ودينية، وتلتزم الدولة برعايته وحمايته عند فقدانه البيئة الأسرية، وتكفل حقوق الأطفال ذوى الإعاقة، وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع، ويحظر تشغيل الأطفال قبل تجاوزهم سن الالزام التعليمى، فى أعمال لاتناسب أعمارهم، ولايجوز احتجازهم إلا لمدة محددة، وبعد استنفاد جميع التدابير الأخرى، وتوفير المساعدة القانونية، ويكون ذلك فى مكان منفصل يراعى فيه الفصل بين الجنسين، وتفاوت الأعمار والبعد عن أماكن احتجاز البالغين».
أمين عام مجلس الطفولة د.نصر السيد، قال إن وضع الطفل فى الدستور لا ينبغى أن يكون نقطة خلافية، وطالب بالنص على التزام الدولة بالاتفاقيات التى صدقت عليها مصر ومنها اتفاقية حقوق الطفل، واستبدال «التأمين الصحى» بالخدمات الصحية فى المادة، وبضرورة التزام الدولة بتوفير مأوى للأطفال الذين تركوا بيوتهم إلى حضن الشارع، إلى جانب النص على 18 سنة «الزواج قبل 18 سنة زواج أطفال مش زواج مبكر بصراحة».
«إذا لم ينص الدستور على التزام الدولة بإجراءات محددة فى حال عدم الالتزام بهذه النصوص، تعتبر بلامعنى، يعنى لا نعرف متى تنتهى مسئولية الأسرة ومتى تبدأ مسئولية الدولة فى حماية الأطفال من العنف فى المنزل مثلا».
قالتها ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة، حين علقت على المادة بأنها «فضفاضة ولا ترقى إلى طموحات دولة تسعى إلى تربية وتعليم وتنشئة عقلية متفتحة سليمة».
وأيدت التلاوى النص على سن الطفولة ب81 عاما، بقولها: «عايزين نقوى قانون الطفل مش نرجعه للوراء».
وطالبت بالنص على التزام مصر باتفاقية حقوق الطفل بقولها: «مصر صدقت على اتفاقية حقوق الطفل بعد توافق 09 دولة عليها، وموافقة البرلمان، فتصبح قانونا داخليا ملزما عايزين نطلع من عقدة الأجندات الأجنبية دى ومعايرة بعض بيه».
∎ سن الطفولة المؤيدون للنص على سن الطفولة 81 سنة، يريدون المحافظة على امتيازات الحماية والرعاية الممنوحة للطفل فى القانون حتى هذه السن، وليس أقل منها، بالإضافة إلى أن تحديد هذه السن يعنى أن زواج من دونها هو زواج أطفال، أى ضد القانون الذى لايسمح بتوثيق الزواج للجنسين دون 81سنة، وتنسحب نفس التخوفات على قواعد تشغيل الأطفال والمعاملة الجنائية.
د.هنا أبو الغار عضو الهيئة العليا فى الحزب الديمقراطى الاجتماعى، وأستاذ طب الأطفال فى قصر العينى، طالبت أيضا بالنص فى الدستور على تحديد سن الطفولة ب81 سنة، لأن عدم النص عليه يعرض الطفل لمخاطر العرض على محاكم البالغين، وعلى الالتحاق بالخدمة العسكرية فى سن مبكرة.
وتحفظت هنا على النص على عمل الأطفال، وقالت «لا يوجد عمل يناسب الطفل» وعمل الأطفال فى مساعدة أهلهم فى الأعمال الزراعية أو المنزلية لا يعد تشغيلا».
وطالبت بوجود نص يسمح للدولة بالتدخل إذا تعرض الطفل للعنف الأسرى، مؤكدة على أن الأبحاث التى أجريت على أطفال الشوارع، أكدت أن 08 ٪ من أطفال الشوارع يهربون من بيوتهم بسبب الاعتداء عليهم داخل المنزل، وعدم وجود سلطة من الدولة معناه أن الحنفية ستظل مفتوحة».
ونقلت مطالب عدد من أعضاء المجتمع المدنى المهتمين بالطفولة، بالنص على تعميم التأمين الصحى على جميع الأطفال، لخفض معدلات وفيات الأطفال ، وبالنص على مراعاة المصلحة الفضلى للطفل عند التشريع ، وليس المصالح الاجتماعية والاقتصادية، وبأن يكون المجلس القومى للطفولة والأمومة تابعا لمجلس الوزراء كما كان عليه قبل الثورة ، وليس تابعا لوزارة الصحة كما هو حاله الآن، بما يضمن استقلاله فى الدفاع عن حقوق الطفل . ∎تعليم غير ملون أما الدكتورة نادية حليم الأستاذة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ، فتمنت إضافة «التعليم حياديا ويجب أن يحمى من التلون بأيديولوجيات معينة» على المادة الخاصة بالتعليم ، لحماية الأطفال بعد الحوادث التى وصفتها بالمؤسفة فى المدارس.
أما علاء محمد مصطفى الطالب بمدرسة المرج الثانوية، ومريم عصام الدين الطالبة بالاعدادية بمدرسة صفية زغلول بالإسماعيلية، فطالبا بالنص على حق الطفل فى المشاركة والاستماع لرأيه ، وأكدا أن كل ما طالب به الحضور سبق أن طالب به أطفال منتدى الطفل المصرى، خلال لجنة استماع بالتأسيسية لكن لم يأخذ به أحد.
وعلقت سومية الألفى المشرفة على المنتدى الذى يجمع أطفالاً من جميع محافظات مصر، بأن من الأهمية تجريم العقاب البدنى والنفسى بالمدارس وجميع مؤسسات الأطفال، والتزام الدولة باستخراج الأوراق الثبوتية للأطفال بلا مأوى بالمجان.
∎ الشك الصحى د. أميمة كامل عضو اللجنة التأسيسية وأستاذ الصحة العامة بقصر العينى، دافعت عن المادة بأنها متخصصة فى ذكاء الأطفال، ولا تعرف ما إذا كان تحديد السن فى صالح الطفل أم لا، «السكوت أحيانا يعنى ألا يستخدم الشىء المحدد ضد الطفل، لكنها أكدت على وجود مادة أخرى تنص على الالتزام بالمواثيق الدولية، وأكدت أنها تقدر بعض الهواجس الموجودة لدى البعض، العهد البائد ساب جوانا بذور من الشك والكراهية محتاجين نتخلص منها».
وقالت: نريد مواد عامة فى الدستور، حتى لا نضع قيودا ليس لها داع، ونترك للقانون التفصيل، فالدستور ليس نهاية الطريق، بل بدايته، والإرادة الشعبية هى الكفيلة بتفعيله الآن.
د.قدرى حفنى أستاذ علم النفس السياسى بجامعة عين شمس ظل صامتا طوال الجلسة، ثم فسر الاحتدام الحادث فى النقاش، بأنه شكك صحى، وقال «من حقنا نشك فى نوايا بعض لما مانلاقيش مسودة الدستور مش محددة سن الطفل 81 سنة زى قانون الطفل والمواثيق الدولية اللى وقعنا عليها، لكن ده، عشان عدم النص عليها هايجيب مصايب كتيرة».
وأوضح حفنى أنه بمقدار الشك يجب أن يأتى التفصيل فى الدستور، وأن كل المناقشات يمكن أنتحسم علميا، لكن الأهم الآن أن تحسم سياسيا، وأنه ليس المهم أن يكون هناك اتفاق على كل بنود الطفل، بل يكون هناك توافق عليها من خلال التفاوض.
الجلسة انتهت لكن لا أحد يعرف كيف ستصدر المسودة الأخيرة بعد كل هذه المناقشات والمطالب.∎