نعلم جميعاً أن هناك أعمالا فنية عديدة قدمت عالم البلطجية الخارجين عن القانون.. وأغلب هذه الأعمال لم يركز على الجوانب التى أدت لصناعة البلطجية.. ولاشك أيضاً أن ثورة 52 يناير وتفاصيلها قد فتحت شهية السينمائيين لتقديم أفلام مُستمدة منها سواء بطريق مباشر أو غير مباشر. بالطبع كان الانفلات الأمنى وانتشار البلطجية من أهم الأشياء التى عانينا منها جميعا، لذلك كان من الطبيعى تنفيذ أعمال عن عالم البلطجة سواء فى السينما أو الدراما خاصة أن هذا الموضوع تحديدا لن يمثل أى خطر على من يصنعونه فالبلطجى ليس لديه أى توجه سياسى وليس مع طرف ضد آخر فهو لا يعنيه سوى مصلحته فقط، هذا بخلاف أن موضوع «البلطجة» قماشته عريضة ويتحمل صناعة أكثر من فيلم عنه.. وكان السبق لفيلم «الألمانى» الذى لعب بطولته محمد رمضان ويعرض حاليا فى السينمات، ثم مسلسل «البلطجى» لآسر ياسين ومسلسل «ابن موت» للمؤلف مجدى صابر اللذان سيعرضان بعد أيام قليلة ولكن إحقاقاً للحق فإن السيناريست مجدى صابر يعتبر أول من تنبه لخطورة عالم «البلطجية» وكتب مسلسله «ابن موت» منذ 4 سنوات وتشاء الصُدف أن يتم تنفيذ مسلسله ويعرض جماهيريا فى نفس توقيت «الألمانى» و«البلطجى». نحن فى فيلم «الألمانى» أمام الشخصية الرئيسية شاهين «محمد رمضان» عمل صبى ميكانيكى فى صباه ولمهارته أطلق عليه صاحب الورشة «الألمانى» من منطلق مهاراته التى تشبه مهارة الألمان. ورغم ذلك نراه يودع حياة العمل الشريف بعدما يشاهد إهانة والدته «عايدة رياض»، وسرقتها من قبل جارتها سلوى عثمان، ليصبح أهم بلطجى فى منطقته لا هم له إلا الحصول على الأموال من خلال قطع الطرق على المارة والاستيلاء على أغراضهم الشخصية أو من خلال العمل لصالح بعض التجار فى منطقته وتحصيل الفواتير لهم من الزبائن الذين يماطلون فى دفع ماعليهم. طبعا الحبكة الدرامية للسيناريو فى هذه المنطقة ضعيفة للغاية مؤلف الفيلم ومخرجه فى ذات لم يجهد نفسه فى إيجاد مبرر قوى ليحول بطل فيلمه من شاب صاحب حرفة تؤمن مستقبله إلى بلطجى، ولكى يتعاطف الجمهور مع البطل حرص المؤلف على إظهار الجانب الإنسانى والعاطفى للبطل نحن أمام بلطجى محترف يفعل كل شىء ضد القانون فهو يعيش قصة حب ساذجة من طرفه فقط مع جارته حبيبة «مروة الأزلى» ابنة أحمد بدير فمن وجهة نظره أن فتاته هى الشىء الوحيد النظيف فى حياته لكن فى ذات الوقت هو على علاقة وطيدة بإحدى العاهرات «داليا التونى» التى تعمل تحت مظلة القواد منير مكرم وزوجته فى المنطقة الشعبية التى يسكنها شاهين «محمد رمضان» ولا يجد غضاضة فى ممارسة الجنس معها أو مع زميلتها فى الكار.. طيب بالذمة واحد سلوكه مُنحرف لهذه الدرجة كيف سيصدق المتفرج حالة الحب التى يعيشها، وكيف سيقتنع بنواياه الصادقة فى التوبة من خلال عمله كمنادى سيارات أمام كباريه ويصدم برواده من السيدات. محاولة بحثى عن عنصر فى الفيلم يدفعنى للتعاطف مع الشخصية الرئيسية شاهين «محمد رمضان» باءت بالفشل، والمؤكد أن هذه المسؤلية تقع على عاتق المؤلف والمخرج، مادام اختار اللعب على منطقة الجانب الإنسانى والعاطفى لعالم البلطجية الذى يخون فيه الصديق صديقه ابن الكار، أما إذا كان هدف صناع الفيلم مُجرد تسليط الضوء على عالم البلطجية حتى يتم الاهتمام بهم من قبل الحكومة فهذا هدف نبيل وساذج في ذات الوقت لأن «الداخلية» هى من تصنع البلطجية وهم من الأدوات الأساسية التى تستخدمها فى ترويع المواطنين يعنى من الآخر لهم لازمة «عوزة» عندها. أيضا حاولت البحث عن أسرار هذا العالم وكواليسه داخل الفيلم لم أجد شيئا أكثر مما قدمه أحمد السقا فى فيلمة «إبراهيم الأبيض» الذى عُرض عام 9002، نحن مع السقا شاهدنا عمرو واكد وهو يخون ابن كاره وصديقه أحمد السقا وفى «الألمانى» شاهدنا ضياء عبدالخالق يفعل نفس الشىء مع الفارق طبعا فى المستوى الفنى بين الفيلمين. المشكلة الأساسية فى فيلم «الألمانى» متمثلة فى ضعف السيناريو، وضعف الخيال السينمائى للمخرج علاء الشريف بخلاف مشكلته فى توجيه أبطاله الشباب «مُراد فكرى» و«داليا التونى» و «مروة الأزلى» ولا أعتقد أن أيا منهم استفاد من هذه التجربة خاصة محمد رمضان ذلك الممثل الموهوب الذى فى حاجة إلى مخرج يخرجه من عباءة أحمد زكى ليكون نفسه فقط.. أحمد بدير إذا كان تواجد فى فيلم «الألمانى» بدافع مُساندة محمد رمضان فى أول بطولة مطلقة فأعتقد إنه خسر كثيرا بالتواجد فى فيلم يقدم النسخة الرديئة من فيلم «إبراهيم الأبيض».. نحن فى النهاية أمام التجربة الأولى للمخرج والتى عادة تحمل الكثير من الأخطاء. وأخيراً: تحية للمنتج المبتدىء أحمد السرساوى الذى غامر وأنتج هذه التجربة رغم مساوئها فى ظل الظروف الحالية وفتح بيوت كثير من العاملين فى الوقت الذى لايعمل فيه سوى شركات الإنتاج الكبرى مثل «أوسكار» و«الشركة العربية» و«السبكى»، وإذا كان فيلمه حقق مليونا و021 ألف جنيه خلال أسبوعين فالمؤكذ أن مفيش فيلم يخسر مُنتجه خاصة إذا كانت ميزانيته بسيطة.