تضارب.. ومشاعر متناقضة بين المصريين بعد قرار السعودية بإغلاق سفارتها والقنصليات فى مصر وسحب السفير، التضارب جاء نتيجة غضب المصريين فى الخارج، بينما أصيب قطاع السياحة الدينية وبالأخص سياحة الحج والعمرة للسعودية بحالة من الخوف من توقف النشاط، حيث إنها تحقق أرباحا كبيرة من وراء تنظيم رحلات الحج والعمرة. أكد إلهامى الزيات رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية أن الأزمة بين مصر والسعودية تخلق بالفعل سلسلة متتالية من التأثيرات السلبية التى تضر بالسياحة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فالبداية فى تأشيرات الحج والعمرة والتى تعتبر أهم الملفات فى العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية فشركات السياحة بأكملها تعتمد كليا على موسم الحج والعمرة فى حل جميع الأزمات التى تمر بها طوال العام فى ظل أن مصر تعتبر الراعى الرسمى لتصدير أكبر عدد من المعتمرين والحجاج للأراضى المقدسة فبهذه الأزمة سوف ينتج العديد من الاضطرابات فى عدد التأشيرات التى تحصل عليها مصر من المملكة العربية السعودية.
وأضاف الزيات أن تعليق السفارة السعودية وقنصلياتها جميع أعمالها فى مصر يحمل معنى واحدا فقط، وهو إلغاء جميع التعاملات المصرية - السعودية طوال الفترة القادمة، ومن هنا فيوجد صعوبة فى استخراج المواطنين لتأشيرات العمرة خلال الأيام القادمة فى ظل أننا نمر بأهم أشهر لموسم العمرة «رجب، شعبان، رمضان» وبذلك فشركات السياحة تنتظر مصيرا مجهولا أمام الأزمة المفتعلة بسبب عدم وضوح الرؤية وتضارب المعلومات سواء فى السعودية أو مصر التى جعلت الشارع المصرى فى سخونة تقلب البلاد رأسا على عقب بدون دلائل وحقائق.
∎ التضارب
فى الوقت الذى أعرب فيه ناصر تركى نائب رئيس غرفة شركات السياحة ورئيس لجنة السياحة الدينية عن مدى استيائه الشديد بسبب الاضطرابات بين مصر والسعودية، خاصة أن مصر علاقتها بالمملكة العربية السعودية ليست مجرد علاقات اقتصادية فقط، بل هى علاقة «دم وإسلام وعروبة»، فهى حلقات وصل متصلة بعضها بين البلدين، فمن الصعب إهانة كرامة المصريين على أيدى المملكة العربية السعودية الشقيقة. وأضاف تركى أن الأزمة بين البلدين لابد إغفال الجزء السياسى فيها والتعامل معها على أساس اجتماعى فقط، لأننا أمام حقائق مغيبة وتضارب فى التصريحات من جانب المسئولين فى البلدين.
وأشار تركى إلى أن شركات السياحة ليست هى الخاسر الوحيد فى هذه الأزمة لأن المملكة العربية السعودية هى من أوائل الخاسرين فى هذه الأزمة لأن نسبة زيادة أعداد المعتمرين أو أعداد الحجاج فى تزايد مستمر، فخلال ال 3 سنوات الأخيرة بلغت حوالى 02٪ مقارنة بالأعوام السابقة فى المقابل أنه كل عام نجد تزايدا مستمرا وكبيرا عن العام الماضى، فمنذ بداية عمرة مولد النبى حتى وقتنا هذا وصلت نسبة المعتمرين إلى 02٪ مقارنة بالأعوام السابقة أى هناك آلاف الطائرات المحملة بالمعتمرين المصريين سواء فى مطار جدة أو مطار القاهرة الدولى، حيث تصل متوسط كل حاج أو معتمر إلى 000,01 ريال أى حوالى 51 ألف جنيه مصرى، مضافا إليها مصروفات الإقامة والنقل، ومن هنا نجد أن رحلات الحج والعمرة لا تحقق الدخل المتوقع من هذه الرحلات.
فى الوقت الذى نجد أن حجم الأموال المصروفة على الحج والعمرة تصل إلى 046 مليار ريال سنويا مما يزيد من إيرادات المملكة العربية السعودية فى ظل أنه تمثل رحلة الحج والعمرة المصرية فرصة ذهبية يجب اقتناؤها لأننا نجد أن إجمالى إيرادات المملكة السعودية من النفط والغاز يصل إلى 074 مليار ريال فقط، وهو يعتبر من أكبر منافذ الدخل لدى السعودية. بالإضافة إلى حجم التجارة التى تباع طوال موسم الحج والعمرة لنجد أن كل معتمر أو حاج ينفق حوالى 05٪ من إجمالى المصروفات على الهدايا والأجهزة الإلكترونية لذلك فإن المملكة العربية السعودية هى الخاسر الأول والأخير فى أزمتها مع مصر لأن مصر هى أكبر بلد سياحى ومصنفة ضمن أهم الدول السياحية فى العالم فبمجرد انتهاء حالة الفوضى والانفلات الأمنى التى تمر بها البلاد تعود السياحة إلى مصر مرة أخرى وبشكل طبيعى، وتستطيع الشركات السياحة تعويض خسائرها بشكل غير متوقع لأن هناك أعدادا هائلة من السياح تلهث وراء عودة الأمن للبلاد، وأخيرا لابد من احتواء الأزمة بين وزارة السياحة وشركات السياحة حتى تستطيع الخروج من هذه الورطة بين البلدين.
∎ الضربة
ومن جانبه يرى رجل الأعمال والخبير السياحى فتحى نور أن إغلاق السفارة السعودية أبوابها فى مصر يعتبر ضربة جديدة لشركات السياحة، خاصة أن اليوم الواحد فى السفارة السعودية تعتمد خلاله على أكثر من 3 آلاف تأشيرة عمرة مما ينتج عن ذلك أنه خلال أسبوع كامل سوف تفقد مصر والسعودية معا حوالى 12 ألف تأشيرة عمرة، ومن هنا تبلغ الخسائر أكثر من 3 ملايين جنيه مما يتسبب فى أزمة خاصة بشركات السياحة، وليس السياسة والعلاقة الثنائية بين البلدين فى ظل أن مصر هى البلد الوحيدة الذى يصل فيها سعر الحج من 52 ألف جنيه مصرى إلى 03 ألف جنيه مصرى فى الوقت الذى نجد فيه حج القرعة يصل من 9 إلى 51 ألف جنيه مصرى، ومن هنا نجد أن جزءا كبير من الاقتصاد السعودى يرتقى بسبب رحلات العمرة والحج المصرية لأن متوسط دخل المملكة من الحج والعمرة يصل إلى 007 مليار ريال سنويا، فضلا عن جميع الخدمات التى يحتاجها المعتمر أو الحاج من طعام واتصالات وغيرها مما يزيد من الاقتصاد السعودى على حساب جثة المواطن المصرى البسيط الذى ينفق كل أمواله لزيارة الأراضى المقدسة لنجد أن رحلات الحج والعمرة فى حقيقتها هى عبء على الاقتصاد المصرى وليس فرصة ذهبية له فى ظل أن السلطات السعودية تقوم بإضافة بعض الإجراءات التى تزيد من ثمن التأشيرات بالإضافة إلى ارتفاع أسعار تذاكر الطيران وشركات السياحة. وأشار نور إلى أننا لابد أن ننتبه إلى القرار السعودى الذى أعلنته المملكة السعودية بخفض حصة مصر من التأشيرات بعد أن كان 023 ألف تأشيرة وصل الآن إلى 001 ألف تأشيرة مما أدى إلى زيادة أسعار الحج والعمرة مقارنة بالأعوام السابقة.
أضاف نور أن أسعار الغرف فى الفنادق بمكةالمكرمة والمدينة تصل إلى 83 ألف ريال يوميا، فضلا عن أن هناك أكثر من 8 مليارات ريال سنويا توسعات فى مكة تضاف بشتى الطرق على تأشيرات الحج والعمرة، ولا ننسى مدى حجم الأموال المصروفة من المصريين على الهدايا وشراء الملابس والأجهزة على الرغم من أن حجم التجارة التى تستوردها السعودية من مصر يصل إلى 05٪ من حجم استيرادها، ومن هنا فاقتصاد السعودية مستند على اقتصاد مصر بشكل كبير.
∎ الفجوة
وأكد الدكتور أحمد جلال رئيس المنتدى الاقتصادى للبحوث الاقتصادية أن أزمة العلاقة بين مصر والسعودية سوف تؤثر تأثيرا سلبيا على رحلات الحج والعمرة، وبالتالى سوف يؤثر على الاقتصاد القومى ويرجع لعدة أسباب لعل أبرزها ضعف قيمة الجنيه مقابل الريال السعودى مما يؤدى إلى حدوث تضخم فى الإنفاق، فضلا عن حجم الأموال المصروفة فى رحلات الحج والعمرة بدءا من التأشيرة، وتذاكر الطيران والهدايا وغيرها فكل هذا يقلل الادخار القومى فكلما قل الادخار حدث فجوة بين الادخار والاستثمار ومن هنا تلجأ الدولة إلى الاقتراض، فمصر وحدها تضخ أكثر من 43 مليار جنيه سنويا فى الاقتصاد السعودى مما يؤثر على اقتصادنا المصرى.
وأضاف جلال أن العمرة والحج تكلف مصر مليارات الجنيهات فضلا عن أنها فى تزايد مستمر أى أن هناك حوالى 03 مليار جنيه مصرى أى ما يعادل 5 مليارات دولار يتم إنفاقها على العمرة، فهناك سلسلة من الخسائر على الاقتصاد المصرى مقابل سلسلة من المكاسب للاقتصاد السعودى، فنحن أمام أزمة تؤثر على ميدان المدفوعات والنقد الأجنبى.