فقد التصفيق حماسته وحدته المعهودة في مثل هذا التوقيت، حينما تسلّم جوائز مؤسسة ساويرس لفائزيها من كبار الكتّاب وشبابهم، لم يصفق الحضور الكبير من نجوم عالم التمثيل والكتابة والسياسة الذي حضر مساء أمس الأول بنفس حدة العام الماضي مثلا، ربما تأثرا بأحداث إرهابية وقعت ليلة رأس السنة بالإسكندرية فأوقعت العديد من الشهداء وألقت بظلال من الحزن علي كل فعالية واحتفالية. يسمع الحضور من خلف الكواليس، في البداية وقبل كل شيء، صوت رجل رخيم، مليء بالحزن يدعوهم للوقوف دقيقة حدادا علي أرواح شهداء قال أنهم سيكونون دائما في أعيننا، ودقيقة الحداد تمتد علي غير المألوف. وبعده يطالعنا وجه "كبيرنا" نجيب محفوظ ليخبرنا "أني أقمت حياتي علي أساس الحب.. حب العمل والناس والحياة"، ثم يصعد حفيد سيد درويش، أكثر من غني لمصر والوطنية، يصعد إيمان البحر، ليؤكد أنهم حاولوا التفريق بيننا منذ عهد جده. ويلقي علي الحضور أبياتا غناها جده: يا مصر يا حافظة قرآنك وأناجيلك..لو تناديلي من الغربة أناجيلك..ومهما تموت أجيال هنا أناجيلك، وتعقبه مقاطع من فيلم "شكاوي الفلاح الفصيح" للراحل شادي عبد السلام، عرضوا الفيلم ليس فقط لأنه يحكي عن فلاح وقف بفصاحته أمام فرعون، وسجلت كلماته في الحضارة الفرعونية التي اخترعت الكتابة، بل أيضا لأنه فلاح طالب فرعونه بالعدل، وأخبره أن العدل هو شرع الإله، هو الحق، وهو الباقي. حتي كلمة الدكتور محمد أبو الغار، عضو مجلس أمناء جائزة "ساويرس الثقافية" لم تخل من إشارة، فيخبرنا أن كلمته أعدها قبل حدوث كارثة الإسكندرية ويؤكد لنا أن الاحتفال محاولة لتخطي المحنة، ويلقي علينا رباعية صلاح جاهين: غمست سنك في السواد يا قلم..عشان ما تكتب شعر يقطر ألم.. مالك جرالك إيه يا مجنون.. وليه رسمت وردة وبيت وعلم..عجبي. وتبدأ فعاليات الحفل، ويفوز بالمركز الأول (فرع كبار الكتّاب) في مجال الرواية الروائي أحمد صبري أبو الفتوح عن روايته "ملحمة السراسوة" وبالمركز الأول في مجال القصة الروائي محمود الورداني عن "الحفل الصباحي"، أما فرع (شباب الكتّاب)، فيفوز بالمركز الأول في الرواية الطاهر شرقاوي عن روايته "فانيليا"، وبالمركز الثاني يفوز مناصفة كل من : محمد محمود معروف عن "الباخرة كليوباترا" ومنال محمد السيد موسي عن "غنا المجاذيب"، بينما يفوز بالمركز الأول في القصة القصيرة محمد عبد النبي عن "شبح أنطون تشيخوف" وبالمركز الثاني يفوز مناصفة كل من: محمد خير عن "عفاريت الراديو" وأحمد محمود حمدان عن "البعثة" إبراهيم أصلان، مقرر لجنة التحكيم في جوائز كبار الكتّاب، يخبرنا أنه كان يتطلع لمستويات أفضل في القصة القصيرة، وأن الجوائز هي ذائقة لجنة تحكيم لا يمكن تجاهلها، وأن كتّاب القصص القصيرة التي فازت استطاعوا أن يخلقوا واقعا موازيا للواقع الذي نعيشه بما فيه من عبث وكابوسية. ويخبرنا أيضا أن رواية "ملحمة السراسوة" الفائزة، تتميز بإتقان رآه إبراهيم أصلان قيمة أصبحنا نفتقدها في حياتنا، وأكد لنا أن هذه الرواية إذا اكتملت أجزاؤها بنفس المستوي الذي خرجت به أجزاؤها الأولي، فستتمتع بمكانة خاصة في الرواية المصرية والعربية. ويخبرنا السفير محمد إبراهيم شاكر (عضو مجلس الأمناء) أن الجائزة ابتداء من العام القادم ستشترط أن يمر عامين علي الأكثر علي الأعمال المتقدمة للجائزة بدلا من ثلاثة أعوام. ويفاجئنا عصام المغربي (عضو لجنة أمناء) وأحد منظمي الاحتفالية بسيدة بلغت من العمر 85 عاما، تحدث عنها كامرأة بلغت من العمر عتيا ومازالت تحمل روح الشباب في قلبها. تعلمت السيناريو والإخراج وهي تحمل من العمر 73 عاما، وعرضوا فيلمها الوثائقي في الاحتفالية، وحينما طلب الحضور أن تقف ليرونها، وقفت «جين بقطر» في نهاية الصفوف، وصفق الحضور، هنا فقط صفق بحدته المعهودة.