لن أعيد مقولات من المؤكد أن القارئ قد استمع اليها مرارا في الأيام الماضية حول ذلك الحادث الإرهابي الذي تعرضت له الإسكندرية بصفة خاصة ومصر بصفة عامة ولكني هنا أكرر وأؤكد أن الحادث قد تعرضت له مصر وليس فقط الكنيسة كما يصور لنا هذا الإعلام الصاخب وتلك والمواقع الإلكترونية المتعصبة والمتشنجة دائما والمتأمل جليا في ملابسات هذا الإجرام يلاحظ مايلي:- أن اختيار موقع التفجير كان في غاية المكر والخبث والدهاء حيث إن الكنيسة التي وقع التفجير أمامها تواجه مسجدا كبيرا وأن هذا الموقع قد شهد من قبل عدة مناوشات بين مسلمين وأقباط مما يخلق بيئة مناسبة لإستنفار العواطف الدينية بعد الانفجار فمواجهة المسجد أمام الكنيسة محل التفجير من المؤكد أنه سوف يستفز مشاعر الأقباط الغاضبين لما حدث وهذا معناه أن المقصود لم يكن فقط إلحاق الضرر بالمصلين داخل الكنيسة ولكن أيضا الرغبة في حدوث مصادمات بعد الانفجار ووجود المسجد في مواجهة الكنيسة خلقت جوا ومناخا مناسبا لتلك المصادمات وإن دل هذا علي شيء إنما يدل علي أن العقل المفكر والمدبر لهذا الحادث لم يكن يستهدف فقط أرواح الأقباط ولكن كان يستهدف روح الوحدة المصرية. ثانيا :- منذ فترة طويلة ولم تشهد مصر مثل هذه الهجمات الإرهابية من تلك النوعية التي تستخدم فيها مثل هذه الأساليب في التفجير وهذا معناه ان اتهام السلطات المصرية بأن هناك أصابع خارجية وراء الحادث اتهام في محله ومن المعروف أن الحرب بالإنابة والتنفيذ بالوكالة يمثل إحدي ركائز الفكر الإستراتيجي للأعداء الذين نعرفهم جميعا وتاريخهم القذر يشهد بذلك. ثالثا:- قرأنا والبعض منا قد عاصر ما سمي وقتها بفضيحة لافون وهي الفضيحة التي طالت اليهود في مصر عندما قام البعض منهم بتنفيذ بعض عمليات التفجير داخل دور السينما لخلق مناخ يهيئ لليهود الرغبة في ترك مصر واللحاق بالعصابات التي احتلت فلسطين وعلي ما يبدو أن أسلوب التفجيرات هذا لايزال محببا لهؤلاء الجبناء. رابعا:- خرجت مظاهرات من الأقباط بعد الحادث للتنديد به وهذا في حد ذاته أمر مفهوم ولكن ما هو غير المفهوم هو أن هذه المظاهرات كانت تحمل في طياتها اتهاما ضمنيا للمجتمع المصري ومسلميه وتحميله مسؤلية الحادث علي الرغم من أن الجميع قد شعر بهذا الصدق في مشاعر المسلمين ضد هذا الفعل الإرهابي. وتواترت الأخبار عن محاولة البعض الاعتداء علي موكب شيخ الأزهر الذي ذهب لمواساة قداسة البابا شنودة وكأن الأزهر هو المحرض علي تلك العملية أو حتي غير مستنكر لها وهذا غير صحيح. خامسا:- السيارة التي انفجرت كانت تقف في شارع عام وليس في جراج كنيسة أو ممر خاص للكنيسة وليس هذا فحسب بل إن هناك كما ذكرنا مسجدا كبيرا يقع في مواجهة الكنيسة أي أن احتمالية وقوع ضحايا من المسلمين أمر وارد وهذا ما حدث بالفعل صحيح ان من الأرجح هو أن تكون الأكثرية من المسيحيين نظرا لقرب السيارة من بوابة الكنيسة إلا أن الضحايا المسلمين كان لهم نصيب من هذا العمل الإجرامي مما يدل علي أن من خطط ونفذ هذا الفعل لم يقم به من منطلق أيديولوجي أو عقائدي ولكن من رغبة قوية في الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين في مصر وهذا ما كاد ينجح فيه لولا هذا الإستنفار الكبير لكل أجهزة الدولة وعقلائها للحيلولة دون وقوع مالا يحمد عقباه. إنني مثل كثير غيري أهيب بالجميع أن يفوتوا الفرصة علي من أراد بهذا المجتمع شرا وهذا لن يتأتي إلا بتحكيم البصيرة الوطنية وهي موجودة بالفعل وما قام به الكثير من مستخدمي الإنترنت من تكوين مجوعات للتكاتف والتعاضد إلا برهانا علي هذه الروح. واخيرا أقول لأقباطنا إن الكنائس هي مؤسسات مصرية عامة مثلما هي دور عبادة خاصة يحميها ضباط وجنود دفع البعض منهم حياته ثمنا للذود عنها وأن معركة الأقباط ليست ضد المسلمين في مصر وليست ضد الدولة ولكن معركة الأقباط بالمشاركة مع المسلمين ضد هذا العدو المتربص بنا جميعا والذي تضيع أرواح الكثير منا أقباطا ومسلمين نتيجة لأفعاله ولكراهيته التي لايحدها حد. خالص العزاء لمن فقد عزيزا عليه في هذا الحادث الإرهابي الكريه ولكن لا عزاء للوطن ولا عزاء فيه لأن الروح لاتزال تجري في دمائه وهو رغم كل شيء لايزال حيا نابضا بالحياة ولو كره الكارهون.