وقف محمد مرسي المتحدث باسم جماعة الإخوان المحظورة من مقعده في منصة المؤتمر الصحفي الذي عقدته الجماعة قبيل الانتخابات الأخيرة.. كي يلتقط الكلمات التي تقولها مراسلة إحدي وكالات الانباء الأجنبية، وطلب منها باللغة الإنجليزية إعادة "الطلب" وليس السؤال مرة أخري، وبصعوبة شديدة ادرك ما تقصد، فقال " اه، فهمت.. السؤال حول موقفنا من الرقابة الدولية.. حسنا سأرد بالعربية وعلي أي من المشاركين أن يترجم لها ما أقول".. كان الحضور الأجنبي شديد الكثافة في مؤتمرات الإخوان قبيل الانتخابات، لافتا للأنظار، فقد حرصت الجماعة علي توفير قائمة طويلة من عناوين وتليفونات مراسلي الوكالات الأجنبية بعضها من اليابان وجنوب افريقيا للاتصال بهم وموافاتهم بكل ما يصدر عن الجماعة من رسائل موجهة إلي الغرب. بعد الانتخابات انعكس الأمر برمته، وتبدل موقف الجماعة، وكتب عصام العريان عضو مكتب الإرشاد والمتحدث باسم الجماعة مقالا، يدعو فيه الجميع إلي عدم التعويل في مساعي التغيير علي الغرب لانه لن يقدم شيئا للمعارضة المصرية، وهو امر يعكس حالة الاحباط التي تعاني منها جماعة الإخوان نتيجة ما حدث في الانتخابات الماضية واسفر عن خروجها بلا تمثيل برلماني. حالة الاحباط اعترف بها العريان، في كلمته المتلفزة بفعاليات اليوم الثالث لمؤتمر القلة المندسة الإلكتروني الموازي لمؤتمر الحزب الوطني، عندما دعا القوي السياسية لبذل جهد أكبر في بعث الأمل من جديد للشعب، لإخراجه من حالة الإحباط الحالية ودفعه إلي العمل من أجل الإصلاح، وأضاف أن الإحباط الراهن ليس من تزوير الانتخابات- بعد التعود علي التزوير بدرجات متفاوتة- ولكن من حجم الجريمة وحجم الحرائق التي نتجت من هذا التزوير في كلِّ مكان حتي في داخل الحزب الوطني نفسه، يقصد ان الحرائق طالت الجماعة أولا. رغم تصريحه لنا قبل الانتخابات بساعات وقوله انه حقق اهدافه من الترشيح بنسبة 90 % أقر سعد عمارة عضو المكتب الإداري لاخوان دمياط والمرشح السابق للجماعة في الانتخابات الماضية بالاحباط الذي تعانيه الجماعة وقال "الناس محبطة وليست هناك وصفة سحرية للخروج من الوضع الراهن، معتبرا ان الانقسامات الداخلية التي خلفتها نتيجة الانتخابات ظاهرة صحية، واضاف لم نجد امامنا كمرشحين ونواب خاسرين في الاجتماعات التي عقدناها مع ممثلي المعارضة الا ان نتحد في أي تحرك مستقبلي، مشيرا إلي ان انقسام المعارضة اسهم في النتيجة الحالية. زاد من صعوبة الموقف الإخواني التضارب الذي عانته الجماعة في موقفها مما يسمي ب"البرلمان الموازي" فبعد ان قررت الجماعة المشاركة بقوة في هذا العمل استنادا إلي خطاب الرئيس مبارك الذي قال فيه "خليهم يتسلوا» تلقت الجماعة تحذيرات د. احمد فتحي سرور من الوقوع تحت طائلة المادة 86 مكرر من قانون العقوبات بخوف شديد جعلت محمد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد يكذب ما ذكره النائب السابق محمد البلتاجي ممثل الجماعة في البرلمان حول تأييد الجماعة لفكرة البرلمان الموازي، مؤكدا في الوقت ذاته نفس الكيان لكن بعدما اطلق عليه مصطلح مغاير وهو" البرلمان الشعبي". الاوضاع السيئة دفعت كوادر الجماعة للانضمام إلي جبهة المعارضة التي شكلتها العناصر المبعدة من التنظيم، ودفع قيادات المكتب الإداري للجماعة بالبحيرة للتحقيق مع خمسة من كوادره لتوقيعهم علي البيان الثاني للجبهة، ومطالبتهم بالاعتذار عن التوقيع الذي اعتبرته القيادات جرما في حق الجماعة، وقالت القيادات الإخوانية: ان قرار الانسحاب من عدمه ليس ملكا لاي من الأعضاء حتي المرشحين أنفسهم وإنما لمكتب الإرشاد. إحالة الكوادر الإخوانية للتحقيق تأتي مناقضة لتصريحات محمد مرسي التي تحدي فيها ان يكون أي من المشاركين في الجبهة من الإخوان، كما تعكس التخوفات الإخوانية من نشاط المعارضين الذين تتزايد أعدادهم بالعشرات بحسب ما ذكره القيادي السكندري هيثم أبو خليل لروزاليوسف، مؤكدا ان مئات من أعضاء التنظيم يراقبون الآن ما يجري مع المعارضة التي تحرص علي مخاطبة عقولهم وفي انتظار تحرك جدي للانضمام اليهم، لافتا إلي ان التحرك من اجل الحصول علي الشرعية القانونية في مقدمة اولويات الجبهة في الفترة المقبلة. وفيما شدد مختار نوح احد ابرز قيادات جبهة المعارضة علي حرصهم علي الإعداد الجيد للمؤتمر المزمع عقده لمناقشة تعديل اللائحة، فإن هيثم ابو خليل أكد ان مؤتمر تعديل اللائحة ليس سوي خطوة اولي ضمن سلسلة فعاليات تخطط لها الجبهة تهدف إلي اصلاح الاوضاع داخل الجماعة وكسر احتكار عشرين شخصا هم أعضاء مكتب الإرشاد للقرارات المصيرية للجماعة، ومن بين القضايا التي سيتم التعرض لها أيضا "ماذا قدمت الجماعة لمصر علي مدار 80 عاما" بالإضافة إلي دراسة التجربة التركية في الحكم ومدي قابليتها للتكرار.