تباينت ردود أفعال الخبراء والمحللين بالقطاعين المالي المصرفي والاقتصادي علي ضوء أزمة منطقة اليورو التي شهدها عدد من دول الاتحاد الأوروبي بداية بايرلندا واليونان وفي انتظار البرتغال وبلجيكا وإسبانيا وربما إيطاليا إذ أظهرت هذه الأزمة مدي الفارق بين قوة عملة اليورو والدولار الأمريكي لاسيما في ظل الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي لحماية هذه العملة المهددة بالاحتضار وكأن أزمة دول الاتحاد الأوروبي بداية نهاية عملة اليورو. الأمر الذي دفع مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس للتحذير من خطورة الوضع في أوروبا وأن هناك شكوكاً في إمكانية احتواء أزمة الديون سواء من الحكومة لتعويض عجز الميزانيات أو من القطاع المصرفي للعملاء والمستثمرين. قال شريف دلاور خبير اقتصادي أن المشكلة بدأت منذ فترة التسعينيات من خلال التوجه اليميني للحكومات الأوروبية الذي أخل بالسياسات الاجتماعية والعدالة وتشكيل سياسات تتوازي وتتماشي مع اقتصاديات السوق أطلق عليه «تحرير الاقتصاد» وكان يعتمد بشكل كبير علي الثروة الورقية دون أي اهتمام بالأصول الحقيقية مما أدي إلي هذه الأزمة بمجرد ضياع الثروة الورقية تنتهي اقتصاديات دول. وأضاف دلاور أن الولاياتالمتحدةالأمريكية في تعاملها مع أزمة 2008 اعتمدت علي طباعة عملة الدولار باعتباره يتبع سيادتها فلم تمثل أي مشكلة كما صور للعالم ولم تدان الحكومة الأمريكية لأي قطاع أو مؤسسة خارجية ومجرد أنها أصبحت دائناً للبنوك من خلال اقراضها مما يتم طباعته من عملة الدولار الأمر الذي يضع ثقة العالم كله في هذه العملة حتي لو تعرضت للانهيار وذلك سبب اعتبارها عملة احتياط النقد الدولي. أما اليورو فيتبع سيادة 16 دولة من إجمالي 27 دولة هي أعضاء الاتحاد الأوروبي لا يحكم أي منها فيه حتي البنك المركزي الأوروبي لا يتحكم في مصادر تحديد قيمته وتركه للسوق الحر فقط يقوم بتحديد سعر الفائدة مما يجعل هناك توقعات بأن عملة اليورو لن تستمر وأنه بقرب عام 2015 ستترك دول كثيرة عضوية الاتحاد الأوروبي وستظل قاصرة علي بعض الدول النقدية مثل ألمانيا وفرنسا. واكمل دلاور أن أزمة منطقة اليورو بحسب تحليلات المواطنين في شوارع هذه الدول جعلت الدين الخاص ينتقل إلي الدين العام لحكومات هذه الدول عن طريق ديون القطاع المصرفي ودعم الحكومات لها لتوفير السيولة النقدية ومحاولة الخروج من هذه الأزمة. قد يتصور الكثير أن دعم الحكومة من خلال ضمانات القروض وشراء الأصول والمنح المباشرة مجانا من الحكومة للقطاعات المصرفية ولا يعلمون أن الحكومات تستدين للبنك المركزي الأوروبي المسئول عن طبع العملة كما حدث مع إيرلندا وجعلها تستدين 85 مليار دولار معبراً عن ذلك بأن الأزمة جعلت الفقراء هم من يتحملون عجز الاعباء. وفي النهاية لا يتحمل القطاع المصرفي أعباء هذا الدين بل تتحمله شعوب هذه الدول التي تتحدد قوة اقتصادياتها علي مجرد المضاربات في البورصات العالمية دون النظر للأصول والتي تلجأ لها البنوك في الوقت الحالي لحل أزمتها. أشار دلاور إلي أن أزمة منطقة اليورو أثبتت قوة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات من خلال شدة البنك المركزي في قيود علي المصارف وتوفير كل بنك جزء من احتياطي له خاضع لرقابة البنك المركزي تحسبا لوقوع الأزمات. ومن ناحيته قال عمرو طنطاوي نائب رئيس بنك مصر إيران أن من الطبيعي أن تظهر بعض الأثار السلبية علي قطاع البنوك الأوروبية في مصر مشيراً إلي أن علاج الأزمة يتوقف علي مدي الحلول التي تقدمها الحكومات والمؤسسات المتخصصة في هذه الدول ومدي استبعاد الدعم المقدم لوفاء العجز الموجود من عدمه. وأضاف طنطاوي أن ما يثار من تحذيرات علي تمادي بعض الحكومات في منح الدعم لقطاعها المصرفي مفاده عدم تأثر اقتصاديات هذه الحكومات وميزانياتها إذ توفر علاج لأزمة القطاع المصرفي وتخلق مشكلة أكبر في ميزان تعاملاتها المالي. وفرق طنطاوي بين أزمات العجز التي تشهدها المجتمعات النامية والتي لا تتفاقم إلي الحد الذي تشهده المجتمعات المتقدمة بالرغم من أن نسبة العجز تكون أكبر في هذه المجتمعات النامية بأن عملتها لا تؤثر إلا في اقتصادها فقط علي عكس اليورو الذي يؤثر في العالم كله بجانب الدولار.. مؤكداً علي توقعات دلاور بأنه إذا لم تتخذ خطط علاجية سريعة سيتأثر اليورو بالفعل للحد الذي قد يصل معه إلي الاحتضار والنهاية.