استكمالاً في التعليق علي أزمة العمرانية، قرأت باهتمام شديد بيان مطرانية الأقباط الأرثوذكس بالجيزة، والذي تضمن توضيحاً يؤكد أنه قد (صدرت تعليمات من محافظ الجيزة بتعديل مبني الخدمات الصادر به ترخيص رقم 112 لسنة 2009 إلي مبني كنيسة.. ولكن صدر قرار من رئيس الحي بوقف الأعمال وإزالة المخالفات، وهذا ما أثار شغب المنطقة). واختتم البيان الموقع من الأنبا ثيئودوسيوس (أسقف عام الجيزة) بأن حجم تجاوزات المبني، لا يساوي العنف الذي حدث والخسائر الناجمة عن الاشتباكات.. الأمر الذي نأسف له لحدوث مثل هذه الأمور التي أقلقت الجميع). وفي حالة دقة المعلومات التي ذكرها البيان فيما يخص التصريحات - مع مراعاة أن بناء الكنائس الجديدة ليس من اختصاص المحافظ؛ بل من اختصاص رئيس الجمهورية - فإن ما سبق يعني ببساطة، أن هناك مشكلة إجرائية إدارية تسبب فيها رئيس الحي. وترتب عليها ما حدث من تجاوزات (عنف وتدمير) من بعض شباب الأقباط. ولقد نشرت العديد من الجرائد خلال الأسبوع الماضي.. أخبار لقاءات وفد الكنيسة للمحافظ والقيادات الأمنية للاعتذار عما بدر وتقريب وجهات النظر بين الطرفين. ولكن ما أزعجني كثيراً هو أننا نتعامل مع أزمة العمرانية التي وقعت بين المواطنين الأقباط وجهاز الشرطة بمنطق الحلول العرفية، وليس بمنطق تطبيق القانون ونفاذه بحياد علي كافة المواطنين المصريين. لا يمكن أن نحل الأزمات والتوترات الطائفية بشكل خاص بمنطق الاعتذار والحلول العرفية لأنها تحمل شكلاً من أشكال الاستقواء علي المجتمع وعلي القانون.. لأن في الحلول العرفية ظلما حقيقيا لمن تعرض للعنف أو لتدمير ممتلكاته. كما أنه لا يمكن أن يحل الاعتذار فيما يمس أمن المجتمع وأمانه.. وهو ما يجعلني أرفض كافة أشكال الاعتذار والتبريرات لكل من تسبب في تكدير المجتمع المصري.. بداية من تجاوزات د. محمد عمارة والأنبا بيشوي وتصريحات د. محمد سليم العوا، ومروراً بالقس تداوس سمعان وزوجته والأسقف التابع له، وصولاً إلي المحرضين الأساسيين لشباب الأقباط بالعمرانية. أكرر.. لا يمكن أن نقبل بأي حال من الأحوال الاعتذار فيما يمس وحدة شعب هذا الوطن.. لأنها إساءة للدولة المصرية في مجملها، وليس لأي طرف من الأطراف علي حدة. ملاحظة يجب أخذها في الاعتبار، وهي أن حالة الاندفاع الموجودة سياسياً الآن إلي حد كبير عند الشباب المصري، كان لها تأثير أيضاً علي الشباب المسيحي المصري.. وهو ما يظهر في اعتراضهم علي القيادات الكنسية، واتهامهم إياها بأنها قيادات تقليدية لا تصطدم مع الدولة ولا تدافع عن حقوقهم. وعلي الرغم من رفضي القاطع لأن تصبح الكنيسة هي المدخل للعمل السياسي؛ فإننا يجب أن نأخذ في الحسبان.. إن الغالبية العظمي من هؤلاء الشباب قد أصبحوا خارج نطاق السيطرة الكنسية، وهو أمر مستجد لم يكن له وجود في السنوات القليلة الماضية. إنه متغير يحتاج إلي تعامل مباشر من الدولة المصرية بدون أي وسيط.