أصدر مجلس الدولة في الفترة الاخيرة عدة أحكام أحدثت ضجة في أوساط الرأي العام والمختصين وهي أحكام ترتب علي وجوب تنفيذها أزمات للحكومة، كما أحرجت هيئة قضايا الدولة «ممثل الحكومة أمام المجلس». الأحكام مثل حكم الحد الادني للاجور والحرس الجامعي ومدينتي وقد أجرت «روزاليوسف» مواجهة بين أحد شيوخ مجلس الدولة المستشار عادل فرغلي وأحد شيوخ مستشاري هيئة قضايا الدولة المستشار صدقي خلوصي حول أسباب خسارة الحكومة قضاياها وهل هناك اتجاه في المجلس لتبني وجهات نظر ضد الحكومة وهل في الاحكام وجهات نظر ولماذا تلجأ الهيئة للاستشكال في الأحكام أمام محاكم غير مختصة ولماذا ترفض الجهة الادارية في أحيان كثيرة تقديم مستندات تدعم موقف الحكومة؟ وغيرها من التساؤلات. المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة الأسبق: هناك اتجاه في مجلس الدولة يتبني وجهات نظر ضد الحكومة • صدرت في الفترة الاخيرة أحكام من مجلس الدولة ضد الحكومة فلماذا تخسر الحكومة قضاياها؟ لأن أي محكمة أمامها وجهتا نظر في أي قضية ودور المحكمة هو الموازنة ودراسة وجهتي النظر لترجيح احداهما وهذا العمل لايعد دليلا علي صحة رأيها وهذا حدث في أحكام مجلس الدولة التي صدرت بطرد الحرس الجامعي ووقف تصدير الغاز لإسرائيل والحد الادني للاجور وهي أحكام محل نظر ومحل نقد وعموما هناك اتجاه في المجلس لتبني وجهات نظر ضد الحكومة. • ألا تعد الخسارة قصورا من جانب هيئة قضايا الدولة؟ القصور غير وارد قد يحدث في قضية واحدة وليس في سلسلة قضايا، فالمحامي ليس ساحرا وليس سيدنا موسي يرمي بعصاه فينفلق البحر كما أن الحكومة ليست صح علي طوال الخط. • ما الذي تقصده بوجود اتجاه لتبني وجهات نظر ضد الحكومة؟ القضاء الاداري منهجه الابداع والابتكار أي تبني أفكار جديدة قد تكون خاطئة أو صحيحة وهي محاولة لابتكار حلول تواجه قضايا المجتمع لكن هناك فرقا بين الابداع الذي هو مرحلة من الجمال وبين الابتداع. • هناك اتهامات لكم بالتقاعس عن تقديم مستندات تطلبها المحكمة أو تمتنع الجهات الحكومية عن امدادكم بتلك المستندات مما يؤثر علي دفاعكم؟ أنا محام وأنت وكلتيني في قضية وطلبت منك مستندات ولم تحضريها فماذا أفعل؟ مع الوضع في الاعتبار أن هناك ظروفا تمنع بعض الجهات الحكومية من امدادنا بالمستندات للصالح العام أو أمن الدولة والمشكلة أن المحكمة في حالة عدم تقديم المستندات تعتبر ذلك تسليما بطلبات الخصم وهذا خطأ لأن القضاء الاداري لايقوم إلا علي الاوراق ولابد من ايجاد وسيلة تجبر الدولة علي تقديم المستندات بدلا من اصدار حكم بسبب عدم وجود الاوراق المطلوبة. • لمَ تصر هيئة قضايا الدولة علي اقامة استشكالات لوقف أحكام مجلس الدولة أمام محاكم غير مختصة؟ الحكومة تحترم أحكام القضاء إلا أن هناك أحكاما تتصادم مع المصلحة العامة وواجبة النفاذ من الدرجة الاولي، رغم الطعن عليها أمام المحكمة الادارية العليا. • ولماذا لا تقام تلك الاستشكالات أمام مجلس الدولة الذي أصدر تلك الاحكام؟ القاضي متعصب لحكمه ولم يحدث مطلقا أن قام قاض بمجلس الدولة بوقف حكم له في الاستشكال ولذا فلا ملجأ لنا سوي المحاكم العادية وسنظل نقيم استشكالات أمامها مادامت هناك أحكام تتصادم مع المصلحة العامة. • ما رأيك في القضايا التي يرفعها مواطنون أمام محاكم مجلس الدولة؟ أغلبها لتحقيق شو إعلامي كقضايا اسقاط الجنسية ونحن نحترم الاحكام الصادرة فيها إلا أن الحكومة ليست «سايبة» ولها نظام والناس بتستقوي بمجلس الدولة في مواجهة الحكومة. المستشار عادل فرغلى رئيس محاكم القضاء الإدارى السابق: مجلس الدولة قضاء محايد.. لا تعنيه المواءمات السياسية • صدر العديد من الأحكام القضائية التي سببت أزمات للحكومة ومنها حكم الحد الادني للاجور الذي صدر برئاستكم.. ألا يضع القاضي في اعتباره الظروف الاقتصادية والسياسية للدولة؟ القاضي حينما يصدر حكمه لايفكر في أي مواءمات سياسية ولايتدخل في السلطة التقديرية للدولة. • هناك اتهام لقضاة في المجلس بتبني توجه ضد الحكومة؟ لسنا مع الحكومة أو ضدها.. وقضاء مجلس الدولة قضاء محايد واختصاصاته واضحة.. نحن نفصل بين السلطة التقديرية للدولة المتمثلة في كل ما يتعلق بالسياسة العامة وتنظيم العمل الإداري والذي ليس له إلزام قانوني ويترك لتقدير الدولة وبين حقوق الافراد التي نص عليها القانون. فمثلا قضية وضع حد أدني للاجور وجدنا أن الحكومة ممثلة في المجلس القومي للاجور ملزمة قانونا بوضع حد أدني وفقا للظروف الاقتصادية بحيث يتحقق أجر عادل لكل مواطن والامتناع عن وضع هذا الحد يترتب عليه اعتداء واغتصاب لحق المواطن فوجب علينا التدخل. • صدرت في الفترة الاخيرة أحكام كثيرة ضد الحكومة ألا يعتبر ذلك توجها؟ لا يوجد حكم خرج عن نطاق القانون.. ونحن مهمتنا تفسير القانون وليس لنا أي توجهات سياسية، كما أن الناس أصبح لديها وعي بحقها في التقاضي ففي فترات سابقة كان المواطنون عازفين عن اقامة القضايا وليس لديهم أمل وعندهم احباط ومتصورين أن مجلس الدولة هو قاض للدولة وليس للمواطنين. • ألا يوضع في الاعتبار ما يترتب علي تلك الاحكام من احراج للحكومة؟ لا يهمنا مسألة احراجها من عدمه فإذا تخوف القاضي من احراج الحكومة فإن مهمته تكون قد انتهت وليس له «لازمة». • هل حاولت أي جهة حكومية التأثير عليكم أثناء نظر قضية ضدها؟ خلال الخمسين عاما مدة عملي بالمجلس لم تحاول الحكومة التأثير أو الضغط علينا في أي من احكامنا. • هل هيئة قضايا الدولة مسئولة عن خسارة الحكومة قضاياها أمام المجلس؟ جزء من الخسارة يكون مسئولية الهيئة لكننا لا نصدر أحكامنا نتيجة تقصير في الدفاع فالقاضي الاداري يتولي بحث القضية بنفسه ويجاهد من أجل الوصول للحقيقة.. إلا أن القاضي يعاني بالفعل من وجود تقصير من جانب الهيئة في عدم تقديم المستندات المطلوبة قد يكون سبب التقاعس ليس عائدا للهيئة بل لجهة الادارة نفسها التي تتعمد في كثير من الاحيان إخفاء المستندات. • ما رأيك في الاستشكالات التي تقيمها هيئة قضايا الدولة أمام محاكم غير مختصة لوقف أحكام المجلس؟ «شغل محامين» فالمحامي في أي قضية يعتبر من حقه اللجوء لوسائل مشروعة أو غير مشروعة لعرقلة تنفيذ الحكم.. ويتمسك بمبرره هذا باللجوء إلي محكمة غير مختصة وبالطبع يعد ذلك غريبا خاصة وهو يعلم أنها وسيلة غير قانونية.