كتب - بول كرودمان ترجمة : هاشم عبد الحميد العالم كما وجده أوباما يوم الأربعاء الماضي أشار ديفيد أكسلرود المستشار السياسي الأعلي للرئيس باراك أوباما أن البيت الأبيض علي استعداد لخفض الضرائب ليذعن بذلك البيت الأبيض لمطالب الجمهوريين بتخفيض الضريبة علي الأثرياء والطبقة الوسطي بطبيعة الحال ليصبح الأمر كما أوضح أكسلرود نفسه حين أشار بقوله " أن علينا أن نتعامل مع العالم كما نجده". النقطة الواضحة جليا هي التناقض بين سلوك الإدارة الحالية وخطابات أوباما خلال حملة الترشح للرئاسة وكيف وصلنا من أملنا في الرجل الذي كنا ننتظره لما نحن فيه الآن ،المفارقة في الأمر أعمق من ذلك فالسبب الرئيسي في الموقف الذي يجد أوباما نفسه فيه الآن أنه وقبل عامين تعامل مع العالم بطريقة مغايرة لما وجده عليه وما وصل إليه من الوضع الراهن ويبدو وكأنه يسير في نفس الاتجاه ولن يغيره مستقبلا. في وقت لاحق نبتت جذور اليأس للحزب الديمقراطي في طريق أوباما،ومرارا وتكرارا يقوم أوباما بتعريف مشاكل أمريكا علي أنها جزء من المشاكل وليست جوهر المشاكل كلها مما وضعنا حاليا في ورطة بسبب الأفكار الخاطئة للعديد من السياسيين وهو ما أدي لانقسامات حزبية سياسية منعت العديد من أصحاب النوايا الطيبة من حل مشاكلنا وتجاوز تلك الانقسامات. ربما كانت سياسة التعالي في الوعود السياسية هي ما تحدد كيف ستسير الإنتخابات العامة،فسباق الإنتخابات الرئاسية السابقة كان يشوبه الغموض والقلق من جانب الديمقراطيين حتي انهيار بنك ليمان برزرز وبرز نجم سارة بالين وهي الأسباب التي دفعت بالديمقراطيين إلي مقدمة السباق،ولكن السؤال الحقيقي هو : هل سيغير أوباما لهجته بعد اصطدامه بالعاصفة أم سيقاتل. كان للصراع الإقتصادي السبق منذ البداية حيث كان علي إدارة أوباما أن تضع خطة تتناسب مع حجم الأزمة وبدلا من ذلك ظل أوباما يتفاوض مع نفسه ويدور حولها حتي وصل إلي التفاوض مع الكونجرس في النهاية،ويبدو أن الإقتراحات التي قدمتها إدارة أوباما من البداية لم تكن هي الخطط الكافية لحل الأزمة كما أنها بدت غير واضحة وهو ما سمح ببروز الإحتجاجات ضد تلك الخطط وأدي إلي فشل العمل بقوة تجاه الاقتصاد أكثر من أي شيء آخر. الإدارة الحالية جاءت وسط مجموعة من المتاعب الاقتصادية التي تعاني منها البلاد ومع ذلك فإن الجهود السياسية لتلك الإدارة للحد من الضرر كانت ضعيفة بشكل مثير للدهشة ولم تكن هناك شعارات جذابة أمام الناس ولا بيانات ومباديء واضحة كما أرسلت الإدارة الحالية رسائل سياسية غير مؤثرة وغير مرئية وقد لاحظ العديد من الناخبين عدم تحقيق شعارات الحملة الانتخابية للرئاسة ولم يجد أحد " صيف الاسترداد " الذي كان يوصف في مواجهة كارثة اقتصادية تلوح في الأفق ولم تتحسن الأمور منذ الانتخابات. في الجلسة السابعة من مجموعة العشرين غير المثمرة في كوريا الجنوبية طالب الرئيس الصين وألمانيا بوقف عمليات التسهيل الكمي كواحدة من الأدوات المتاحة لتشجيع الانتعاش الاقتصادي في الولاياتالمتحدة ولمواجهة الجمهوريين،في حالة دولة مثل الصين من غير المتوقع أن تغير نهجها القائم علي تشغيل فائض تجاري ضخم عن طريق أكبر عملية تلاعب في العملة لم يسبق لها مثيل في التاريخ من أجل مساعدة اقتصاد الولاياتالمتحدة،أما في مسألة خفض الضرائب فهل سيبقي أوباما الطبقة المتوسطة رهينة لضمان تخفيضات ضريبية علي الأثرياء من جانب الجمهوريين؟ وهل سيظل أوباما يتفاوض مع نفسه لفترة طويلة قبل أن يضطر في النهاية للجلوس للتفاوض علي طاولة الجمهوريين؟. أوباما لا يزال لديه قوة هائلة أولها حق النقض للسيطرة علي مجلس الشيوخ كما أنه لا يزال يمكنه السيطرة علي الشركات الكبري كسلطة لتنفيذ قانون الرهن العقاري كما أنه لا يزال يملك السلطة لأعظم قوة إقتصادية في العالم وبإمكانه أن يحصل علي دعم الحزبين وغيرهما من الجهات الفاعلة في حال اخاذه لمواقف أكثر صرامة مع الصين،وأيا كانت المسألة يجب علي الرئيس أن يستخدم القوة التاريخية في داخله والتي ستمكنه من اتخاذ مواقف حازمة.