صدور مذكرات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش «نقاط القرار» أمس الثلاثاء، التي كشف فيها: أن رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت طلب منه ضرب موقع «دير الزور» في سوريا عام 2007، تزامن مع تحذير الولاياتالمتحدة يوم الجمعة الماضي من أن دمشق قد تواجه إجراءات ضدها، إذا لم تسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الي موقع «دير الزور» الذي يشتبه في أنه أنقاض منشاة نووية سرية دمرتها اسرائيل. نهاية شهر العسل بين الولاياتالمتحدة وسوريا كان متوقعا، خاصة أن فكرة (سلخ) سوريا وحزب الله من العلاقة الاستراتيجية مع إيران، ومحاولة (انتزاع) لبنان من المحور السوري- الإيراني ووضعه في الفلك الغربي، قد باءتا بالفشل الذريع رغم تحسن العلاقات مع سوريا منذ تولي الرئيس أوباما سدة الحكم في البيت الأبيض يناير عام 2009 . الاتهامات المتبادلة بين الولاياتالمتحدة وسوريا قبل أسبوع، كشفت عن عمق الأزمة السياسية المحكمة بينهما، والتي تتمحور حول " لبنان " بالدرجة الأولي، وأبرز تجلياتها التلاعب بالمحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، والقرار الدولي رقم 1559 الذي هو أشبه بخارطة طريق أمريكية - فرنسية (للبنان). أضف إلي ذلك الزيارة المستفزة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد للبنان الشهر الماضي، التي وصفتها وسائل الإعلام الغربية بأنها أشبه بصب الزيت علي النار، وتعميق الأزمة الطائفية في لبنان وزيادة التوتر في المنظقة ككل . ولم يكذب الرئيس نجاد هذه المعاني بل زاد عليها حين أعلن في المؤتمر الصحفي في قصر بعبدا: أنه " يريد تحريراً كاملا للأراضي المحتلة في لبنان وسوريا وفلسطين"! اتهام الولاياتالمتحدة لسوريا بزعزعة الاستقرار في لبنان، سبقه اتهام مماثل من الرئيس بشار الأسد للولايات المتحدة حيث قال لصحيفة الحياة اللندنية في مقابلة نشرت الأسبوع الماضي " لا يوجد مكان دخلوا إليه ( الأمريكان ) إلا وخلقوا فوضي.. هم يتحملون مسئولية الفوضي". رد الفعل الأمريكي علي كلام الرئيس الأسد كان قاسيا، وهو يعيدنا لأجواء الهوس العدائي بين الرئيس الأمريكي جورج بوش والرئيس الأسد، وأخطر مفرداته: «محور الشر» الذي يضم سوريا وإيران بالطبع، فقد اتهمت السفيرة الأمريكية لدي الأممالمتحدة سوزان رايس دمشق بأنها: انضمت الي إيران وأعضاء حزب الله لزعزعة استقرار لبنان وتقويضه. في نفس التوقيت قال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدني جيفري فيلتمان لصحيفة واشنطن بوست انه لن يكون هناك تقارب مع سوريا "طالما أن أصدقاء سوريا يزعزعون الاستقرار في لبنان" في اشارة الي حزب الله. الولاياتالمتحدة لم تفوت (لسوريا أو إيران) اعتراض مجموعة من النساء "المنتميات لحزب الله"، فريق التحقيق الدولي في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو ما سلط الضوء من جديد علي سلاح حزب الله وتكريسه لفكرة (الدولة داخل الدولة) كتقسيم جديد لجغرافية الشرق الأوسط، وتمرده علي السلطة المركزية اللبنانية وتعاقداتها الدولية، ناهيك عن أن تلميح سوريا بأنه يجب أن تحل المحكمة الدولية، قابل اصرار من الولاياتالمتحدة علي هذه المحكمة تحديدا، وتعهدها بدفع عشرة ملايين دولار للمساعدة في تمويل عملها. عقب نجاح الحزب الجمهوري في السيطرة علي مجلس النواب الأمريكي في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، نقلت وسائل الإعلام صور أعضاء منظمة (إيباك) الأمريكية الإسرائيلية، وهم يتبادلون الأنخاب والتهاني، احتفالا بفوز المرشحين المؤيدين لإسرائيل، وسط عبارات التهديد والوعيد بضرب إيران، وكأننا علي أبواب «حرب» في المنطقة. استطلاعات الرأي التي قامت بها شركة "TIPP" الأمريكية في يوليو الماضي، في اطار الدعاية لهذه الانتخابات، أشارت إلي أن نحو 56% من الأمريكيين يؤيدون شن اسرائيل ضربة عسكرية علي إيران بهدف الحيلولة دون حصول طهران علي السلاح النووي. 43% فقط من أعضاء الحزب الديمقراطي - الذين شملهم الاستطلاع - أيدوا الهجوم علي إيران، مقابل 40% عارضوا استخدام الوسائل العسكرية . أما أعضاء الحزب الجمهوري، فقد بلغت نسبة تأييدهم للهجوم الاسرائيلي علي إيران 74 % مقابل 20 % من المعارضين.