علي الرغم من أن عنوان الندوة التي نظمها بيت الشعر، مساء أمس الأول، برئاسة الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي كان "ما الشعر"، فإن كلا ممن حضروها وهم الدكتور حماسة عبد اللطيف، أستاذ الأدب العربي بكلية دار العلوم، والدكتور سعيد توفيق رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، لم يستقرا في النهاية علي إجابة واضحة ومحددة عن سؤال الندوة. الدكتور حماسة قال: لا أستطيع الإجابة عن سؤل "ما الشعر" فهو سؤال لا يجاب عنه، ولكنه يثير عددا من الأسئلة تظل مهمتنا البحث لها عن إجابة، كما أن متعة السؤال والبحث عن إجابة أبعد مدي من متعة الإجابة، وقال: السؤال يبدو في ظاهره خادعا بسيطا، يظن المرء أنه لا يحتاج للإجابة عنه إلي أكثر من أنه "ما ليس نثرا" وهي إجابة بالسلب لا تضيف شيئا أو جديدا، ومن هنا يبقي الشعر والنثر حيث هما، فلا نكتشف بهما جديدا، رغم أن العلم يتطور عبر إظهار الفوارق، وأكمل: قد يبدو الشعر واحدًا منذ زمن امرئ القيس، حتي زماننا هذا، ولكن في الحقيقة ليس كله شعرًا، لا من حيث الإطار والمظهر، ولا من حيث الحقيقة والجوهر. الدكتور سعيد توفيق أكد أن السؤال "ما الشعر؟"، سؤال فلسفي لأنه سؤال عن الماهية، وهو بالضبط كأننا نتساءل: ما الحياة؟ ما الفن؟ ما الأدب؟ وقال: يبقي الشعر ظاهرة كبري تستدعي السؤال، فحتي الشعراء الذين يبدعون الشعر حيرهم الشعر، وتساءل عنه كبار الفلاسفة بمن فيهم أرسطو وجميع كبار الفلاسفة، بل إن السؤال نشأ في بيت الفلاسفة وظل فيه، لأنه سؤال عن الماهية، وليس معني هذا أن الفلسفة تستأثر بمعني هذا السؤال، ولكن لكل أن يدلو بدلوه فيه، باعتباره سؤالاً «فلسفياً». وأكمل: ليس جميع الشعراء يمكن أن نصدقهم دائما، لأن كثيرا منهم حين يتحدثون عن الشعر يتحدثون عن الشعر الذي يكتبونه، كما يتصورنه في قصائدهم، فضلا عن أن هناك من الشعراء من يكذبون في رواياتهم عن الشعر، ولعلنا نذكر في تاريخ هذه المسألة الشاعر الشهير بولريدج، حين سئل عن 3000 بيت كتبها فقال: لقد حلمت بهذه القصيدة واستيقظت وكتبتها، بينما هذا أمر لا يمكن تصديقه، وليس أدل عليه مما قال فاليري من أن الآلهة تنعم علينا بمطلع القصيدة، لنستكملها نحن، أي أن الإلهام لا يقدم لنا إلا مطلع القصيدة فقط.