زراعة قلب قرد لطفلة فى الأيام الأولى من عمرها، وطفرة جديدة فى تاريخ الطب، تحققت فى السابع والعشرين من أكتوبر سنة 1984، وسرعان ما تطورت التجربة الرائدة وتقدمت، واستطاع الإنسان أن يضيف إنجازا علميا إلى سجل الحضارة، يسهم فى الارتقاء بحياة الكائن الذى اختصه الله بالتكريم والسمو. لا يتوقف العلماء يوما عن تسجيل المزيد من الخوارق التى لم يكن يسهل تخيلها قبل عقود قليلة، لكن المتابعين لهذه الإنجازات من أبناء الثقافة العربية، يشعرون بقدر كبير من المرارة لغياب العلماء العرب، والقلائل منهم ينتمون عمليا إلى جنسيات أخرى، فهم من أصول عربية، لكن الفضل فى نجاحهم مردود إلى المنظومة التى احتضنتهم ووفرت لهم الإمكانات والمعامل والمناخ الذى يعين على الابتكار. ميزانيات البحث العلمى، حتى فى البلدان العربية الثرية، تبدو مخجلة، والمستوى التعليمى يتراجع كل يوم، ذلك أن الانشغال الأكبر بالتفاهات والخرافات والخزعبلات، أما الإسلام الذى يأمر بالعلم والتأمل فإنه يتحول عند الأدعياء إلى دين ينشغل بصغائر الأمور، وكم من ساعات الإرسال الفضائى والصفحات المطبوعة، يُخصص لمناقشة قضايا الجن والعلاج بالأعشاب وشرعية أن تقود المرأة سيارة بلا محرم! يهرول أثرياء العرب إلى العلاج فى أوروبا وأمريكا، ويعودون أصحاء ليلعنوا الكفار المنحلين الذين يعملون بجد ويضيفون إلى الحضارة الإنسانية، الحضارة التى نعيش خارجها ونقنع بجنى ثمارها دون جهد. معاركنا وهمية، وانتصاراتنا إنشائية، وطموحنا محدود، وافاقنا ضيقة، وقيمة العلم والعقل تتراجع فنقف على حافة الهاوية، لكننا نجد من يسفه زراعة قلب القرد فى جسد الإنسان، ويؤكد أنه فعل محرم لا يتفق مع صحيح الدين! لا يعرفون من الدين إلا قشور القشور، ويقنعون بالتواكل والسلبية، فإلى أين يقودنا الهزل والتكاسل؟!