مع استمرار الوضع المتهور في فرنسا جراء الإضرابات والاحتجاجات ضد مشروع قانون التقاعد، بدأت الحكومة الفرنسية تكشر عن أنيابها في مواجهة أعمال العنف، وبدأ المسئولون في حكومة نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي في تصعيد لهجة تصريحاتهم، وتهديد المتظاهرين وزعماء الاحتجاج، بينما تعطلت الطرق والمطارات ونفد الوقود من نحو ثلث محطات الوقود مما يهدد بإصابة البلاد بحالة من الشلل. حيث وصف بريس أورتفو وزير الداخلية الفرنسي أمس مثيري أعمال العنف ب "الرعاع"، مهدداً بأن قوي الأمن لن تتركهم إثر أعمال العنف التي مارسوها علي هامش مظاهرات الشبان احتجاجا علي مشروع اصلاح نظام التقاعد. وهدد باتخاذ إجراءات صارمة ضد المتظاهرين الذين اشتبكوا مع الشرطة خلال احتجاجات بالشوارع ، وفي مقدمتهم طلبة المدارس الثانوية. ونقلت صحيفة" لو أكسبريس" الفرنسية عن أورتفو قوله إن الشرطة الفرنسية تمكنت من إلقاء القبض علي نحو 1500 ممن وصفتهم بأنهم "مخربون"، مشيراً إلي أن ألفاً منهم رهن الحجز الاحتياطي وتمت إحالة الباقين لمحاكمات قضائية. . كما دعا لوك شاتيل المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، إلي مواجهة الحركة المناهضة لقانون التقاعد والمخربين بالحزم الشديد، مؤكداً أن حكومة ساركوزي مصممة علي حفظ النظام في البلاد. وتصاعدت أمس الأول موجة الاحتجاجات في سابع يوم للتعبئة العامة، وشارك فيها أكثر من ثلاثة ملايين شخص وفقاً لتأكيدات النقابات العمالية، ووقعت اشتباكات عديدة بين المتظاهرين وقوات الأمن في مختلف أنحاء فرنسا، وغالبيتهم من طلاب الجامعات والمدارس العليا، خاصة في ضواحي باريس وفي ليون بوسط فرنسا. في غضون ذلك، أشارت صحيفة لو موند" الفرنسية إلي أن زعماء الإضرابات قد يواجهون أحكاماً بالسجن بتهم التخريب وتعطيل العمل والدراسة في البلاد. وعلي صعيد أزمة الوقود، أمر ساركوزي أمس الشرطة الفرنسية بفك الحصار عن جميع مستودعات الوقود التي يعطلها المضربون في إطار الاحتجاجات، "بهدف العودة بأسرع ما يمكن إلي الوضع الطبيعي". وأعلن ساركوزي خلال اجتماع لمجلس الوزراء أن النقل يشكل قضية حيوية لمواطني فرنسا وحرية أساسية لهم، مؤكداً أن الهدف من القرار العودة بأسرع وقت ممكن إلي الوضع الطبيعي في البلاد. بينما كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس في صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية أن أغلب الفرنسيين يؤيدون مواصلة الاحتجاجات. ونفد الوقود في أكثر من 4 آلاف محطة من إجمالي 12 ألفا و500 محطة وقود، نتيجة لإضراب العمال في مصافي الوقود، إضافة إلي الحواجز التي أقيمت حول عدد من مستودعات الوقود. وذكرت صحيفة" لوموند" أن الشرطة الفرنسية نجحت في فك الحصار عن 3 مستودعات للنفط في كل من مناطق لوار أتلانتيك، ولا روشل، ودي مان، فجر أمس ليصل بذلك عدد المستودعات التي تم فك حصارها منذ الجمعة الماضي إلي 21 مستودعاً. وتعهد وزير الداخلية الفرنسي الذي يترأس لجنة ازمات وزارية تم تفعيلها في وقت سابق لمواجهة النقص في الوقود جراء إغلاق مستودعات النفط الرئيسية البلاد، بأن تواصل قوات الأمن "فك الحصار" كلما كان ذلك ضروريا، عن مستودعات الوقود التي يحاصرها المتظاهرون ويمنعون الوصول إليها بالمتاريس وحرق إطارات السيارات وحاويات القمامة. وأضاف: إن الحكومة ستواصل محاولات فتح الطرق إلي مستودعات الوقود بالقوة. وعلي صعيد رحلات الطيران، تسبب إضراب النقابات العمالية بفرنسا في إلغاء 17 رحلة جوية ذهابا وإيابا من مطار هواري بومدين بالجزائر باتجاه مطاري باريس أورلي وشارل ديجول.