حزب مصر أكتوبر يحذر من دعاوى الإحباط والتشكيك قبل انتخابات مجلس الشيوخ    15 طفلا من الفيوم يحققون مراكز متقدمة في مسابقة بينالي القاهرة    مشتريات البنوك المركزية من الذهب تسجل 166.5 طن بالربع الثاني من 2025    وزيرة التنمية المحلية تفتتح مجزر مدينة الحمام المطور بتكلفة 35 مليون جنيه    الشئون النيابية والزراعة: طرح تعديلات قانون التعاونيات الزراعية لحوار مجتمعى قريبا    ترامب: استسلام حماس شرط إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة    وزير الخارجية الألمانى يتوجه إلى إسرائيل والضفة الغربية    الخطيب يبحث مع مسئول الإسكاوتنج موقف هذا الثلاثي    الأهلي والزمالك وبيراميدز في الصورة، من يخطف المهاجم الفلسطيني عدي الدباغ؟    مواعيد مباريات منتخب المغرب في كأس أمم إفريقيا للمحليين 2025    الزراعة: ضبط 120 طن لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي خلال حملات بالمحافظات    مصرع عنصر جنائى شديد الخطورة هارب من إعدام فى اشتباكات مع الأمن بالجيزة    ورشة عمل بمكتبة الإسكندرية عن شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة    عودة برنامج التوك شو المسائي للتليفزيون المصري قريبًا    أسباب ضغط الدم المرتفع ومخاطره وطرق العلاج    ننشر حركة تنقلات ضباط المباحث بمراكز مديرية أمن قنا    رئيس وزراء السويد: الوضع في غزة مروع ويجب تجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل    منصة "كوين ديسك": ارتفاع قيمة العملات الرقمية المشفرة بعد خسائر أمس    محلل فلسطينى: من يشكك فى الدور المصرى فضحته مشاهد دخول شاحنات المساعدات إلى غزة    صور الأقمار الصناعية تشير إلى تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق متفرقة    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    ماذا يتضمن مشروع القانون في الكونجرس لتمويل تسليح أوكرانيا بأموال أوروبية؟    «لافروف» خلال لقائه وزير خارجية سوريا: نأمل في حضور الشرع «القمة الروسية العربية الأولى»    تنسيق جامعة أسيوط الأهلية 2025 (مصروفات ورابط التسجيل)    تفحم شقة سكنية اندلعت بها النيران في العمرانية    خلال يوم.. ضبط عصابتين و231 كيلو مخدرات و 58 قطعة سلاح ناري خلال يوم    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات والتداولات تقترب من 2 مليار جنيه    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    عروض فنية متنوعة الليلة على المسرح الروماني بمهرجان ليالينا في العلمين    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    استحداث عيادات متخصصة للأمراض الجلدية والكبد بمستشفيات جامعة القاهرة    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    خلال زيارته لواشنطن.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد "أمريكا أولًا للسياسات"    الصيدلة 90 ألف جنيه.. ننشر مصروفات جامعة دمنهور الأهلية والبرامج المتاحة    خالد جلال يرثي أخاه: رحل الناصح والراقي والمخلص ذو الهيبة.. والأب الذي لا يعوض    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    رئيس قطاع المبيعات ب SN Automotive: نخطط لإنشاء 25 نقطة بيع ومراكز خدمة ما بعد البيع    ذبحه وحزن عليه.. وفاة قاتل والده بالمنوفية بعد أيام من الجريمة    مجلس الآمناء بالجيزة: التعليم نجحت في حل مشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس    البورصة تفتتح جلسة آخر الأسبوع على صعود جماعي لمؤشراتها    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنها الأداة نفسها

في الثالث عشر من أكتوبر 1990، دخل الجيش السوري الي قصر بعبدا الرئاسي في لبنان بعد فرار رئيس الحكومة المؤقتة النائب الحالي ميشال عون إلي بيت السفير الفرنسي الواقع في منطقة لا تبعد كثيرا عن القصر. كانت تلك المرة الاولي منذ تحول لبنان دولة مستقلة التي يدخل فيها جيش اجنبي قصر الرئاسة. دخل السوريون في الوقت ذاته إلي وزارة الدفاع اللبنانية في اليرزة التي لا تبعد كثيرا عن قصر الرئاسة بعد حصولهم علي ضوء أخضر أمريكي سمح لهم باستخدام سلاح الجوّ فوق الأراضي اللبنانية. لم يكن الأمر مجرد صدفة. كان مطلوبًا عقد صفقة أمريكية مع دمشق التي انضمت إلي التحالف الدولي الذي أخرج العراق من الكويت وسمح لبلد صغير مسالم في استعادة حريته وسيادته واستقلاله. دفع لبنان غاليا ثمن الانضمام السوري إلي التحالف العربي والدولي الذي تكفل بتحرير الكويت من براثن النظام العائلي - البعثي الذي أقامه ذلك الغبي الذي اسمه صدّام حسين الذي اختار دعم ميشال عون في لبنان.
طوي الدخول السوري إلي قصر بعبدا ووزارة الدفاع صفحة من تاريخ لبنان الحديث. كانت تلك المرة الأولي التي يفقد فيها لبنان سيادته علي كل قطعة من أرضه. لم يعد هناك متر مربع من الأرض اللبنانية خارج السيطرة السورية. لم يعد هناك سياسي لبناني قادر علي أن يقول لا لدمشق التي استطاعت في تلك اللحظة تنفيذ انقلابها علي اتفاق الطائف عن طريق تحويله من اتفاق عربي - دولي إلي اتفاق يخدم المصالح والاطماع السورية في لبنان.
ليس هناك بالطبع من يستطيع انكار أن لسوريا، بغض النظر عن النظام فيها، مصالح معينة مشروعة في لبنان يمكن ان تخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، لكن ما لا يمكن القبول به وجود رغبة في الهيمنة يمارسها بلد ذو نظام متخلف علي كل الصعد علي بلد آخر يمتلك بعض الجوانب الايجابية أكان ذلك من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو التربوية. استطاع لبنان علي الأقل أن يكون ملجأ للطبقتين المتوسطة والغنية في سوريا اللتين فرتا من البلد بثرواتهما وقدراتهما البشرية التي لا تقدر بثمن إثر النكبات التي حلت بالبلد منذ العام 1958 حين بدأ التدهور يطال كل قطاعات المجتمع السوري بدءا بالاقتصاد وانتهاء بالحياة السياسية. بقيت سوريا حتي العام 1958 تمثل تجربة رائدة في هذا المجال علي الرغم من الانقلابات العسكرية التي استهدفت القضاء علي الديمقراطية والتعددية السياسية وعلي كل ما له علاقة من قريب أو بعيد بالحضارة والثقافة والرقي في البلد.
في الثالث عشر من أكتوبر 2010 اتي إلي لبنان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في زيارة رسمية. لا يمكن إلا الترحيب بمحمود أحمدي نجاد في لبنان في حال التزم اصول الضيافة والأصول المتبعة بين الدول المستقلة. المشكلة في النهاية ليست في الزيارة الرسمية بمقدار ما أن الزيارة تعبير عن رغبة في توجيه رسالة فحواها ان النفوذ الإيراني في لبنان بات أقوي من أي نفوذ آخر، بما في ذلك النفوذ السوري، وان في استطاعة إيران التي ترسل اسلحة إلي لبنان قدر ما تشاء ولديها ميليشيا خاصة بها قادرة علي احتلال بيروت في غضون ساعات، أن تفعل ما تريده بالبلد وأن تضع يدها عليه في الساعة التي تناسبها. اظهرت زيارة محمود أحمدي نجاد أن لبنان ورقة إيرانية لا أكثر وأن النجاح الذي حققته طهران في الوطن الصغير يتمثل في تحويله إلي رأس حربة للنفوذ الإيراني علي شاطئ المتوسط في ظل حال من السبات يعاني منها العرب من المحيط إلي الخليج.
ما الذي يجمع بين الثالث عشر من أكتوبر 1990 والثالث عشر من أكتوبر 2010. في الحالين، الحال السورية والحال الايرانية، كانت الأداة المستخدمة لوضع اليد علي البلد واحدة. اسم هذه الأداة شخص اسمه ميشال عون لا يعرف سوي لعب الدور المرسوم له باتقان قلّ نظيره. في العام 1990 تمترس في قصر بعبدا ومنع الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوض من دخول القصر.
لم يقبل إخلاء القصر، متخليا في الوقت ذاته عن الجنود الذين دافعوا عنه وعن محيطه، إلا بعدما دمر المنطقة المسيحية مستعينا بحلفاء سوريا وعملائها الذين احضروا له كل ما يحتاجه من ذخيرة لمتابعة حربه علي "القوات اللبنانية" التي كانت لاتزال ميليشيا. لم تكن حرب ميشال عون وقتذاك علي "القوات". كانت حربا علي المسيحيين ومناطقهم بهدف تهجير اكبر عدد منهم من البلد. وكانت حربا علي المسلمين عن طريق قصف مناطقهم بهدف زيادة الشرخ الطائفي في البلد ودفعهم اكثر في اتجاه النظام السوري. في النهاية، لم يفهم ميشال عون شيئا عن التوازنات الإقليمية والتحولات التي تشهدها المنطقة. قامر حتي النهاية، فدفع لبنان، ولا يزال يدفع، ثمنا غاليا لتصرفاته الهوجاء...التي أحسن النظام السوري توظيفها في خدمة مصالحه.
في السنة 2010 تستمر الأداة المفضلة، سابقا، لدي السوريين في لعب الدور المطلوب منها. لكنها تضع نفسها في خدمة الأطماع الايرانية هذه المرة. هناك قائد سابق للجيش يبرر وجود ميليشيا مسلحة مذهبية في البلد تسيطر علي مناطق بكاملها وتضرب عرض الحائط بكل ما له علاقة بالسيادة اللبنانية... هناك قائد سابق للجيش تنكر في العام 1990 لجنوده الذين سقطوا في محيط قصر بعبدا ووزارة الدفاع ويتنكر في سنة 2010 لمؤسسات الدولة اللبنانية كلها.
في المرتين، اخطأ ميشال عون في حساباته الداخلية والاقليمية. ولكن في المرتين دفع لبنان واللبنانيون غاليا ثمن الدور الذي لعبه ولا يزال يلعبه في خدمة كل من يريد وضع يده علي الوطن الصغير وتهجير اللبنانيين من أرضهم!
كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.