يقال إن الزعيم الخالد سعد زغلول، عندما كان يعمل في مطلع شبابه محامياً، أمسك بشمعة أثناء ترافعه في قضية ما، وأخذ يروح ويغدو بها في ردهة المحكمة.. ولما تعجب القاضي من سلوكه، سأله: عما تبحث يا رجل ؟! فأجاب: أبحث عن العدالة يا سيدي!!.. وكان "ديوجين الكلبي" يسير في شوارع أثينا في وضح النهار حاملاً مصباحه الشهير باحثاً عن "رجل عادل".. ومن ثم أصبح مصباح ديوجين عنواناً للبحث عن الحقيقة وعن الإصلاح.. وعندما سٌئل كونفوشيوس عما يجب إصلاحه أولاً، أشار إلي العدالة وأنه "إذا ضلت العدالة فإن الناس سوف يقفون في حالة من الخلط أو التداخل بدون حول ولا قوة، وحينئذ لن يكون هناك تحكم فيما يقال أو يمارس".. وبكلمات أخري، فإن العدالة هي الشيء الوحيد الذي لا تطلب معه شيئاً إضافياً لضمان استقرار أي مجتمع.. وأكاد أزعم أننا في مصر لا نحتاج حالياً إلي "شمعة سعد زغلول"، ولا إلي "مصباح ديوجين" ولا إلي مقولة كونفوشيوس.. فالقضاء المصري له ضوء كاشف لا يحتاج معه إلي "أدوات مساعدة" ولا يحتاج معه إلي "معاونة صديق".. وهو ما يعطي الناس الثقة في الحاضر، والأمل في المستقبل.. وقد أثارت أحكام القضاء المصري في الآونة الأخيرة حالة من الرضا في الشارع المصري.. إذ أصبح الاعتقاد راسخاً في أن القضاء المصري هو ملجأ كل صاحب حق، وملاذ لكل مظلوم، بغض النظر عن قوة "الخصوم"، وعن طبيعة "المتخاصمين" حتي ولو كانت الحكومة ذاتها.. خذ علي سبيل المثال، الحكم الصادر في قضية "أرض مدينتي" والذي أشار إلي "بطلان" عقود بيع أرض المشروع، وما يترتب علي ذلك من أثار قانونية ملزمة لكل من الشركة من ناحية والحكومة من ناحية أخري.. لم يكن أكثر المتفائلين يعتقد في صدور هذا القرار.. ولم يكن يتوقع أحد هذا الحكم لاعتبارات كثيرة قانونية واقتصادية.. والذي من وجهة نظري يثير أكثر من سؤال ودون اقتراب أو تعليق علي الحكم حول ما يمكن أن أسميه كمواطن عادي الملاءمة والواقعية وما أسمع عنه من أقوال تدور حول استحالة التنفيذ لبعض الأحكام. ولكي تكون أحكام القضاء عنواناً للحقيقة يجب أن يكون تنفيذها أيضاً عنواناً للعدالة.. وهنا يأتي دور الحكومة بأجهزتها التنفيذية خاصة أن هذا الحكم ولا شك قد خلق حالة من القلق لدي 200 ألف أسرة من الحاجزين في هذا المشروع ومن قبلهم عشرات المستثمرين والذي أثر هذا الحكم في الحال علي استثماراتهم وتشهد بذلك أحوال البورصة، أمام هذا الموقف شبه الملتهب اعتقد أن الحكومة مدركة تماماً لمسئولياتها في طمأنة هذه الأسر وحفظ حقوقها بعيداً عن الاعتبارات القانونية، والواقع ان أداء وتصرفات الوزير المغربي بداية من هدوئه وثباته وابتسامة الثقة في إدارة أزمة وما اشدها ازمة كانت بداية طيبة لامتصاص اكبر قدر من القلق وكان قدر اجاباته في الحلقة المحترمة من ملف خاص علي التليفزيون المصري والتي أدارها عبد اللطيف المناوي باحساس المواطن القلق والمستثمر المرعوب كان المغربي واضحاً ومستقيماً فقد عبر عن احترامه لاحكام القضاء حتي وإن كانت صادمة في الوقت نفسه حيث اكد انه مسئول عن عدم المساس بحق أي مواطن وأعجبني أنه فتح الطريق امام حوار اوسع لايجاد التشريعات الكفيلة بعدم تكرار مثل هذه المواقف ذات التأثير السلبي علي المواطن واقتصاديات الوطن.. سعيداً باستقلالية القضاء وسعيداً بأداء المغربي المطمئن وهي نقطة ايجابية تحسب للحكومة.