اعتدنا التعبير عن عدسة الكاميرا وما تلتقطه من صور بتعبير (عين الكاميرا).. ولكن أحداثا حقيقية مأخوذة من الخيال العلمي أنتجت مصطلحا جديدا يدعي (كاميرا العين).. والقصة بدأت في فيلم (Terminator) لأرنولد شوارزنجر الذي كانت عينه عبارة عن كاميرا بشكل العين تلتقط صورا وأفلاما بدلا من الرؤية العادية.. ولم يكن أحد يتوقع في عام 1984 حين أنتج الفيلم أن أحدا في الحقيقة سيضع كاميرا في مكان عينه.. لكن الفكرة صارت واقعا حين قام روب سبنس أحد أشهر صانعي الأفلام الكنديين بوضع كاميرا مكان عينه التي كان قد فقدها أثناء طفولته.. كان سبنس الذي يبلغ من العمر 36 عاما قد فقد عينه اليمني في حادث وبعد فشل محاولات عديدة من الأطباء لإنقاذ الشكل الخارجي للعين، قرروا إزالتها تمامًا.. هكذا قرر سبنس أن يستبدل الأطباء بالمهندسين ليصمموا له كاميرا بشكل العين وبحجم مناسب لتوضع مكان العين المفقودة.. وقد نجح المهندسون في صنع هذه الكاميرا التي تعمل بشكل جيد ولها مصدر طاقة لتشغيلها بما يتناسب مع مكانها في وجه سبنس.. وهو ينوي تصوير ما يمر به في حياته وزياراته ليصنع منه فيلما تسجيليا جديدا من نوعه.. ويتوقع المراقبون لصناعة السينما أن يكون هذا الفيلم مختلفا ومتميزا.. الخبر يبدو غريبا وغير عادي.. لكن هذا هو أجمل ما فيه: إن غرابته وتميزه يأتي من صفة مهمة لا يتمتع بها الكثيرون في بلدنا وهي الجرأة.. جرأة الخيال وجرأة الإقدام علي تجربة الجديد وخوض الطريق الذي لم يتقدم أحد من قبل ليسير فيه.. أعجبتني جرأة سبنس الذي لم يهتم بتحسين شكل عينه ومنظر وجهه وهو ما زال شابا.. أعجبتني مغامرته في صنع فيلم يأخذ لقطاته من عين إنسانية.. أتوقع أن تكون زاوية التصوير في الفيلم مختلفة.. إذ إن معظم الأفلام يتم تصويرها بكاميرات أعلي من طول الإنسان العادي وقليلا ما ينخفض مستوي الكاميرا لتصور الوجه عن قرب.. ولكن أن تري الأشياء والناس من منظور العين البشرية وحدودها وأفقها هو ما سيميز هذا العمل.. وأتوقع أن يشمل الفيلم مواقف حياتية أبعد ما تكون عن الخيال العلمي الذي أوحي لسبنس بفكرة الكاميرا العين.. إذ إنه سيكون فيلما تسجيليا ويصور حياة واقعية حالية ولن يتعرض للخيال أو المستقبل.. لكن جرأة الفكرة ستغير مستقبل السينما من ناحية والعيون الصناعية من ناحية أخري.. فقد يجلب منظور التصوير الجديد أفكارا وإبداعات تغير من التصوير التقليدي وتضيف إلي الحداثة ما هو أحدث.. أما في مجال العيون الصناعية التي كانت مجرد شكل يشبه العين الطبيعية لتحسين الصورة دون أي إمكانية للعمل بتلك العين.. فسيتحول إلي عين صناعية تبدو كعين ولكنها كاميرا.. وقد تلتقط لك صورا وأنت تسلم علي صاحبها أو تتكلم معه وأنت لا تدري.. وربما يتم تصوير فيلم كامل عنك بالصورة والصوت أيضا وأنت تعتقد أن صاحبها يراك بعين واحدة.. ستنتشر فكرة كاميرا العين بسرعة وسيصير الخيال واقعا والفضل لجرأة التصور والإصرار علي تحقيق الخيال.