المخرج السينمائي الكبير علي عبدالخالق، المولود في السادس من سبتمبر سنة 1944، قدم للسينما المصرية مجموعة من أهم أفلامها ومنها علي سبيل المثال: «العار»، «السادة المرتشون»، «إعدام ميت»، «أربعة في مهمة رسمية»، «البيضة والحجر»، «الامبراطور»، لكن فيلمه الأول «أغنية علي الممر» يبقي هو العلامة الأشهر والأكثر أهمية ودلالة. عرض الفيلم المأخوذ عن مسرحية من فصل واحد للكاتب الكبير علي سالم، في العام 1972 ويتوقف أمام خمسة من الجنود المصريين المحاصرين في ممر حيوي أثناء حرب 1967، منقطعين عن العالم بعد تعطل جهاز اللاسلكي يقودهم الجاويش محمد، الذي جسد شخصيته الفنان الفذ محمود مرسي، الفلاح الذي يقدس الأرض ويتمسك بالشرف والكرامة والكبرياء، ويلتزم إلي النفس الأخير في حياته بالانضباط الصارم الذي يفرضه الانتماء إلي المؤسسة العسكرية المصرية العريقة. الأربعة الذين يقودهم مصريون حقيقيون متنوعو الانتماءات والاتجاهات، ويشكلون في مجموعهم تعبيرا صادقا عن الواقع المصري الذي اكتوي بنار الهزيمة قبل وقوعها، ليس لهم من بديل عن الصمود والمقاومة وقد يكون الصمود بلا جدوي في ظل أجواء الهزيمة الشاملة، لكن المقاومة المستميتة قيمة جليلة لابد من الانتصار لها ودعمها للتأكيد أن الأمل قائم في استعادة ما ضاع، وتعويض ما تبخر من أحلام وتطلعات. كانت سنوات خمس قد مرت علي الهزيمة التي عكرت القلوب والأرواح، وكانت رسالة الفيلم بالغة الوضوح، ما هي إلا سنة واحدة بعد عرضه، إلا وقد تحققت النبوءة وأثبت العبور أن المعدن المصري الأصيل لا يصدأ ولا يعرف التلف. لم يكن علي عبدالخالق قد تجاوز عامه الثامن والعشرين عندما ظهر فيلمه الأول متمردا به علي القوانين السائدة للسينما التي تزيف الوعي وتفسد الوجدان وتنشغل بقضايا غير ذات شأن، وتدير الظهر للواقع الساخن الحافل بالهجوم والأزمات، النجاح الجماهيري والفني دليل علي أن العمل الجيد يفرض نفسه دون نظر إلي المعايير التي تجعل من شباك التذاكر هدفا ومن مقولة إن الجمهور لا يريد إلا الهزل أداة للابتذال والسطحية.