في رمضان الفائت كانت الدراما أقل مستوي والإعلانات أكثر بهجة من رمضان الحالي.. وكما نعرف جميعا أن رمضان صار شهرا تخرج لنا فيه دراما جديدة كل عام، نعرف أيضا أنها تكون الفرصة الكبري لحملات إعلانية مختلفة ومتنوعة تتخلل المسلسلات.. أو كما تعودنا تتخللها المسلسلات والبرامج.. وبالرغم من خفة دم إعلانات العام الماضي وبخاصة (أحمد مكي) الذي كان يود أن يكون هادي وكريم وصادق، أتت علينا عدة إعلانات هذا العام جعلتنا في غاية الضيق وبدلت ابتساماتنا إلي (زهق) بل و(اشمئزاز).. إعلان سخيف عن جبنة يصور مظاهرة كبيرة من حملة أنواع المخبوزات المختلفة يسيرون في مظاهرة وطنية كبيرة وعلي وجوههم ابتسامات النصر لأنهم يأكلون هذه الجبنة العبقرية ويغنون: (المصريين أهمه) علي موسيقي أغنية ياسمين الخيام، ولكنهم يشدون (الله علي جبنة المصريين في رغيف فينو) بدلا من (المصري في أي تاريخ ميلادي أو هجري.. وفي أي مكان وزمان هو هو المصري)!! هل صار هذا حال المصريين؟ هل المصريون حاملو الخبز هم من يقال عنهم (المصريين اهمه)؟ أم أنها دعابة حول الدقيق ومشاكل رغيف الخبز؟ عموما، وللتذكر فقط، الكلمات الأصلية للأغنية الوطنية الجميلة كانت كما يلي: المصريين أهمه في الدنيا أول أمة متحضرين ومؤمنين المصريين أهمه حيوية وعزم وهمه جيل بعد جيل متقدمين المصريين.. قلبي وياكو يا مصريين فين ما تكونوا إنتو أفراح القلب وهمه وشجونه وما دام قلبنا كده علي بعضنا نرضي ربنا والخير ح يزيد وتعيشي يا مصر ف عزة ونصر مرفرف فوقنا علم ونشيد المصريين.. المصري في أي تاريخ ميلادي أو هجري وفي أي مكان وزمان هو هو المصري الاسمر أبو ضحكة ترد الروح أعرفه من بين مليون إنسان صاحب واجب يفديه بالروح ولا يرضي بذل ولا بهوان والمصريين أهمه. هذه الكلمات وغيرها من كلمات الأغنيات الوطنية تمثل في ذاكرة أجيال عديدة من المصريين مفردات وطنية قوية راسخة بلحنها وصوت من غناها.. وتستحضر مناسبات وطنية إلي مخيلة ووجدان المصريين من أحداث سياسية إلي أعياد وطنية.. وكلمات أغنية (المصريين أهمه) تذكرنا بتلك المناسبات بل وبشحذ الشعور الوطني حتي في مباريات المنتخب المصري لكرة القدم وغيرها.. هل يعقل أن تتحول هذه الكلمات إلي (رغيف فينو والله علي اللي بياكله بالجبنة)؟ وإلام ستتحول (بلادي بلادي)، و(اسلمي يا مصر)، و(مصر هي أمي).. وماذا عن الذين قاموا بتأليف وتلحين وغناء هذه الكلمات؟ ماذا سيشعرون عندما يستمعون لهذه الإعلانات؟ وأين الوطنية، وحقوق الملكية الفكرية؟ وهل صارت الكلمات التي كانت تغني بإحساس الوطنية القوي، وبروح الافتخار بمصر وبالمصريين مجرد (جبنة وعيش)؟