ليس غريبا ان يؤصل احد الباحثين لنشأة وتطور فكر وتنظيم القاعدة بالعودة إلي سيد قطب منظر جماعة الإخوان الذي نهلت عنه كل جماعات العنف الديني، وهو ما انتهجه الامريكي لورانس رايت في كتابه البروج المشيدة.. القاعدة والطريق إلي 11 سبتمبر" والذي اعادت دار كلمات عربية للطباعة والنشر طباعته مؤخرا، اذ يستعرض المؤلف في تسلسل محكم كيف نشأت أفكار التطرف الديني في مصر فيقول ان قطب عاد من الولاياتالمتحدة في 1950 ليجد بلاده اصبحت اكثر تعصبا مثله بالضبط بفعل الظروف الاقتصادية والسياسية الخانقة وانتشار أفكار دينية وافدة من الخارج، ثم يعرج علي تكوين المليشيا السرية في جماعة الإخوان المحظورة في ذلك الوقت. ينتقل المؤلف من ذكر ملخص لحياة قطب وكيف تأصلت لديه أفكار التكفير، إلي ايمن الظواهري وهو الثري ابن حي المعادي بالقاهرة ويتناول كذلك نشأته التي لم تكن توحي بميول ثورية، وكيف تدرج حتي اصبح الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الاخطر عالميا، عبر تأسيس خلية سرية للاطاحة بالحكومة وتأسيس دولة إسلامية من وجهة نظره في نفس العام الذي اعدم فيه سيد قطب، وكيف بدأت الخلايا السرية يعرف بعضها بعضا وتكون جماعة الجهاد التي يعد تنظيم القاعدة امتدادا خارجيا لها، حتي التقي ايمن الظواهري باسامة بن لادن الثري السعودي الذي اصبح الرجل الأول في التنظيم. يمضي "رايت" واصفا الحالة التي كانت عليها مجموعات كبيرة من الشباب العربي الذين اوفدتهم حكوماتهم إلي افغانستان بدعوي الجهاد ثم اغلقت ابواب بلادهم في وجوههم، ووصفتهم بالتطرف فراحوا يبحثون عن قائد يوحد صفهم ومن هنا كان تنظيم القاعدة الذي شارك في الحرب الافغانية ضد السوفييت، ثم يعرج المؤلف إلي علاقة بن لادن بالولاياتالمتحدةالأمريكية وكيف سانده جهاز مخابراتها في الحرب ضد السوفييت، قبل ان ينقلب ضدها، وهو القرار الذي احدث انقساما في صفوف التنظيم الاصولي الذي يقوده بن لادن. يصل المؤلف إلي اللحظة الاهم في تاريخ التنظيم الارهابي وهي تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر وينقل شهادات موثقة عن قيادات التنظيم وكيف خططوا واستهدفوا برجي التجارة باعتبار ذلك الرد الانسب علي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والدعم الامريكي له، ويتناول مصادر تمويل التنظيم من تجارة الافيون والمخدرات، ويركز علي الفتوي التي اصدرها التنظيم باستحلال دم الامريكان اينما وجدوا والتي كانت بمثابة نقطة انطلاق للتنظيم إلي افق اوسع وإلي مرحلة العالمية.