في العديد من الحوارات واللقاءات والمقالات طرح دكتور حسام بدراوي رؤية حول تطوير التعليم المصري وهي رؤية جديرة بالاهتمام والمناقشة للعديد من الأسباب منها: أنها تحمل تحليلا علميا دقيقا لواقع التعليم المصري والعديد من التصورات والتوصيات العملية والإجرائية البعيدة عن التنظير أو الإغراق في مثاليات يصعب تحقيقها علي أرض الواقع باختصار تشخيص موضوعي لواقع التعليم وطرح حلول عملية للتطوير والتغلب علي ما يعانيه التعليم من مشكلات ومن الأسباب أيضا أن هذه الرؤية صادرة عن أحد المسئولين الكبار في الحزب الوطني ومن قبل ومن بعد رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بأمانة السياسات بالحزب وقد يزيد من أهمية طرحه ورؤيته وجود شبه إجماع علي أهمية هذه الرؤية بل لا يوجد اختلاف حولها بين المؤيدين أو المعارضين من منظور مجتمعي يأخذ في اعتباره المصالح العليا للوطن بعبارة أخري لا يطرح رؤيته حزبي أو شخص وإنما من منطلق وطني واضعاً في اعتباره دور التعليم في تعميق حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والحراك الاجتماعي والحفاظ علي مقومات الدولة المدنية ومن قبل ومن بعد النهوض بالأمة والعمل علي تقدمها باعتبار التعليم هو الرهان الوحيد لتحقيق هذه الأهداف المنشودة. وبعيدا عن تفاصيل رؤية حسام بدراوي لتطوير التعليم المصري نطرح وبإيجاز أهم معالم هذه الرؤية وتتلخص في الآتي: أولاً: واقع التعليم المصري وهنا يطرح وبكل الموضوعية أن التعليم المصري يعاني العديد من المشكلات وفي كل المراحل التعليمية وكل منظومات التعليم كما يواجه تحديات خطيرة خاصة ما يتعلق منها بمسائل عمليات التمويل وتوعية المعلم المطلوب وما يتعلق بإدارة مؤسساته. كما يعترف بأن هناك العديد من السياسات والاستراتيجيات التي تم وضعها ولكن لم تجد طريقها للتطبيق علي أرض الواقع بل إن الحكومات المتعاقبة لم تستطع وحتي الآن علي مواجهة التحديات والمشكلات التي يعاني منها التعليم المصري. ويعطي د.حسام بدراوي أهمية خاصة للتعليم الفني وما يواجهه من مشكلات من جميع الزوايا طلابا ومعلمين وإمكانيات ومناهج دراسية مع أن هذا النوع من التعليم يستوعب ما لا يقل عن 70% من الحاصلين علي شهادة إتمام التعليم الأساسي وأنه وكما تؤكد العديد من التجارب العالمية يعد من أهم أنواع التعليم القادرة علي بناء القوة البشرية المدربة واللازمة لعمليات التنمية. أما بالنسبة لما يطرح الآن من تصريحات المسئولين عن التعليم بخصوص العديد من القضايا وفي القلب منها الثانوية العامة وما يتعلق بما يسمي «اختبار القدرات» كشرط للالتحاق بالجامعات والتعليم العالي فإنه يسجل موقفا مشرفا بل وعلميا وهو خطورة هذه الاختبارات علي تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص التعليمية كما يأخذ موقفا واضحا من مسألة انتشار المدارس الخاصة والمدارس الأجنبية لخطورتها علي الهوية الوطنية. ثانياً: بعض تصوراته ومقترحاته لتطوير هذا الواقع ويأتي في مقدمتها: 1- ضرورة تبني سياسات واستراتيجيات واضحة لتطوير التعليم المصري واستمرارية العمل بها بصرف النظر عن تغير الوزارات المعنية بأمر التعليم المصري. 2- الاهتمام بالمعلم المصري اجتماعيا واقتصاديا ورفع مستواه فالكادر وحده كما يقول ليس بكاف لرفع كفاءة المعلمين. 3- الأخذ بمفهوم لا مركزية الإدارة وفق كفاءات جديدة مؤصلة وقادرة علي الإدارة لأن ما هو متواجد الآن في المحليات يعاني عدم الكفاءة وغياب الكوادر البشرية المؤهلة. 4- إن التوسع في التعليم العالي والجامعي هو القادر وحده علي حل مشكلات الثانوية العامة. 5- ويؤكد حسام بدراوي علي أهمية «التمويل» فهو وحده القادر علي مواجهة التحديات وكل مشكلات التعليم وفي التمويل يتنافس المتنافسون من رجال الأعمال وإمكانية فرض ضريبة تعليمية إلي جانب أن عملية التمويل هي في الأساس مسئولية الدولة والمجتمع كله. وغيرها من المقترحات والأفكار الجديرة بالاهتمام من قبل كل الهيئات والمؤسسات وفي القلب منها الحزب الحاكم. والله من وراء القصد