علي الرغم من أن شهر رمضان هو شهر الرحمة والمودة فإن علاقة بعض الأزواج في هذا الشهر قد تتجه نحو الكراهية والعداء والخلاف بين الزوجين ، والغريب أن نسبة الخلافات والخناقات الزوجية تتزايد في بيوتنا المصرية في شهر رمضان لدرجة تصل معها إلي حد الطلاق في بعض الأحيان، لكن لم يحاول احد التطرق لمعرفة الأسباب التي تؤدي لهذه الخلافات الزوجية الرمضانية التي قد تكون سنوية في بعض الأسر . «روزاليوسف» حاورت بعض الأفراد الذين يعانون من خلافات أسرية مع زوجاتهم أو أزواجهن للتعرف علي الأسباب، كما استطلعت رأي علماء الدين وأساتذة علماء الاجتماع للتعرف علي حلول عملية لهذه المشكلة في البداية يقول "الاستروجي" عصام حلمي إن الخلافات الزوجية حاضرة معه طول العام لكنها في شهر رمضان تزيد بسبب الخلاف علي نوعية الطعام والشراب، ومعايرة زوجته له بأنها كانت تعيش في بحبوحة من العيش في منزل أبيها، مما يجعله يشتاط غيظا لأنه يبذل قصاري جهده ليوفر لها ولأسرته حياة كريمة. أما الدكتور أحمد استشاري أمراض الباطنة فيعاني من فتور مستديم في حياته الأسرية باعتباره الغائب دائما عن الحضور في كل المناسبات، وفي رمضان يتحول الفتور إلي مقاطعة بسبب اعتذاره عن حضور السهرات الرمضانية مع الأهل والأصدقاء مما يسبب حرجا لزوجته وعودته من العيادة بعد السحور وتعمده النوم في العطلات الأسبوعية . أما السيدة آمال فلقد تحول الخلاف حول إجبار زوجها لها بعدم الذهاب إلي عملها في رمضان متأثراً ببعض الأفكار الجديدة عليه إلي الطلاق . وتؤكد تهاني محمد أنها دائمة الخلاف مع زوجها لولعها الشديد بمتابعة المسلسلات الرمضانية وتأنيب الزوج المستمر لها لأنه يعتبر ذلك لهواً عن ذكر الله. آراء العلماء وعن رأي العلماء في زيادة الخلافات الزوجية في رمضان تقول د. آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر إن طقوس الموائد أصبحت تطغي علي العبادات في رمضان، وذلك في ظل ثبات الدخول والتهاب الأسعار، وهو ما يؤدي غالبا إلي الخلافات الأسرية وتدفع بالزوجة إلي معايرة زوجها فيحدث الشقاق والخلاف. وتطالب د.آمنة الزوجات المصريات بألا يثقلن أزواجهن بما لا يطيقون، خاصة في شهر رمضان. وقالت: "صيام رمضان يطالبنا بالتخلص من هيمنة الإرادة الإنسانية علي الإنسان، فإذا لم نقهرها وتغلبت علينا، فهذا يعني أننا لم نصم كما يجب". ويتعجب د.أحمد السايح الأستاذ بجامعة الأزهر من زيادة الخلافات الزوجية في شهر رمضان، في الوقت الذي من المفترض أن يحصلوا علي هدنة رمضانية، تستمر معهم لباقي العام. ويتفق د.السايح مع ما ذهبت إليه د.آمنة من أن الطعام والشراب هما المسئولان عن الخلافات الزوجية، وقال إنها لا تتفق مع روح الإسلام في كل أوقات العام، فما بالكم في شهر رمضان. ويذكر د.السايح الأزواج والزوجات بقوله تعالي" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ". و يقول " الدكتور محمد الدسوقي " أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة إن الخلافات الزوجية لها أسباب متعددة ولا يوجد بيت يخلو منها، وهناك خلافات عادية، وآخري تؤدي إلي التفرقة بين الزوجين، فمثلا: المرأة التي تعمل بإذن من زوجها تعود غالبا مرهقة إلي منزلها، وبالتالي يجب علي الزوج أن يساهم في أعمال المنزل لخلق روح التعاون والمحبة والمودة بينهما لا سيما في رمضان ، فالرسول صلي الله عليه وسلم يقول " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " فبعض الرجال ليست لديهم روح التعاون خاصة إذا كانت ظروف الزوجة الصحية أو طبيعة عملها لا تسمح لها بتواصل العمل في منزلها فيكون ذلك من عوامل الشجار وقد يزداد بتدخل الأقارب، مشيرا إلي أن الإسلام وضع ضوابط شرعية محكمة للتعامل بين الزوجين الذي يجب أن يكون قائماً علي المودة والتفاهم والتسامح وعدم الأنانية حتي تكون العلاقة الزوجية كالميثاق الغليظ .. روشتة للسعادة الرمضانية بينما كان لأساتذة علم الاجتماع رؤية أخري لحل المشكلات الزوجية فتشير الدكتورة سامية الساعاتي أستاذة علم الإجتماع بجامعة عين شمس إلي أن من أسباب الخلافات الزوجية هي غياب الوعي وافتقاد الترابط العائلي وعمل المرأة ساعات طويلة ما يؤدي إلي إهمالها للمنزل، وقد يتم استخدام ألفاظ غير لائقة أمام الأبناء فيتطور النقاش إلي عراك لشعور الطرفين بالحرج، ويمكننا تجنب ذلك بأن نعود أنفسنا علي عفة اللسان والتوقف عن السباب والشتائم و نعرف كيف نتعامل مع ضغوطنا في شهر رمضان، فنحصد الثواب ونقلل قدر الإمكان من السلبيات الناجمة عن الضغوط. وتضيف إنه يجب علي كل منا أن يقوم بإعداد خطة استراتيجية لأمور حياته التي يقبل عليها ليحقق أعلي فائدة منها، فيضع أهدافاً قصيرة المدي وأهدافاً متوسطة المدي ثم أهدافاً بعيدة ،ويسبق ذلك في خطته برؤية ورسالة محددة يضعها أمام عينيه دائما للوصول الي التصالح مع النفس ومع الآخرين في شهر رمضان الكريم. التدخين أهم الأسباب بينما تري سوزان أغا رئيسة جمعية التوفيق لفض المنازعات الزوجية أنه من خلال عملها تبين أن من أهم أسباب الخلافات الزوجية في رمضان هي الندية والتدخين، وتوضح أن الانقطاع عن التدخين في شهر رمضان يزيد من عصبية بعض الأزواج ويربك حالتهم المزاجية، مما يسبب الكثير من المشكلات ، وهو ما يوجب علي المرأة التنبه لهذه المسألة وتحمل أغا الزوج و الزوجة المسئولية الكاملة وتطالبهما بعدم اتباع سياسة الندية والعناد حتي لا تتفاقم الأمور، مع مراعاة الحالة الاقتصادية للزوج وعدم مطالبته بما لا يتناسب مع دخله، مطالبة بنشر الجو الديني والترفيهي داخل المنزل، وأن تعرف الزوجة كيف تواجه عصبية الزوج الزائدة بالصبر والهدوء، وتتعلم كيفية مواجهة المشاكل بعقلانية شديدة. كما تنصح السيدات بأن تتفنن في إعداد الأطعمة و تقديمها علي أكمل وجه حتي يعود الزوج إلي حالته الطبيعية بعد الإفطار، وينبغي علي الزوجة أيضا أن تحفز الجانب الديني لدي الزوج والأبناء عن طريق المحافظة علي الشعائر الدينية، وتخصيص ساعة قبل الإفطار لقراءة القرآن الكريم لجميع أفراد الأسرة وتدبر معانيه.