أشعلت تصريحات أدلي بها القيادي الإخواني السابق كمال الهلباوي مؤخرا النار الكامنة تحت الرماد بين قيادات الجماعة في سوريا، حيث امتدح أداء المرشد «المنقلب عليه» علي صدر الدين البيانوني ودعا إخوان سوريا لما وصفه ب«التطبيع» مع نظام الرئيس بشار الأسد، فكان أن اتهم خصوم البيانوني الهلباوي بالتجني، والكذب الصريح علي الناس، ووصفوا البيانوني بأنه «ديكتاتوري» وقللوا من أهمية الرهان علي المصالحة مع النظام في وقت يتزايد فيه كل يوم عدد المعارضين للنظام القمعي بحسب وصفهم. تابع الهلباوي:«البيانوني ومن معه اجتهدوا ونجحوا في مهام وفي قرارات ومواقف، كما أنهم أخطؤوا التقدير في بعض المهام ككل إنسان، وكل حركة محاصرة»، نافيا أن تكون دعوته لجعل المصالحة مع النظام أولوية لدي الإخوان دعوة للانحناء. وأوضح القيادي المجمدة عضويته في التنظيم الدولي للجماعة منذ ثلاث سنوات: «زارني بعض الإخوة السوريين في بيتي، وشرحوا قضية خلافهم مع البيانوني، فعرضت أن أزودهم برسالة إلي محمد عاكف المرشد العام حينها ليكلف من يراه مناسبا، للتدخل وحل المشكلة وفض النزاع بين الطرفين، وإعطاء الجهد لأهله حرصا علي وحدة الصف وجمع الكلمة والمستقبل، والخروج من دوامة الخلافات». وجدد الهلباوي موقفه من النظام السوري، حيث قال: «ما طلبته من قيادة النظام السوري هو مواصلة دعم القضية الفلسطينية، وقادة حماس، وحزب الله، وإيران، والاستمرار في موقف الممانعة، ومواجهة الهيمنة الصهيونية والأمريكية، وهو الامتحان الذي فشل فيه معظم النظام العربي، وإتاحة مساحة كافية لحقوق الإنسان، وإتاحة مساحة كافية للدعاة المخلصين، والسعي لتحرير الجولان والأراضي المحتلة، وإطلاق سراح مساجين الرأي». ودعا الإخوان مجددا إلي طي صفحة الخلافات مع النظام، وعدم الاصطدام معه مجددا، وقال: «ما طلبته من القيادة الجديدة للإخوان هو العمل علي طي صفحة الخلاف التاريخي مع النظام، وعدم تحميل القيادة الجديدة مسئولية خلاف لم يكونوا شركاء في صنعه، وعدم الاصطدام بالنظام وعدم الوقوع في فخ الصدام، والاهتمام بالمهاجرين السوريين حتي تستقر أوضاعهم وتنتهي مشكلاتهم». كانت قيادات الإخوان في سوريا أعادت تكرار نفس سيناريو الانقلاب الذي جري في «الجماعة الأم» في مصر في 9 يناير الماضي بكامل تفاصيله، إذ تمكنت قيادات التيار المحافظ داخل الجماعة من الإطاحة بمراقب الجماعة العام صدر الدين البيانوني (72 عاما)، الذي إعلن تقاعده في ختام ولايته الثالثة، علي غرار ما فعله المرشد العام للجماعة مهدي عاكف، وقال مجلس شوري الجماعة إنه انتخب مراقبا عاما جديدا هو المهندس محمد رياض شقفة (66 عاما)». ومن العاصمة الأردنية عمان أطلق نجل القيادي السابق في جماعة الإخوان سعيد حوي، مبادرة لإعادة صياغة العلاقة بين الإخوان والنظام في رسالة مفتوحة وجهها للقيادة الجديدة، طالب فيها الإخوان بمواقف صعبة جداً علي المستوي الفكري والسياسي، تمثل مراجعة صادقة مع النفس، مراجعة فكرية واضحة إزاء حكم التكفير والتخوين، ورفض إساءة الظن وإلقاء التهم الجزاف ضد الخصوم. وأشار حوي إلي وجود وساطات لحل الخلاف بين الإخوان والنظام، وقال: «يفيد بعض المصادر بأن النظام قدم لبعض الوسطاء حلاً ممكناً يتضمن القبول بعودة الإخوان كأفراد، ممن لم يمارس القتل مباشرة، غير أن بعض القيادات تتعمد إفشال هذه الوساطات، وتطالب بالمستحيل».