أصبح خبرًا مألوفًا أن نسمع كل فترة عن احتجاز سفينة مصرية بالقرب من أحد الشواطئ التي تخص بعض الدول المجاورة، ويبدأ المسلسل الذي أصبح مملاً: استغاثات من بعض ركاب المركب المصري بذويهم، الضغط علي الخارجية المصرية للقيام بدور الوسيط، ابتزاز الحكومة والإيحاء بأنها لا تهتم بأحوال المصريين في الخارج، اتخاذ الصحف الحزبية والمستقلة وبرامج التوك شو المسائية للحادثة للتشهير بضعف الدولة وعدم قدرتها علي التفاوض واتهامها بأنها قد فقدت مكانتها الإقليمية والدولية.. الاستنجاد بالرئيس مبارك للضغط علي الوزارات المحلية للتدخل، أو لقيام سيادته شخصيا بالاتصال بقادة الدول المجاورة لحل المشكلة.. وهكذا.. والغريب أنه في كل مرة يتم اكتشاف أن السفن ومراكب الصيد المصرية كانت هي المخطئة.. وأنها قد انتهكت المياه الإقليمية للدول المجاورة، حدث هذا في ليبيا عدة مرات، ومع اليمن، ومع السعودية وغيرها من الدول، وكأن الرزق لا يأتي إلا من مياه الغير وكأننا لابد أن «نسير في الممنوع» حتي نكسب، وكأنه مكتوب علينا دائمًا أن نعتذر لهذا ونرجو ذاك، ونقيم الوساطات لدي هؤلاء وهؤلاء حتي تستقيم الأمور.. وما هكذا تورد الإبل كما يقال في المثل العربي. الأفراد الذين يطالبون الدولة بالتدخل لمساعدتهم يجب أن يساعدوا أنفسهم أولاً، ويجب أن يحترموا القواعد الدولية والإقليمية المنظمة للصيد.. و«مش كل مرة تسلم الجرة» فلولا أن مصر لا يزال لها ثقلها، ولولا أن وزارة الخارجية التي تتحمل في كبرياء الاتهامات بالضعف في الداخل، والاتهامات بالخيانة للقضايا العربية في الخارج، أقول لولا الجهود التي تقوم بها هذه الوزارة، والضغوط والوساطات التي تقوم بها سرًا وعلانية لسمعنا كل يوم عن ضحايا جدد، ولكانت سجون الدول المجاورة مليئة بالصيادين المصريين الذين لا يحلو لهم الصيد إلا في مياه الغير. مطلوب منا جميعًا أن نقدر كرامة البلد الذي نعيش فيه، ونقدر كرامة الإنسان المصري التي يجب أن تعلو علي كل المكاسب السريعة.. ولا يجب أن يكون لسان حالنا دائما هو «يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار» فلا يوجد في مصر صغار، ولكن يوجد للأسف بعض الأشخاص الذين لا يقدرون المسئولية، ويرتكبون في بعض الأحيان أفعالا تسيء لنا جميعًا.