حضرت خلال الأسبوع الماضي بمدينة الإسكندرية اللقاء الهام الذي عقده برنامج قادة الفكر بمنتدي حوار الحضارات (قطاع التنمية الثقافية) بالهيئة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية CEOSS تحت عنوان (قراءة في حالة الحوار في مصر). ولقد ضم اللقاء نخبة من المفكرين والمثقفين المصريين في كافة المجالات الفكرية. بدأ د. نبيل صموئيل أبادير اللقاء بالحديث عما أطلق عليه الحالة الكلامية للمجتمع المصري الآن، وأكد علي أن المجتمع المصري لا يشجع علي حرية التعبير أو حرية الاختيار أو حرية التواجد. وأذكر ضمن ما قيل ما ذكره نبيل عبد الفتاح من أن مشهد الحوار في المجتمع المصري الآن قد تحول من القليل من الحوار إلي الكثير من الشجار.. خاصة بعد أن تحول الأمر إلي الخلط بين اللغة العلمية الموضوعية في الحوار إلي اللغة الدينية الشعبية التي لا تمت إلي صحيح الدين بصلة. كما أذكر أيضاً ما قاله سمير مرقس بعد ذلك من أن هناك تصنيفاً وتشكيكاً في النوايا عند أي حوار قبل أن يبدأ من الأصل، وهو ما يجعله يفشل علي كافة المستويات. ولقد أعجبني كثيراً ما ذكره الصديق د. نبيل حلمي في مداخلته عندما قال: إننا جعلنا الناس تكره مصر بسبب رؤيتنا (السوداوية) لكل ما يدور في مصر. وأعتقد أن (نحن) التي ذكره اد. نبيل حلمي تعود علينا جميعاً.. كمثقفين ومفكرين وكتاب وصحفيين وخبراء ومتخصصين وقيادات.. لقد أتيح لي أن أشارك ببعض الملاحظات في هذا اللقاء علي غرار: - إن الوعي الشعبي للمجتمع المصري يتشكل بين الساعة التاسعة والثانية عشرة مساء يومياً من خلال برامج التوك شو، والتي يساعد بعضها علي ترسيخ مفاهيم التخوين والتشكيك وفقد الثقة في البلد، وذلك رغم أنه يتناول في الكثير من الأحيان مشاكل حقيقية بدون مناقشة حقيقية وموضوعية. - إن هناك (شللاً) لبعض وليس كل - البرامج الفضائية، وهي الشلل التي تستبعد من تريد واستضافة من تريد حسب المصلحة والتوجه. وهو الأمر الذي ينطبق علي (شلل) متابعة الملف الديني والمجتمع المدني في الجرائد الخاصة تحديداً. - سيطرة (الصحافة السوداء) التي تكرس الطائفية في المجتمع المصري علي توجهات بعض وليس كل - البرامج الفضائية إما بسبب ما تروجه من شائعات أو بسبب وجود محرريها ضمن فريق إعداد البرامج الفضائية. - إن التوجه الإعلامي في الكثير من الأحيان لا يسير وفقاً لمسطرة (معايير) المواطنة بقدر ما يسير حسب الأهواء والمصلحة الشخصية للجرائد الخاصة الموجهة، وبجانبها بعض برامج التوك شو. اتسم لقاء CEOSS بأنه لقاء فكري له طابع خاص لأنه يخاطب وجدان مصر وعقلها من خلال مثقفيها ومفكريها الذين يمثلون صمام الأمان تجاه ترسيخ مفاهيم الدولة المدنية المصرية في مواجهة أي أشكال أخري طائفية أو دينية أو غير ذلك.