هل تستطيع الثقافة إصلاح ما أفسدته السياسة وذلك بجهود وحماس الشباب؟! هذا هو التساؤل الذي اجتمعت حوله كوكبة من المثقفين المصريين ومنظمات المجتمع الأهلي ومئات من الشباب المتطوع من جميع الجامعات المصرية، وشباب الهيئة الإنجيلية لإنجاح «لقاء القاهرة»، الحدث الثقافي العالمي الذي عقد بقاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة وشارك فيه مجموعة من المثقفين والسياسيين والإعلاميين من مصر وأوروبا تحت عنوان «الجمال فضاء لحوار الثقافات». لقاء القاهرة هو التوأمة الثقافية للحدث الإيطالي الثقافي «لقاء ريمنييه» الذي عقد بإيطاليا بحضور مليوني مشارك بهدف إيجاد لغة للحوار بين الثقافات والأديان المختلفة، مما أوحي بالفكرة لمؤسسي هذا اللقاء بمصر، وهم المستشارة تهاني الجبالي أول قاضية مصرية ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا التي قالت لنا: «إن فكرة هذا اللقاء هو الحوار مع الآخر، وأن الدين للحياة وليس للانسحاب منها، وولدت هذه الفكرة علي أيدي 7 شباب هم مؤسسو هذا الحدث منذ 31 عامًا بمدينة ريفيه الإيطالية، وأصبحوا الآن يشغلون مناصب مرموقة وجمعهم المفكر الديني جوثيان، ونحن اليوم نحتفي بالتنوع الثقافي لجعله دافعًا للحوار وفضاءً رحبًا لقبول الآخر وتفهمه». وفكرة هذا اللقاء تلتقي مع وجه مصر الحضاري الحقيقي بدلاً من التراشق الديني الذي نشهده هذه الأيام، وقال وائل فاروق- نائب رئيس لقاء القاهرة وأستاذ في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة-: «أجمل ما في هذا التجمع هو تطوع الشباب، فمنهم من تطوع بأن يكون سائقًا للضيوف لتوصيلهم لهذا الحدث، وهناك صحفيون وقضاة من كل الجهات ويقدم كل منهم ما يستطيع لإنجاح هذا التجمع. شركاء في التنمية «واجب الكل أن يتكاتفوا، رجال أعمال، رجال دين، مفكرين، شباب»، هكذا بدأ معي عبدالغفار حنيش رئيس مجلس إدارة إحدي شركات البترول وعضو اللجنة القومية لإدارة الأزمات والكوارث وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية وأضاف: «دعم العمل الاجتماعي واجب علي كل إنسان، وعندما كنا مدعوين بإيطاليا «لقاء ريمنييه» حلمت بلقاء يتجمع فيه كل الجهات من كل الأعمار لتوجيه طاقات الشباب لما يفيد مجتمعنا،وأنا أرأس منظمة دولية في مجال الإغاثة، نقيم مؤتمرات لحشد طاقات الشباب والذي ينتظر من يوجهه وهذا هو دورنا، وأفكر في إنشاء منظمة لتطبيق الدراسات التكنولوجية وأبحاث الشباب في تحقيق التنمية الصناعية وسنعمل علي أن يكون هذا حدثًا سنويًا ليسلم كل جيل الجيل الذي يليه. أما إيمليا جوارنيري رئيس وأحد مؤسسي لقاء ريمنييه فتقول: «دور التفاعل الإنساني الحضاري والتقارب الفكري مؤثر وسيكون احترام هذا التنوع هو السبيل لإصلاح ما أفسدته السياسة». وكان سمير غريب رئيس جهاز التنسيق الحضاري قد قام بافتتاح هذا الاحتفال نيابة عن وزير الثقافة الفنان فاروق حسني وتكريم كل من الأب كريستيان فان والسيدة إيمليا جوارنيري، وقام الدكتور عبدالمعطي بيومي العميد الأسبق لكلية أصول الدين بإلقاء كلمة عن التسامح الديني وحوار الثقافات وعلاقته بالأب كريستيان فان، الذي طلب مشاركته بصلاة العيد ليعيش تجربة تسامح الأديان. شباب متطوع وقد تطوع شباب من جامعات بني سويف والمنيا والإسكندرية وبنها والقاهرة وجامعة الأزهر والجامعة الأمريكية والجامعة الكاثوليكية بميلانو وجامعة مودرن أكاديمي وشباب الهيئة الإنجيلية وأسقفية الشباب الأرثوذكسية والكاثوليكية ليشاركوا في هذا اللقاء، ومنهم محمد علي عبدالعزيز طالب بكلية الطب والذي يقول: «دائمًا فكرة التطوع تراودني وتستهويني وعندما علمت بفكرة الموضوع والتي تقوم علي الحوار بين الثقافات والأديان علي الفطرة، وعلي مبدأ الاختلاف جئت للمشاركة في تنظيم هذا الحدث، وأعمل مرشدًا للضيوف. أما كريم وحيد 29 سنة فيعمل بالغردقة وهو خريج سياحة وفنادق وأتي خصيصًا للمشاركة في هذا الحدث ويقول: «نحاول كشباب في ظل ما نشهده من صراعات إيجاد حلول، وهذا اللقاء الثقافي وجه مشرف لمصر، لذا سارعت في مشاركة زملائي الشباب في تنظيمه بكل ما أوتيت من جهد لنعطي صورة مشرفة لمصرنا الحبيبة وسنجتمع دائمًا نحن الشباب لإيجاد أفكار مضيئة تخدم فكرة حوار الحضارات بعيدًا عن التطرف والتشدد. وتقول يارا بهاء الصف الثالث الثانوي: تحمست عندما علمت أن هذا اللقاء السنوي الذي يعقد منذ أكثر من 30 عامًا هو فكرة للشباب مثلنا أرادوا أن يجتمعوا سنويًا لتأكيد مفهوم حرية الاختلاف والحوار البناء، وأعتقد أن مثل هذه اللقاءات قادرة علي جمع الشباب ونشر الفكر المتوازن بينهم».