الدكتور يوسف نوفل أستاذ النقد الأدبي والدراسات الأدبية بكلية البنات جامعة عين شمس، يري أن مشروع "القراءة للجميع" من أهم المشروعات الثقافية في مصر حاليا، ويطالب بالابتعاد عن المجاملات في النشر، وضرورة إنشاء نسخة إلكترونية من كتب المشروع، ونسخة أخري سمعية للمكفوفين، وضرورة التيقظ للمنافسة مع الأشقاء العرب، خاصة اللبنانيين .. التقيناه في "روزاليوسف" فكان هذا الحوار.. كيف تري مشروع القراءة للجميع بعد مرور عشرين عاما علي انطلاقه؟ - مشروع القراءة للجميع إنجاز حضاري وثقافي هام بلا جدال، علي الأقل فقد حرك المياه الراكدة في مجالي المعرفة والثقافة، بدرجات متفاوتة وبأسعار زهيدة، يكفي أن المشروع وقف متحديا ظاهرة العصر الأكيدة، وهي ثورة الاتصالات، التي وضعت القراءة في أزمة حقيقية، والمشروع خطوة رائدة تعتبر حدثا مهما من أحداث القرن الماضي، وعلينا أن نعترف أنه قام بتحريك حركة النشر، وعمل علي زيادة رقعة توزيع الكتاب، وإمداد المكتبة العربية بعناوين قيمة، ما بين تراثية وحداثية، ولا يمكن نكران هذه العناوين المنشورة في هذا المشروع. ما الملاحظات التي تؤخذ علي المشروع؟ - لا ينبغي أن نبالغ في كيل المديح أو حتي التقريظ للقائمين علي المشروع، لكن أري أنهم عليهم تلافي المجاملات التي يقعون فيها، فلا يعقل أن يتم الدفع بمؤلفات أحد الكتاب من حين لآخر، وإهمال الآخرين، لا ضير في الاهتمام بإحدي الشخصيات الثقافية المرموقة، وفي نفس الوقت لا ينبغي إهمال الباقي، واقترح أن تتاح لهم نصف ما يختار له، ألاحظ المجاملات الصارخة التي تسلط الضوء علي البعض، وتتناسي أناسا لا يقلون أهمية عن أصحاب السلطات الثقافية المعروفين، فهناك كم هائل من الكتب المميزة التي ينبغي أن تعاد طباعتها. ما أبرز هذه الكتب؟ - يصعب حصرها، ولكن هناك دواوين شعرية مميزة مات أصحابها ومن أبرزهم: علي محمود طه وإبراهيم ناجي، ولا أقول أصحاب المعلقات، فأنا أعي اختيارات القراء جيدا، ومجموعات قصصية ليوسف إدريس، وعبد الرحمن الشرقاوي، ولا أقول نجيب محفوظ، لأنه أخذ حقه من الشهرة وزيادة. وما التحديات التي تواجهها والمتوقع أن تحدث في الفترة المقبلة؟ - أمران: الأمية، وثورة المعلومات ومزاحمة الكتاب الإلكتروني للكتاب الورقي، وأقترح إنشاء سلسلة إلكترونية موازية للكتاب الورقي، بالإضافة إلي سلسلة صوتية للمكفوفين، ولقد شاركت في سلسلة مشابهة في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من 25 عاما، ولا ينبغي أن نتأخر أكثر من ذلك. هل تري أن مصر مازالت تستطيع المنافسة باستخدام الكتاب؟ - لابد من استثمار الكتاب في إدخال عملة صعبة لمصر، مثلما صنعت بيروت في الماضي، قبل اندلاع الحرب الأهلية، حيث كانت مركز النشر الأول في العالم العربي، وما زالت بيروت منافسا شرسا لمصر، وأهلا بهذه المنافسة، وهم ناجحون وصادقون مع أنفسهم، ولو لم يربحوا من هذا المشروع لما استمروا حتي اليوم، وهم نشطاء في مجال نشر التراث، ولأننا نحن الأسبق في نشر وتحقيق التراث المخطوط بواسطة المطبعة الحجرية ومطبعة بولاق ومطبعة دار الكتب، وعن طريقنا قامت كل الدول العربية باقتناء كل كتب التراث خلال القرن التاسع عشر والعشرين مثل: الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، والعقد الفريد لابن عبد ربه. ما اقتراحاتك لتنشيط سوق الكتاب في مصر؟ - هناك إقبال شره من القراء العرب علي اقتناء كتب التراث، فلماذا لا تأخذ هيئة الكتاب بزمام المبادرة، وتغرق الأسواق بكتب التراث، بدلا من أن تسبقنا مراكز مثل بيروت، وهذا لا يليق بمكانة مصر (أم الدنيا)، لكي نستفيد منها استثماريا، وإذا كان لدينا آثار الفراعنة، التي تدر دخلنا لنا، فلماذا لا نستثمر المخطوطات وكتب التراث المختلفة في تحقيق عائد اقتصادي لمصر؟