شهدت الساحة الفنية التشكيلية المصرية مؤخرا، أول لقاء فني تشكيلي بين مصر وإفريقيا وتحديدا نيجيريا من خلال المعرض المقام بقاعات قصر الفنون بالأوبرا، في إطار بروتوكول تعاون بين قطاع الفنون التشكيلية والمتحف القومي النيجيري، ويحمل المعرض عنوان: "الجولة العالمية للفنون المرئية في نيجيريا"، المعروف اختصاراً باسم "نيفاتور"، ومن المقرر أن تستكمل الأعمال الفنية الجولة التي انطلقت من مصر، في عدد آخر من الدول. وبمناسبة افتتاح المعرض يوم الأحد الماضي، أقيم مؤتمر صحفي بقصر الفنون، تلاه إقامة ورشة عمل مشتركة بين الفنانين المصريين والنيجيريين. ضم المعرض أعمال عشرة فنانين، من مقتنيات المتحف القومي المعاصر بنيجيريا هم: (أنسلم نياه- أوجو أولايني- أوسوالد أورواكبا- أوش أجونس- باميلا إيجوير- جاكوب جاري- فولو فولورونسو- كريس أفوبا- كونل فيلاني- ليفي ياكوبو)، كما شاركهم بعرض مواز من الجانب المصري عشرة فنانين مصريين هم: (إبراهيم الدسوقي- أيمن السمري- جيهان سليمان- خالد سرور- رضا عبد السلام - سعيد بدر- فاروق وهبه- محمد أبو النجا- محمود حامد محمد- مصطفي عبد المعطي). شارك فنانو نيجيريا بلوحات تصويرية بالألوان الزيتية، وأعمال مطبوعة علي القماش، وأعمال نحتية، تنوعت بين الاتجاهات الكلاسيكية والواقعية، عبروا فيها عن أساليب الحياة الإفريقية، بعقائدها ورموزها وموروثاتها وأساطيرها، التي تحمل مضمونا اجتماعيا وإنسانيا، بالإضافة للأعمال المنفذة بتقنية الحفر علي الخشب أو العاج. الأعمال النحتية الخشبية المعروضة تمثل أعلي الصخرة للفن الإفريقي، وتنم عن طلاقة فنية وفكرية، فالإنسان هو المحور الأساسي للتعبير عن فلسفتها عن المفاهيم الإفريقية للجمال، وتنتمي إلي الاتجاه التجريدي، بما يحمله من اختزال عميق برؤية حداثية ومعاصرة. ومن جانبه تحدث الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية، عن مستقبل العلاقات الفنية المصرية النيجيرية قائلا: أهلا بكل ما هو إفريقي، إذا كانت مصر هي أقدم حضارة في العالم، فإن نيجيريا تعد من أقدم الحضارات بعد مصر في قارة إفريقيا، وهذا التعاون هو الأول من نوعه بين مصر ونيجيريا في الفنون، بهذا الحجم والشكل، ورغم أنه قد تأخر كثيرا، فإن الاتصالات الثقافية والفنية مع إفريقيا سوف تيتم بشكل مكثف في بينالي القاهرة القادم. أما عبدالله موكو مدير عام الجاليري الوطني النيجيري للفنون فتحدث قائلا: معرض "نيفاتور" هو واحد من سلسلة من المعارض، التي تأتي في إطار المشروع الأكبر المتمثلة في (الجولة العالمية للفنون النيجيرية المرئية)، ونعتبره إحدي وسائل جاليري الفنون الوطنية، لتسليط الضوء علي ثراء وتنوع الثقافة النيجيرية، ونشرها في مختلف دول العالم، كما أن هذا المشروع أحد البرامج المهمة للكشف عن المواهب الفنية في نيجيريا، نجوب به العالم لنؤكد أن عظمة الفنون في نيجيريا لا تقف عند الفنون القديمة فقط، بل إن الفن النيجيري المعاصر قد تطور إلي الحد الذي أصبح معه الفنان النيجيري محط أنظار العالم بحداثته. وأكد الفنان محمد طلعت مدير قصر الفنون وقوميسرا المعرض: أهمية حوار الفن المعاصر بين دولتين يشتركان في كثير من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويقتسمان معاً مساحة جغرافية في قارة استعمرت واحتلت من قبل دول عديدة من الغرب لفترات كبيرة، واستنفدت هذه الدول كل ما هو تاريخي وإرثي في إفريقيا، وأيضًا ألقت بظلالها علي الحركات الفنية، وتأثرت واستفادت من فنونها لتطورها، وتراكم الحضارات والثقافات هو أهم عامل مشترك يجمع بين مصر ونيجيريا، فلا يزال الفن المعاصر -خاصة التصوير والنحت- لهما المقدرة علي أن يظلا محتفظين بثقافتهما التراكمية داخل التاريخ والهوية والفن ذاته، وتلك الحوارات الفنية تعتمد علي المتراكم ثقافيا والمستمد من الهوية، وكل ما له قيمة حقيقية سواء كانت مفاهيمية أو مستمدة من مرجعيات لها خصوصية جغرافية وإرث تاريخي، وأيضًا أصالته وهويته. وواصل: استكمالا للحوار الفني والثقافي، تمت إقامة ورش عمل لمدة خمسة أيام متتالية في قصر الفنون، اشترك فيها من الجانب المصري الفنانون (محمد الطرواي ذ مها جورج ذ محمود حامد ذ هاني الراشد ذ عمر طوسون)، ومن جانب نيجيريا شارك الفنانون (أنسلم نياه- جاكوب جاري- كريس أفوبا - باميلا إيجوير- فولو فولورونسو). الفنان محمود حامد أحد الفنانين المشاركين في المعرض والمشاركين في الورشة تحدث عن ورشة العمل قائلا: دائما ما ننفتح في مصر للفنون القادمة من أوروبا والغرب، فالمعرض يعد خطوة لفتح حوارات ثقافية، وتبادل فكر تشكيلي لفناني نيجيريا، وفي اللقاءات القادمة سوف نتعرف علي دولة أخري إفريقية، لها خصوصية وهوية فنية، أما الورشة فهي تبادل الخبرات والآراء والمعرفة الفنية والتقنيات وعرض تجارب فنية وجمالية وطرح لرؤية ومعالجات مختلفة. الفنانة مها جورج إحدي المشاركات في الورشة تحدثت قائلة: هذا اللقاء المصري الإفريقي عكس لنا صورة عن الفن النيجيري الحقيقي، فالمعروض من أعمال المقتنيات، يعبر عن فترة زمنية وتاريخية معينة، لكن كنا نود أن نري أعمالا أخري أكثر معاصرة، في الورشة تحاورنا حول الفن الإفريقي وحياه الفنانين، وتدريس الفنون هناك، وأساليب تسويق الفن، بجانب تبادل الخبرات الفنية والتقنية.