كتب - بول سالم مدير مركز كارنيجي في بيروت مستقبل حزب الله، المنظمة السياسية شبه العسكرية الشيعية القوية في لبنان، لم يكن في أي وقت مضي أكثر غموضاً مما أصبح عليه الآن. ونظراً للتوتر المتصاعد مع إسرائيل واحتمالات توجيه اتهامات إلي بعض الناشطين من أعضاء المنظمة من قبل المحكمة الدولية التي تتولي التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، فإن الأمر يبدو الآن وكأن حزب الله أصبح مطوقاً من كل جانب. والسؤال الأكثر إلحاحاً هنا يتعلق باحتمالات نشوب حرب أخري بين إسرائيل وحزب الله، فقد تصاعدت المخاوف في هذا السياق طيلة القسم الأعظم من هذا العام، وتغذت هذه المخاوف علي تقارير عن نقل صواريخ جديدة إلي حزب الله والتهديدات المتقطعة من جانب إسرائيل. ويزعم هؤلاء الذين يتوقعون نشوب الحرب أن إسرائيل غير مستعدة للتسامح مع وكيلة إيران المدججة بالسلاح علي حدودها في حين لاتزال التوترات المرتبطة بالقضية النووية مع إيران بلا حل. ورغم أن الحرب من غير المرجح أن تندلع في الأشهر المقبلة، فقد تشعر إسرائيل بالحاجة إلي التحرك إذا لم تسفر العقوبات المفروضة علي إيران عن نتائج ملموسة في وقت مبكر من عام 2011 . وإذا وجهت إسرائيل ضربات عسكرية إلي المنشآت النووية الإيرانية، فمن المرجح أن ينضم حزب الله إلي المعمعة، وهذا يعني اضطرار إسرائيل إلي الاشتباك مع حزب الله في الوقت عينه. وقد تلجأ إسرائيل بدلاً من هذا إلي شن حرب وقائية ضد حزب الله من أجل حرمان إيران من القدرة علي توجيه ضربة انتقامية في مكان قريب. والواقع أن حزب الله يستعد بشكل مكثف لمثل هذه السيناريوهات، ببناء الدفاعات، وحفر الخنادق، وتجميع ترسانة صاروخية قوية. ولكن رغم أن استعدادات حزب الله من المرجح أن تساعدها في ضمان بقائها، فسوف يجد الحزب صعوبة شديدة في تبرير هذه الاستراتيجية التي أدت إلي حربين مدمرتين في غضون خمسة أعوام للرأي العام في لبنان. وفي لعبة النهاية في حرب كهذه فقد تطالب البلدان العربية والمجتمع الدولي سوريا بتحمل قدر أعظم من المسئولية في لبنان، من أجل احتواء حزب الله وقدراته العسكرية. فضلاً عن ذلك فإن نجاح السلام في منع الانزلاق إلي الحرب من شأنه أن يضع حزب الله أمام مشكلة أخري. ورغم أن احراز تقدم حقيقي في عملية السلام العربية الإسرائيلية يبدو من غير المرجح في الوقت الحالي. فإن مبعوث الولاياتالمتحدة جورج ميتشل مازال يتحدث عن السلام العربي الإسرائيلي باعتباره احتمالاً واضحاً في عام 2011 . وتشير بعض المصادر من داخل الإدارة الأمريكية إلي أن الرئيس باراك أوباما قد يعلن عن الخطوط العريضة لتسوية عربية إسرائيلية في وقت لاحق من هذا العام. ويشكل الاتفاق بين سوريا وإسرائيل عنصراً رئيسياً في كل السيناريوهات المقترحة للسلام بين العرب وإسرائيل. ففي مقابل إعادة مرتفعات الجولان المحتلة سوف تصر إسرائيل والولاياتالمتحدة علي نزع سلاح حزب الله. ولقد تعهدت الدول العربية في إطار خطة السلام العربية التي أعلنت في بيروت في عام 2002 بضمان أمن «كل بلدان المنطقة» وهي عبارة رمزية تشير إلي التعامل مع التهديد من جانب حزب الله وحماس، علي اعتبار إسرائيل جزءاً من المنطقة. ومع استمرار حزب الله وإيران في الزعم بأن إسرائيل لن تعيد مرتفعات الجولان ولن تسمح بظهور دولة فلسطينية، ورغم أن هذا الزعم قد يكون مبرراً، فلا يجوز لنا أن نستبعد إمكانية السلام. وإذا كانت الغلبة للسلام فإن سوريا سوف تدفع لبنان إلي عقد معاهدة سلام مع إسرائيل وتضغط علي حزب الله لحمله علي التكيف مع الحقائق الجديدة. ونظراً للشعبية التي يتمتع بها حزب الله بين الشيعة في لبنان، فمن الممكن أن يستمر كحزب سياسي مؤثر، ولكن سوف يكون لزاماً عليه أن يتخلي عن دوره كقوة وكيلة رئيسية للحرس الثوري الإيراني، ومع ذلك فإن حزب الله يواجه أيضاً متاعب سياسية شديدة. فعلي الرغم من غياب أي إعلان رسمي، هناك تقارير تشير إلي دانييل بيلمار، المدعي العام للمحكمة المختصة بلبنان، قد يختتم تحقيقاته ويصدر الاتهامات في خريف هذا العام. وفي حين حاول حزب الله إقناع اللبنانيين بأن تواجده في الحفاظ علي أمن واستقرار البلاد، فإن التطورات الإقليمية والدولية تشير إلي أن حزب الله يواجه تحديات متصاعدة، ورغم أن المستقبل لا يبدو مشرقاً بالنسبة لحزب الله، فمن غير المرجح أن يتخلي عن سلطته من دون قتال.