محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    المصري يواصل تدريباته في سوسة.. والكوكي يقترب من تحديد الودية الرابعة    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    حجز شقق الإسكان منخفضي الدخل 2025.. الشروط الكاملة وخطوات التقديم عبر الموقع الرسمي    القائم بأعمال رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: اليوم تحقق حلمنا بتخريج أول دفعة    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    محافظ المنوفية يستعرض الموقف الحالي لمنظومة النظافة والمشروعات    المجاعة مجرد بداية…الاحتلال الصهيونى يخطط لقتل وتهجير كل أهالى غزة    هوجو إيكيتيكي يشارك في فوز ليفربول بثلاثية على يوكوهاما وديًا.. فيديو    الداخلية السورية: مزاعم حصار محافظة السويداء كذب وتضليل    العثور على دقيقة مفقودة في تسجيلات المجرم الجنسي إبستين تثير الجدل.. ما القصة؟    مناورات عسكرية مشتركة بين روسيا والصين في أغسطس    وظائف وزارة التضامن الاجتماعي 2025.. الإعلان الرسمي والتخصصات المطلوبة وخطوات التقديم    بفريقين مختلفين.. الأهلي يخطط لخوض وديتين يوم الأحد المقبل    منتخب مصر يواجه تونس وديا في سبتمبر استعدادا لكأس العرب    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه تونس خلال أجندة سبتمبر    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    رسميا.. المقاولون العرب يعلن ضم لاعب الزمالك السابق    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    "الواد وقع".. سائق ميكروباص يعتدي على أسرة بمفك على الدائري    صاحبة دعوى إثبات نسب طفل للاعب إسلام جابر: "ابني هيقدم الدعوى الجاية"    3 شباب يستدرجون فتاة من ذوي الإعاقة ويعتدون عليها في العجوزة    لسماع مرافعة النيابة.. تأجيل محاكمة متهم تنظيم ولاية سيناء    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اعتداء سائق ميكروباص على أسرة أعلى الدائري    بينهم بيومي فؤاد ورانيا فريد شوقي.. نجوم الفن ينعون الفنان لطفي لبيب    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    مصدر يكشف لمصراوي تفاصيل تعديل نظام مساهمة الأدوية التجارية بالتأمين الصحي    35 ألف طالب تقدموا بتظلمات على نتيجة الثانوية العامة حتى الآن    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    مصنعو الشوكولاتة الأمريكيون في "ورطة" بسبب رسوم ترامب الجمركية    ضبط عاطل و بحوزته 1000 طلقة نارية داخل قطار بمحطة قنا    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    مدير أمن سوهاج الجديد يكثف جولاته الميدانية لضبط الحالة الأمنية    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    "التضامن" تستجيب لاستغاثات إنسانية وتؤمّن الرعاية لعدد من السيدات والأطفال بلا مأوى    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماغ صيفية واقتراح لرمضان

لا أعرف لماذا سألت نفسي فجأة هل هناك دماغ صيفية ودماغ شتوية؟ قلت لنفسي أجل الدماغ الصيفية غالبا إذا كان صاحبها جالسا، تكون ساقطة علي صدره مغمضة عينيها كأنها وصاحبها متروكان في مكانهما من قديم الأزل، بينما الدماغ الشتوية يقظة تدور عيناها بالفطنة والذكاء والرغبة في الحركة. الدماغ الصيفية قد تتحرك لكن بسبب الضيق الذي يسببه العرق، الذي بدوره يجعل الملابس ضيقة مهما اتسعت، وهذه الحركة تكون كأنها رغبة في الفرار، لكن صاحبها لا يتحرك. والدماغ الشتوية قد تنام وتسقط علي صدر صاحبها ،ولكن من الراحة والدعة، وتفتح الطريق للأحلام السعيدة.
في مقدمته الشهيرة قال ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع في الدنيا، إن شعوب البلاد الباردة نشطة ومنتجة، ،بينما شعوب المناطق الحارة كسولة، بما يصعد إلي الدماغ من أبخرة الحر، ومن حسن حظي أنني سافرت كثيرا، لكن أكثر سفراتي كانت إلي البلاد الحارة أو المعتدلة. ذهبت في العالم العربي إلي الكويت مرة منذ أكثر من عشر سنوات، ،لكن كانت زيارة قصيرة، وكنت أنتقل من مكان مكيف الهواء إلي مكان آخر مكيف الهواء، وبين المكانين لم أشعر بالحر لأن الأمر لم يستغرق إلا دقائق. والمحل الوحيد الذي دخلته وكان صغيرا جدا ولم يكن مكيفا سألت صاحبه الجالس عن شيء فقال لي دون ان ينهض من مكانه: لا يوجد، وكان ما أساله عنه واضحا أمام عيني وانصرفت مندهشا. سافرت في السبعينيات من القرن الماضي وعملت في المملكة العربية السعودية لكن كنت في الشمال . في تبوك. وكان المكان في العمل مكيفا وفي البيت. ولم أكن أنزل الأسواق إلا بالليل ولوقت قصير، ولم أمكث هناك أكثر من عام.
في الإسكندرية التي عشت بها سنوات عمري الخمس والعشرين الأولي، كان الصيف قصيرا، وغالبا كنت خارج البيت، علي البحر بالنهار، وفي المقاهي بالليل، ورغم ذلك كان الحر والرطوبة يمنعانني من العمل أو الكتابة، وظلت هذه العادة معي فلا أكتب في الصيف رواية أو قصة، وإن كنت أكتب الآن المقالات طول العام، ولكن بعد أن ينتصف الليل دائما.
رأيت العالم البارد في أوروبا كيف هو متقدم، وكيف لا يكف الناس عن الحركة والنشاط في العمل وفي الإجازات. رأيتهم هناك في الصيف والشتاء، الفارق الوحيد أنهم في الصيف يخلعون ملابسهم أو أكثرها، والصيف هناك لا تتجاوز فيه الحرارة عشرين درجة إلا نادرا. مجرد صعود الشمس إلي السماء يعني التخفف من الملابس ليشرب الجسد غذاءه من الأشعة. وحين يهل شهر أغسطس يأخذ الجميع إجازاتهم لشهر كامل، ولا يعمل إلا عدد قليل في البنوك أو المستشفيات أو الشرطة طبعا ،وغير ذلك من الأعمال الخدمية.
أمضيت وقتا طويلا مرة في بلدة لاروشيل الفرنسية علي المحيط الاطلنطي في الصيف، وكانت الشمس تنعكس علي من كل مكان، واكتشفت أنها تنعكس من أجساد النساء والرجال العارية حولي في الطرقات، وحين أهلّ الشتاء اختفي المصيفون، ونزلت الملابس الثقيلة علي جميع الأجساد لكن الحركة ازدادت في الشوارع، وبدا كأن النشاط قد دب في الأرواح أكثر مما فعلته الإجازات وهو حقيقي. الأمر نفسه رأيته في ألمانيا وإيطاليا والنمسا أما روسيا فحدث ولا حرج عن عظمة الإنتاج الروسي، رغم أن البلاد يغطيها الجليد، وكنت أمشي بسرعة أصابتني من سرعة الناس والحرارة خمس عشرة درجة تحت الصفر. الدماغ الشتوية متعطشة ووثابة وطموحة، والصيفية ساكتة ميتة تنتظر هبَّة نسيم. يزداد الأمر تعقيدا في البلاد المزدحمة مثل بلادنا، فالقدرة علي التحمل في الحرّ أقل لذلك تزداد الخناقات في الأماكن المزدحمة، كالمواصلات العامة، وتزداد سرعة السيارات بلا نظام، ولا أحد مستعد أن يعطيك الفرصة قبله، وإذا بدا عليك التذمر فأقل ما يصيبك هو أن يشيح لك بذراعه في قرف وضيق، وإذا ظهر منك احتجاج ما سمعت ما لا تحب.
هذا كلام أكتبه تحت وطأة الحر الذي يستقر ولا يتزحزح فوق البلاد، وأفكر في رمضان القادم.
ليس في العطش ولا في الجوع، ولكن في سلوك الناس تحت الحر في الشوارع، وسلوك الناس في أعمالهم.
ستجد الموظفين شبه نائمين فوق مكاتبهم وستقل قدرتهم علي الاستماع إلي أحد، وسيكون الإنتاج في هذا الشهر الكريم أقل منه في كل الشهور. وأود لو أقترح أن تعطي للناس إجازة في هذا الشهر الكريم، بحيث تقسم بينهم أسبوعين لنصف الموظفين، ثم أسبوعين للنصف الثاني، دون المساس بأجورهم وحوافزهم. أود لو أقترح ذلك، ،لكن طبعا لن يلقي الاقتراح أي أذن صاغية وسيعتبر تخاريف حر وتعطيلا للعمل ولمصالح الناس رغم أن الحقيقة أن الجهاز الوظيفي علي حضوره الكبير يعمل بربع أو خمس طاقته دائما. تخيل حضرتك كيف تكون المصالح وهي خالية من نصف الموظفين، وكيف ستكون الحركة فيها، وفرصة الهواء أن يتحرك، وتخيل حضرتك كيف ستخلو الطرق من أعداد ضخمة من السيارات والمركبات، مما قد يذكرنا بأن الوطن يحتاج إلي هذه الراحة من الأجساد والمركبات المكدسة فوقه، ويدفعنا هذا إلي التفكير الجاد في تعمير الصحراء وسيناء وإسكانها.
أجل سوف نري البلاد بالنهار في شكل أجمل يجب أن تكون عليه طول العام، ولن يتحقق ذلك إلابنقل هذه الكثافة السكانية إلي الفضاء غير المعمّر من البلاد، ومؤكد سنعود نفكر في هذه الكثافة السكانية التي زادت جدا، وكيف تركناها ولم نستطع ببرامج تنظيم الأسرة الاعتيادية أن نسيطر عليها. سنفكر جديا في معني تنظيم الأسرة الحقيقي وفائدته أن تتنفس الأرض والناس. سنري بأعيننا كيف صارت الأرض حولنا أجمل بعدد أقل من السكان، وأننا الذين أثقلناها، نحن والحكومة معا. نحن حين مشينا وراء الإنجاب دون إمكانية للتعليم أو الصحة أو حتي الأكل والشرب، والحكومة حين تركت الناس تفعل ذلك دون أن تكثف حملاتها لتنظيم الأسرة، ودون أن تستفيد بكل هذه الأعداد في أي برامج صناعية أو زراعية وتركتهم في الطرقات أو البطالة، لأن أكثرهم من الفئات الفقيرة للأسف الشديد. أجل نحتاج أن نري بأعيننا شكل المدن ونصف أهلها ليسوا في الطرقات. والله لن ننسي ذلك أبدا. ولن تخسر الحكومة شيئا من غياب موظفين لا يعمل أكثر من نصفهم أصلا، لا في الصيف ولا في الشتاء.
لو حدث ذلك سيكون رمضان أكرم من كل عام. وأرجوكم لا تعتبروا ذلك من أثر الحر علي الدماغ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.