باستثناء أهل قطاع غزة البالغ عددهم مليوناً ونصف المليون إنسان لم يكسب أحد حتي الآن شيئا في معركة كسر الحصار الجائر المفروض علي القطاع، وهي المعركة التي بدأ الفصل الحالي فيها بمجزرة أسطول الحرية التي أسفرت عن قتلي وجرحي استأثرت تركيا بمعظمهم.. الذين خاضوا هذه المعركة بحثاً عن تحقيق أهداف سياسية مختلفة عن الهدف المعلن وهو انقاذ فلسطينيي غزة من الحصار الجائر لم يكسبوا شيئا حتي الآن وحتي اشعار آخر. تركيا التي رعت عملية تنظيم أسطول الحرية لم تكسب ما كانت تبتغيه.. فلم تستجب إسرائيل لها بالسماح للأسطول بالوصول إلي شواطئ غزة بعد تفتيش سفنه من قبل القوات الإسرائيلية.. بل لقد سقط لها قتلي وجرحي بعد الاقتحام العنيف لهذه القوات لسفن الاسطول وشعرت بأنها أهينت.. حتي الاعتذار الذي طالبت به تركيا أو التحقيق الدولي المحايد فيما حدث لم تظفر به من إسرائيل التي ترتبط بها بعلاقات اقتصادية وعسكرية متينة، أو من أمريكا التي تشاركها تركيا حلفا عسكريا واستراتيجيا.. بل إن تركيا فوق ذلك كله فقدت دورها الذي كانت تؤهل نفسها للقيام به وهو دور الوسيط بين إسرائيل والعرب خاصة السوريين ثم الفلسطينيين، ودور الوسيط بين دول المنطقة والغرب باعتبارها جسراً بينهما. حركة حماس لم تظفر بما كانت تأمله وتخطط له وهو الاعتراف السياسي من قبل الجميع بشرعية حكمها في غزة.. والجميع هنا المقصود بهم - قبل العرب - الغرب وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدةالامريكية التي سعت حماس للاقتراب عبر الرسائل من ادارتها وفتح حوار معها وكانت تعول علي تركيا لكي تلعب دورا في هذا الصدد.. فكل الاقتراحات التي طرحت أوروبيا وأمريكيا لتخفيف الحصار عن غزة لا تمنح هذه الشرعية السياسية لحماس التي تسعي بإلحاح لها يفوق سعيها لإنهاء هذا الحصار.. كما أن محاولات حماس لفرض شروطها بخصوص المصالحة الفلسطينية لم تتحقق أيضا رغم الضغوط العربية المعنوية التي تعرضت لها حماس من أجل تحريك المياه الراكدة لهذه المصالحة بغية اتمامها. أما إسرائيل فهي قد خسرت ولم تكسب شيئا.. خسرت سمعتها حينما ظهرت عالميا كقوة احتلال باطش يحاصر بوحشية أهل غزة ويمنع عنهم احتياجاتهم الاساسية والضرورية من غذاء ودواء ومأوي، وكقوة عربدة قاتلة لاتحترم أي قانون دولي ولا تراعي أي أخلاق عالمية، بل علي العكس تقتل بدم بارد مثلما تغتصب الحقوق بصلافة وعجرفة.. وتواجه الآن إسرائيل دعوات عالمية متصاعدة تطالب بمحاسبتها والتصدي لها ولأعمالها العدوانية ومحاكمة مرتكبي الجرائم الوحشية فيها. وفوق ذلك فقد اضطرت إسرائيل صاغرة لان تتخذ قرارات بتخفيف الحصار الجائر الذي تفرضه علي قطاع غزة بمضاعفة السلع التي تسمح بدخولها الي القطاع من خلال المعابر التي تربطها معه، صحيح أن تلك محاولة للالتفاف علي دعوات كسر الحصار بشكل كامل عن غزة، إلا أنها تحمل في طياتها تنازلا اضطرت إسرائيل مكرهه له، خاصة أنها كانت تربط هذا التنازل بالافراج عن الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شاليط. وهكذا.. كل الأهداف السياسية الخاصة في معركة رفع الحصار عن غزة لم تتحقق، لأنها كانت أهدافا لا علاقة لها بالهدف الأهم وهو رفع الحصار فعلا عن أهالي غزة.. ولذلك لنا أن نتوقع استمرار هذه المعركة بأشكال أخري خلال الفترة القادمة، مادام كل يغني علي ليلاه، أو أن هناك مآرب أخري في قضية رفع الحصار عن غزة. ولأن مصر تفهم ذلك بوضوح، ولأنها ليس لها مآرب أخري سوي حصول الفلسطينيين علي كامل حقوقهم المشروعة، فقد ظلت متمسكة بالهدف الأهم وهو تحقيق الدولة الفلسطينية وحتي يتحقق ذلك لابد من أن تمارس سلطات الاحتلال مسئولياتها كاملة طبقا للقانون الدولي تجاه كل الفلسطينيين في غزة والضفة.. وهذا يعني رفع الحصار عن أهالي غزة ورفع الحواجز في الضفة الغربية ووقف الاقتحامات والاعتقالات والاغتيالات للفلسطينيين، والافراج عن أسراهم.