بعد أن رفض البابا شنودة حكم المحكمة الإدارية العليا، ثارت جموع من الأقباط مؤيدة لرفض البابا حكم المحكمة خشية تداعي أمور يرفضها جموع المصريين وليس الأقباط فقط مثل الحكم بحبس البابا لعدم تنفيذه قرار الزواج الثاني لمطلق، لكن القضية هنا لم تكن إطلاقا حكم المحكمة لكنها سبقت ذلك بكثير، فالقضية أساسا تتلخص في دور الكنيسة الذي كان يجب أن يسبق ذلك بكثير لأن الكنيسة هي الراعي الصالح كما تحدث السيد المسيح عن نفسه قائلاً: «أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف». أي أن الكنيسة تقوم بمعالجة رعاياها وتطبيبهم وحملهم علي الأكتاف وهم صغار أو مرضي وتحارب الحيوانات المتوحشة التي تتربص بهم، لكنها من المستحيل أن تقوم هي بتجويعهم أو قتلهم، ولذلك كان يجب علي الكنيسة أن تحل مشاكل الآلاف المتضررين والواقفين علي بابها لأكثر من خمس سنوات أو عشر سنوات، سواء الطالبين الطلاق أو الزواج الثاني. فلا يضطر أحدهم للجوء للقضاء المدني، والنص المقدس الذي نتمسك به جميعًا ويتمسك به خصيصا البابا شنودة يقول: «أقيموا المحتقرين فيكم قضاة» وأدان كل من يلجأ إلي القضاء المدني ومعني أقيموا المحتقرين فيكم قضاة أي أن الكهنة والقسوس أو أي صاحب امتياز في الكنيسة لا يصلح أن يكون قاضيا لأن السيد المسيح نفسه رفض أن يكون قاضيا عندما أتي إليه شخص يطلب منه قائلا: «قل لأخي أن يقاسمني الميراث» قال له السيد المسيح من أقامني عليكم قاضيا أو مقسما. أي أن المسيح نفسه رفض أن يقضي فكيف لرعاة الكنيسة أن يقضوا ويحكموا، إن عمل الرعاة هو ما فعله السيد المسيح ألا وهو الغفران مهما كان الذنب عظيما، ولقد غفر السيد المسيح للمرأة التي أمسكت في زني، وقال قولته الشهيرة: «من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر»، بل إنه طلب المغفرة للذين صلبوه قائلا: «يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» ولا توجد خطية حسب فكر المسيح غير قابلة لتوبة صاحبها وغفران الله، فمهما عظمت الخطية إذا تاب الإنسان عنها يغفر له الله خطاياه ثم يعود إلي حياته الطبيعية. والمشكلة الكبري التي تواجهنا اليوم أن رعاة الكنائس من جميع الطوائف بدلوا دورهم من الغفران للناس والدعوة لهم للعودة إلي الله، فأقاموا أنفسهم قضاة وهذه هي المصيبة العظمي التي ضربت المسيحية في مقتل، فالمسيحية ليس لها شريعة مثل الإسلام واليهودية، ولم يستخدم أحد في تاريخ المسيحية وفي كل الطوائف تعبير الشريعة المسيحية سوي البابا شنودة. وبالطبع حتي استخدام تعبير شريعة المحبة فيه تناقض، فالمحبة ليس لها شروط وليس لها قانون فالمحبة إلي المنتهي، بل إن السيد المسيح حذر التلاميذ الأوائل الذين أسسوا الكنيسة من عدم الغفران قائلا لهم صلوا قائلين «واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا لأنه إن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يفغر لكم أبوكم السماوي زلاتكم»، من هذه الكلمات يتضح أنه لا توجد خطية بلا غفران وهناك شرط لكي يغفر الله زلات التلاميذ، فالغفران إلزام علي الرعاة ولقد كان بين التلاميذ القديس بطرس والمعروف أن مرقس الرسول هو ابن أخت القديس بطرس لذلك لزم التنويه.