تحولت قاعات العرض بمركز الجزيرة للفنون بالزمالك الي ورشة عمل للرسم بالقلم الرصاص تستمر لعشرة أيام، بمشاركة "22" فنانا وفنانة تشكيلية من أجيال مختلفة الرؤي والخبرات ليبعثوا الروح للرسم بالقلم الرصاص. رغم أن الورشة تحدد لها موضوعات مسبقة هي "المرأة" أو" الطبيعية" إلا أن بعض الفنانين أطلقوا الحرية الكامله للقلم الرصاص في التعبير، فلم يضع أي من الفنانين أمامهم نموذجا لمحاكاته، باستثناء الفنانة هند الفلافي باعتبارها فنانة واقعية طلبت تواجد "موديل". الفنان أيمن السمري المتميز في أعمال الميديا كشف عن حالة الحوار التي تمت بشكل تلقائي بينه وبين الرسم بالقلم الرصاص، ورسم لوحات لشخصيات ذات ملامح مصرية تكمن في اعماقه، أما الفنان وائل درويش فقد احتل قاعة كاملة بالمركز، فاستخدم الجدران وعلق عليها ورق الرسم "الرول" ورسم جدارية بالقلم الرصاص عبر فيها عن عالمه الغامض لشخوص من الحياة. وعن فكرة الورشة تحدث الفنان محمد الطراوي أحد المشاركين بها قائلا: فكرة الورشة غير مستهلكة علي مدار الحركة الفنية، وهي تعظيم لخامة القلم الرصاص، وفيها كشف الفنانون عن رؤي جديدة عليهم، وأعادوا اكتشاف أنفسهم، بالإضافة إلي تبادل الخبرات والتجارب بين الفنانين. وأضاف: الخامة المستخدمة في الورشة يمكن من خلالها الارتجال الذهني الانفعالي الذي يرصد وجدان الفنان في لحظة ما، والعمل الفني طقسي وافتراضي برؤية مختلفة وتعبير عن نصوص إنسانية، لذلك أعمال الورشة لا يمكن استكمالها لأنها تمت في مناخ مختلف عن أي مكان، ولكن ربما يمكن للفنان تكرارها بأسلوب آخر علي حسب الفنان . ولفت الطراوي إلي أن ورش العمل النوعية المصاحبة للفعاليات مهمة جدا لانها تضم حصيلة خبرات الفنانين، ويمكن ان تكون ضمن انشطة الحركة الفنية طوال العام. وأكد الدكتور رضا عبد السلام أن هذه الورشة تعد ورشة رائدة في مجال الرسم بالقلم الرصاص، وهو من أولي الأدوات البسيطة التي استخدمت في الرسم منذ عصر النهضة، وكل الفنانين درسوا أسس الفن بالقلم الرصاص مثل اكتساب مهارة في الدرجات والظل والنور وتجسيد الشكل، ولكنها رغم بساطتها وسهولة استخدامها صعبة المراس، وفكرة احياء الأدوات البسيطة من خلال الورش اضافة للحركة الفنية ومكسب جديد، كما أن الورشة أضافت للفنانين الكثير، وأحدثت مجالا للتحاور، فالكل يستخدم نفس الأداة، ولكن مع اختلاف طرق التعبير، فمثلا الفنان محمد الطراوي اعماله بالقلم الرصاص جاءت اقرب لنفس تأثيريته بالالوان "الآكوريل" المتميز بها، وهكذا يؤكد كل فنان علي أسلوبه ويمكننا معرفة مجال تخصصه من استخدامه للقلم الرصاص. الفنان عبد الوهاب عبدالمحسن قال: الفنان في بدايته رسام مهما كان تخصصه، فالقلم الرصاص خامة تبدو بسيطة ولكنها اقرب الخامات للكشف عن مهارات الفنان وقدراته وثقافته، وتفصح عن مكنونه في تفاعله المباشر والانطباع الأول بينه وبين سطح الورقة البيضاء، ومن الخطأء المقارنة بين درجات "الرصاص" مقابل تدريج اللون، فاللألوان فلسفة أخري مختلفة، فالفنان عندما يرسم بالقلم الرصاص يختبر حواسه ويعيد انتاج مشاعره بشكل آخر، وكل فنان استطاع أن يعبر عن خبرته البصرية، والأعمال تنتهي في الورشة، لآن اكتمالها في مناخ آخر سوف يفسد الحس الأول للعمل الفني، والحركة الفنية تحتاج لمثل هذة الورشة. الفنانة إيمان عزت فقالت: كنت أخشي التجربة لأنني ابتعدت منذ فترة عن الرسم بالقلم الرصاص، ومعظم أعمالي "جرافيك"، ولقاء الفنانين في الورشة شجعني علي العمل ووجدت نفسي ارسم الأرض الزراعية والنباتات والزهور بدرجات الرصاص الغامقة والفاتحة، فموضوع الأرض هو مخزون بصري بداخلي، لأن الارض هي التي أشاهدها يوميا أثناء سفري اليومي الي محافظتي، وسوف استمر في تجربة الرسم بالقلم الرصاص حتي بعد انتهاء الورشة.