"التنظيم والإدارة" ينفذ 5100 حكم قضائي لصالح 24 ألف موظف منذ يناير الماضي    محافظ الدقهلية يشهد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات والكوارث بمدينة شربين (صور)    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    إزالة 21 حالة تعدي على أملاك الدولة بأسيوط    رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة: إطلاق النسخة المطورة من بوابة الوظائف الحكومية بداية العام المقبل    تجديد الثقة في المهندس خالد محمد مديرًا لتموين أسيوط    وزارة الصحة بغزة: 3 شهداء بسبب المجاعة وسوء التغذية خلال 24 ساعة    إصابة 3 جنود إسرائيليين ومقتل 8أخرين    نائب رئيس حزب المؤتمر: رفض إسرائيل للمبادرة المصرية القطرية تعنت يكشف نواياها    نجوم الأهلي في جنازة والد محمد الشناوي | صور    صلاح: التتويج بجائزة أفضل لاعب في الدوري له طعم مختلف لهذا السبب    محافظ القليوبية يزور مصاب حريق منطقة الشدية ببنها ويطمئن على حالته الصحية    أبطال فيلم "درويش" يحتفلون بالعرض الخاص في الرياض    مدحت صالح مع عمرو سليم ونسمة عبد العزيز فى محكى القلعة 33    علي جمعة يكشف عن 3 محاور لمسؤولية الفرد الشرعية في المجتمع    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    جوله ميدانية مكثفة لمتابعة سير العمل بمبنى الكلى بالعريش    ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف بشأن إمدادات الخام الروسي    "أمر غريب".. رد ناري من الزمالك على بيان وزارة الإسكان بسحب الأرض    "ميستاهلش كل ده".. أحمد ياسر يفجر مفاجأة حول راتب زيزو مع الأهلي    تيسيرًا للمواطنين.. تصميم وتنفيذ بوابة جديدة لمدينة الشروق    ضبط شخصين بتهمة الاستعراض بسياراتهما وتعريض حياتهما والمواطنين للخطر    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    تجديد حبس سوزي الأردنية في اتهامها بنشر محتوى خادش    التموين تضبط أطنانا من الأغذية الفاسدة في بورسعيد.. صور    إصابة 16 شخصا إثر حادث تصادم بين سيارتين ميكروباص بطريق سفاجا - قنا    ضبط عامل صور السيدات داخل الحمام في كافية بالنزهة    الشروط والأوراق للتقدم لمنحة الطلاب الوافدين بالأزهر للعام الدراسي 2026    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    اليوم.. قصور الثقافة تفتتح معرض «وفاء النيل» بمركز الهناجر    " التعليم" تعلن مواعيد المقابلات الشخصية بمدارس التكنولوجيا التطبيقية    نيابة عن الرئيس السيسي.. رئيس الوزراء يلقي كلمه مصر في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية «تيكاد9»    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    وزير التعليم ل أعضاء البرلمان الياباني: حريصون على فتح آفاق أوسع للتعاون المشترك لتبادل الخبرات وبناء القدرات    العقارب تلدغ طفلين في أعمار حرجة بالفرافرة وسط موجة حر قاسية    جامعة الإسكندرية شريك استراتيجي في إنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل    برلمانى: الدور المصري في وساطة الأزمة الفلسطينية يعكس خبرة وعراقة الدبلوماسية المصرية    رئيس وزراء أستراليا يرفض اتهامات نظيره الإسرائيلي بأنه ضعيف لاعترافه بالدولة الفلسطينية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    تغيير اسم مطار برج العرب الدولي إلى مطار الإسكندرية الدولي من 4 سبتمبر المقبل    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    مديرية أمن الوادى الجديد تنظم حملة للتبرع بالدم    حمزة نمرة: حلمي بالكمال كان بيرهقني جدًا    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    قافلة "زاد العزة" ال19 تعبر ميناء رفح لإيصال المساعدات إلى غزة    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    الأهلي يوفر أتوبيسًا للاعبي الفريق لتقديم واجب العزاء في والد محمد الشناوي    أحمد ياسر: كهربا يمر بظروف صعبة في ليبيا... ولا يصلح للعب في الأهلي والزمالك    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    طلاب الثانوية العامة بالنظام الجديد يؤدون امتحان الدور الثاني في الرياضيات البحتة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك الثقافة والفن في مصر!
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 18 - 06 - 2010

بشكل بحثي مع مزيج من التجارب الشخصية الذاتية، ترصد الدكتورة سامية محرز، أستاذة الأدب العربي بقسم الدراسات العربية والإسلامية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، في كتابها «حروب الثقافة في مصر» معارك المثقفين المصريين والأزمات الثقافية طوال قرن مضي وبدايات القرن الحالي، ومحطات صدام الثقافة بالسياسة والسلطة الدينية، ولا تكتفي بمجالات الأدب والفنون الكتابية فقط، بل تتعداها إلي نواحي الثقافة والفنون الأخري البصرية من السينما إلي التليفزيون إلي الفنون التشكيلية.
تحلل د. محرز في البداية العلاقة التي تربط بين الدولة ومجالات الثقافة، وتؤكد أن الثقافة غالبا ما يتم التمسك بها مادامت تحقق واجهة تبدو حداثية ومستنيرة ومنفتحة وعلمانية. لكن الواقع أن هذه العلاقة مع الوقت تتحول إلي سيطرة وهيمنة من قبل مؤسسات الدولة والنخب، ومع ذلك فإن هيمنة الدولة - كما تري محرز - لا تعني بالضرورة قمع الثقافة، ولكن ما حدث أن المثقفين أصبحوا موظفين لدي الدولة في ضوء احتياجها لهم ضد المد الديني. تنتقل محرز بعد ذلك إلي حركات المثقفين السياسية والاحتجاجية ومن أبرزها «أدباء وفنانون من أجل التغيير»، وتنتقد محرز أشكال احتجاجات المثقفين في مصر بأنها تأخذ طابعا متقطعا وموسميا، فتتساءل: لماذا يبدو في البدء الترابط قويا بين هذه الحركات وبين مطالب التغيير عموما التي تنشدها الحركات العمالية والطلابية وغيرها، وفي لحظة ما لا يستمر هذا الترابط؟ وتجيب بأن ذلك راجع إلي التضارب في مصالح المثقفين داخل الساحة الثقافية، وكذلك تضارب في مواقفهم من الدولة، ومن علاقتهم ببعضهم أيضا، ويظل التشكيك قائما في نوايا المدافعين عن الحريات من المثقفين أنفسهم، لأن لكل أغراضه، وهذا هو المعني الخفي للحروب الثقافية الذي تقصده محرز، والذي يؤدي إلي فشل أي جبهات موحدة أو عمل جماعي للتصدي لقضايا المثقفين، ومن هنا تطلق الأستاذة الجامعية دعوتها بضرورة استقلال المجال الثقافي.
1-1998 السيرة المحرمة هل تحتاج
إلي تدريس؟!
دخلت هذه السيرة الذاتية لكاتبها الروائي المغربي محمد شكري الأدب العربي المعاصر خلسة، صدرت أولا بالانجليزية بترجمة بول بولز، ثم بالفرنسية بترجمة المغربي أيضا الطاهر بن جلون وأخيرا بالعربية علي نفقة الكاتب، تلك السيرة المنقوصة حتي بعد صدور جزءها الثاني «الشطار»أثارت صدمة بصراحتها وحديثها عن العلاقات والرغبات الجنسية الشاذة والمحرمة، ومن ذلك تلك الأزمة التي اندلعت عقب الإبلاغ عن قيام الجامعة الأمريكية بالقاهرة بتدريس الرواية ضمن مناهجها، ومحاولة منع تدريسها بحجة الحفاظ علي أخلاق الطلبة، وهي الدعوي التي رفعها أولياء الأمور وتضامن معهم بعض أساتذة الجامعة أنفسهم، ووصلت إلي البرلمان ودخلت في القضية أيضا وزارة التعليم العالي، وفي المقابل أبدي قليلون اهتمامهم بتجسيد تلك الرواية لحياة المتشردين والفقراء، الذي كان المؤلف واحدا منهم، حيث كتب عنه «يأخذنا إلي الخبز المبلل بالأسي وغريزة البقاء، وإلي حياة مراهق متشرد في العالم السفلي، حيث تمتزج الرغبات بالعنف والدعارة، وحيث لا شيء سوي محاولة التحايل علي الحياة بفتات الحياة».
2-2004 بحب السيما
البحث عن صورة تهرب من الواقع
في أزمة فيلم "بحب السيما" تستنكر د.سامية محرز تدخل النموذج الديني المتشدد سواء الإسلامي أو المسيحي كطرف في معظم الأزمات الثقافية، المشكلة لها علاقة في هذه الحالة ب"الهواجس" التي من الممكن أن تتبناها فئة أو طائفة ما استنادا إلي حضورها وتواجدها الفعلي في المجتمع. وربما لهذا جري تداول تلك الأزمة علي أنها ضريبة يدفعها الفن حيال ارتباك السياسة، صحيح أن هناك مشاهد بعينها في الفيلم أثارت حفيظة الأقباط، مثل الشاب الذي يقبل الفتاة في الكنيسة، وخيانة الزوجة لزوجها المتزمت، وتكرار الشتائم علي لسان أبطال الفيلم المسيحيين، لكنها من وجهة نظر الكتاب لم تثر لذاتها، بل لما تتضمنه الرسائل من ورائها، ومن هنا كان السؤال الرئيسي الذي يواجه أي مشهد صادم من هذا النوع في الفيلم هو: ما الذي يقصده المخرج؟ وماذا يريد أن يقول؟ وبدا الصراع ضد الفيلم هو في حقيقة الأمر صراع علي الصورة.
نسأل مع محرز: ما حدود الفن في تناول الشخصيات المسلمة والمسيحية في الأعمال الدرامية والسينمائية؟ وهل الشر أو الانحراف جائز ظهوره في إحدي الشخصيتين ومحرم علي الأخري؟
3-1959 أولاد حارتنا
الحدود بين «النخبة» و«القاع»
بالتركيز علي مستوي القراء ونوعيتهم بحسب تقسيمات "الجيندر" تتناول سامية محرز تلك الأزمة، وتطرح علامات استفهام عديدة أمام مصطلح الأدب المثالي، وتقول المؤلفة ظهرت تلك الرواية مسلسلة علي صفحات جريدة الأهرام، بعد صمت أدبي من نجيب محفوظ دام سبع سنوات، منذ نشره "الثلاثية عام 1952، وهذا دليل علي ترسيخه كروائي صاحب نفس طويل.
ورغم ذلك من المعروف أن الرواية التي تترجم أحيانا إلي "أولاد الجبلاوي"، كانت قد صدرت لأول مرة عن دار الآداب ببيروت عام 1962 ولم يتم نشرها في مصر حتي أواخر عام 2006، وقبل ذلك وبعده ظل موقف الهجوم علي تلك الرواية كما هو لم يتغير، بحجة أنها بها مس بالذات الإلهية وبالأنبياء، وتطور الأمر إلي إصدار فتوي بإهدار دم محفوظ، والشروع في اغتياله بالفعل عام 1994.
لا يتم التوقف كثيرا حول تداعيات تلك المعركة، ولا حتي مع موقف محفوظ نفسه منها، إلا أن الكتاب ينبه إلي ضرورة إزالة الحدود بين ثقافة النخبة وثقافة القاع.
4-2010ألف ليلة وليلة
انتصار مؤقت ضد عقلية الملاحقة
في الأزمة الأخيرة ل"ألف ليلة وليلة"، تري محرز أن هناك أطرافا رئيسية للعبة، الأول هو الجبهة الإسلامية المتشددة، والثاني مؤسسات الدولة الثقافية التي تدافع عن الكتاب ليس إيمانا بأهميته، وإنما حرصا منها علي سيادتها.
هكذا يثبت التاريخ الثقافي تناقضه، فتجدد الأزمة أكبر دليل علي "تحجر الزمن"، وكأن لا شيء قابل للتطور في المجال الثقافي، والحجة الجاهزة دائما هي الإساءة للأديان والأخلاق والآداب العامة، هذا النص الذي صدر منذ ما يقرب من قرنين وأعيدت طباعته مرارا وبقي متداولا في نسخ عديدة، هو من كتب التراث، هكذا ببساطة لا تختلف رؤية محرز لهذه الأزمة عن غيرها من الأزمات التي تستعرضها في الكتاب، فكما تري فإن الكتب التي تطالها دعوات المصادرة هي دائما من الأدب الشعبي الذي بالضرورة هو مكون أصيل من مكونات الثقافة العامة. حتي مع انتهاء المعركة، فإنه انتهاء قضائي، صوري، مؤقت، لم يلحقه تغيير جذري في عقلية الملاحقة المتحكمة في الشارع المصري، والتي تنذر في أي وقت بتكرار اندلاع أزمات مشابهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.