هل تتصورون أن هناك كائناً حياً يعيش معنا علي هذه الأرض، وصل به تطوره لدرجة أنه لا يصل لمرحلة الشيخوخة وبالتالي لا يموت (بصورة طبيعية)؟! قد تبدو فكرة أسطورية تصلح لأحد أفلام الخيال العلمي، لكننا نتحدث عن كائن حقيقي اكتشف العلماء أنه لا يموت، واسمه هو تيورتبسايس نيوتراكولا Turritopsis nutricula:هذا الكائن المدهش هو أحد أنواع قنديل البحر، واكتشف مجموعة من علماء الأحياء في جامعة ليتشه الإيطالية أنه قادر علي تجديد خلايا جسمه كلها باستمرار، ولذا لا يصل لمرحلة الشيخوخة أبداً!!بدايةً وبما أن اسمه صعب للغاية لنسميه اختصاراً (تيولا (.فكيف اكتشف تيولا إذاً سر الشباب الدائم؟ لنجيب علي هذا السؤال علينا أولاً أن نفهم دورة حياة قناديل البحر التي نعرفها (تلك التي تخيفنا بلسعاتها علي شاطئ البحر)، حيث يمر أي قنديل بحر بمرحلتين من النمو: - مرحلة عدم النضوج أو ما يسمي بطور البولب، حين يكون قنديل البحر كائناً بسيطاً للغاية. - مرحلة البلوغ أو النضوج حين يستطيع هذا القنديل التكاثر وإنتاج قناديل بحر أخري. والطبيعي هو أن يمر أي قنديل بحر بمرحلة عدم النضوج ثم النضوج ثم الموت، لكن تيولا يستطيع أن يمر بهذه المرحلة بالعكس!بمعني أنه مجرد أن يصل لمرحلة البلوغ يستطيع العودة لمرحلة عدم النضوج مرة أخري، ثم النضوج ثم عدم النضوج وهكذا..، لذا لا يصل لمرحلة الشيخوخة أبداً وبالتالي لا يموت بصورة طبيعية!أما عن سبب هذه القدرة المدهشة فهو عملية بيولوجية تسمي Transdifferentiation، وتعني قدرة الكائن الحي علي تجديد خلايا جسمه مثل السلمندر حين تنمو أجزاء جسمه المقطوعة مجدداً، لكن كائننا العجيب الذي نتحدث عنه اليوم يستطيع تجديد جسمه بأكمله!ويتكون 95% من جسم تيولا (مثل أي قنديل بحر) من الماء، وليس له دماغ ولا نظام هضمي! ويتراوح حجمه ما بين 4-5 ملم.لكم بالطبع أن تتخيلوا كيف سيكون الحال مع كائن يتكاثر ولا يموت بصورة طبيعية!حيث حذر العلماء من غزو صامت لهذا الكائن الذي بدأ يتكاثر بصورة مخيفة في بعض المناطق، والمشكلة أنه يتغذي علي بيض الأسماك، ما قد يؤثر بشدة علي الثروة السمكية في العالم مستقبلاً. وختاماً بقي أن أشير لنقطة هامة وهي أن علينا التمييز بين فكرة أنه لا يموت بصورة طبيعية، وأنه يمكن قتله بالطبع.