(مش خايف علبنان.. عالأرض وعالمصير.. أنا خايف عالإنسان.. عالخير وعالضمير.. مش خايف عالبيوت.. عالرمل وعالشطوط.. خايف جوات الناس الحلم يموت..) هكذا يغني (مروان خوري) في واحدة من أجمل أغاني ألبومه الجديد (راجعين).. جذبني عنوان الأغنية: (مش خايف علبنان) التي تبدو: سياسية، ولكنها في حقيقة الأمر: إنسانية. تطرح الأغنية قضية مهمة نتجاهلها في كثير من الأحيان، وهي الإنسان.. وتحمل الكلمات معني مهماً هو أن الإنسان أكبر وأكثر أهمية من الأشياء مهما كانت قيمتها حتي لو كانت الوطن والأرض.. فالإنسان: الخير والضمير والأمل، هو من يصنع الوطن ويحمي الأرض وينهض بالحياة.. الفكرة رائعة وجديدة ككثير من أغاني مروان خوري.. وأغنيها معه: (مش خايفة عالأوطان.. أنا خايفة عالإنسان..) وفي الألبوم نفسه أغنية (الحدود) التي تبدو متعلقة بالقضايا السياسية، ولكنها أيضا إنسانية.. يبدأها ب (مرات الحدود بتفرق الناس.. وبتعمر سدود باسم الوطنية.. ومرات الهوية بتغرق الناس.. في بحور الحروب ع اسم القضية..) ولكنه سريعا ما يقول: (خدني علي بلاد ما فيها بيارق.. ما فيها مداخل ولا فيها حراس.. خدني علي بلاد ما فيها أسامي.. مزروعة حرية بتساع كل الناس..) وهي أيضا أغنية رائعة تسمو علي القضايا السياسية التي تفرق بين الناس لتضع مسمي واحدًا للإنسان هو: الإنسان فقط.. وتجعل الوطن والبلاد التي يريد أن يذهب إليها بلادا تسع كل الناس.. وأجمل ما فيها انعدام كل هوية ما عدا الهوية الإنسانية.. حتي الأسماء التي تعطينا هويتنا الشخصية انمحت من تلك البلاد الخيالية التي تسود فيها علي حد قول مروان لغة النغمات والأغاني!! ويمتلئ الألبوم بتنوع لا بأس به ويناسب عدة أذواق وتتنوع كلمات أغانيه وموضوعاتها، كما تتنوع الموسيقي والألحان من الشرقي جدا، إلي ما يختلط فيه الشرقي بالغربي.. وبالرغم من أن الأغنية الرئيسية هي (راجعين) والتي سمي الألبوم باسمها، إلا أن موسيقي، وفكرة، وكلمات أغنية (فكرت نسيت) متميزة جدا.. يحكي فيها كاتبها عن تجربته في حب جديد بعدما ظن أنه نسي ما هو الحب (فكر أنه نسي).. ومن هنا جاء اسم الأغنية الغريب.. كلماتها رقيقة معبرة.. (فكرت نسيت شو الحب.. وكيف بيبقي.. فكرت نسيت حتي صوت الدقة.. عذبني القلب ما عاد بدي يشقي).. ولكنه سرعان ما تبدل حاله (إدامي شفتك إدامي.. أحلامي رجعت أحلامي.. بالشوق تضحك أيامي.. وحياتك حبيتك أكتر.. ما حدا بها الدنيا بيتصور) إلي آخر الكلمات الرقيقة المعبرة عن الأقدار وما تسوقه في عالم المشاعر.. أما أغنية (مش كل من غني) فتقع تحت ما يطلق عليه في تحليل الأسلوب (Double Meaning).. ويتكلم فيها مروان كمحب يخاطب المحبوبة: (مش كل مين غني غنية.. عالحب والرومانسية.. يعني في بقلبه مشاعر.. ولا كل مين ركب كلام.. يحكي عن لوعة وغرام.. بنقوله شاعر وقادر..) وينصحها بعدم الانقياد وراء الكلام لأن مشاعره هو هي الأصدق.. وهذا هو المعني الظاهر.. ولكن المعني الذي يحمله كلام مروان هو إشارة لثقة كبيرة في النفس فهو الذي يغني الأغاني الرومانسية ويركب كلامها ويلحنها.. وهو المغني الشاعر القادر الذي لا يضاهيه كثيرون.. مع مروان خوري الحق أن يزهو بأغانيه بكلماتها وموسيقاها وأدائها.. وهنيئا لسامعيه.. ودعوة لمن لم يسمعه..