لا يوجد فيلم أساء للسينما المصرية في الخارج أكثر من «حين ميسرة» فهو لم يشوه صورة مصر الحضارية في عيون الشعوب العربية والعالم، وإنما بات نموذجاً يضرب به المثل في التعبير عن الآفات والسقطات الأخلاقية لأنه علي حد تعبير الكثيرين يضم أكبر مجموعة من النقائض والسلبيات يمكن أن يحتويها فيلم عربي في العصر الحالي، وقد تسبب «حين ميسرة» في كارثة إنسانية عندما كتب ناقد سينمائي يمني يقيم في باريس مقالاً عنه في جريدة يمنية يدعو خلاله إلي ضرورة فهم ظاهرة المثليين والتعامل معهم بدون أدني تمييز عنصري، مما أثار غضب الشعب اليمني الذي شن حملة هجوم واسعة ضد فيلم خالد يوسف واعتبر أن المشهد المثلي الذي ظهرت فيه غادة عبد الرازق وسمية الخشاب هو الفتيل الذي زرعه المخرج ليثير به القلق الاجتماعي داخل فئات الشعوب العربية، خاصة أن الكاتب والناقد اليمني الذي حلل الفيلم في مقاله كشف عن اتجاهه للاخراج السينمائي وأن لديه فكرة فيلم جديد قد كتب السيناريو الخاص به، وهو علي غرار «حين ميسرة» لأنه يتعرض لأكثر من شخصية مثلية محاولاً رصد القلق الإنساني لديهم إلا أن الأكثر دهشة من ذلك أن المخرج السينمائي اليمني حميد عقبي يقدم فيلمه بطريقة الفانتازيا حيث يتعرض للمعتقدات الدينية الراسخة المتعلقة بالجنة والنار. وقد نجح مؤخرا في الاتفاق مع منتج فرنسي لبدء تصوير الفيلم في فرنسا والجزائر والمغرب، وهو ما أثار ضده موجات، من الغضب العارم داخل الأوساط اليمنية، وداخل البرلمان اليمني نفسه لأنه يقوم بتشويه صورة الشعب اليمني أمام العالم. وتساءلوا عن الهدف من وراء هذه اللعبة القذرة التي لا ترقي بذوق المشاهد ولا بحسه الفني، وإنما تروج للرذائل . الضجة التي اثيرت حول حين ميسرة علي الرغم من انقضاء سنوات عدة علي عرضه بدور السينما تدل علي أن الفيلم تحول إلي سقطة فنية وأخلاقية في نظر الشعوب العربية، ولم يعد عملاً فنياً، وهذا يحتاج إلي دراسة اجتماعية وميدانية عن الآثار السلبية التي نجمت عن الفيلم داخل المحيط العربي والمصري، وذلك لاكتشاف حجم الخسائر الحضارية التي تكبدتها مصر عندما سمحت الرقابة في عهد علي أبو شادي بعرض هذه النوعية من الأفلام العبثية. ويتحمل خالد يوسف وحده مسئولية إهانة السينما المصرية والقول بأنها النافذة الخبيثة التي صدرت للعالم العربي مشاهد المثليين، بعد أن ظلت طوال فترة الستينيات والسبعينيات هي «الجوكر» في نشر المد القومي وروح التحرر العربية. وأنا اركز علي ضرورة الانتباه للدور الذي تلعبه السينما في رسم ملامح المجتمعات علي المدي الطويل، وهو أمر معروف من الناحية النفسية والاجتماعية، وهو أيضاً ما يلزم المنتجين والمخرجين والمؤلفين بل والنجوم أيضاً في مصر أن يعوا جيداً أهمية الموضوعات التي تطرحها أفلامهم، فمصر لن تتحمل المزيد من الاضرار بمصالحها الحضارية في المنطقة ، لأن مخرجيها يميلون إلي الشطحات والنزوات الفنية.