كشف بحث ميداني أجراه د.أحمد حسين الخبير بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية عن «الطبقة الوسطي» في مصر وقدمه أمس في المؤتمر السنوي للمركز القومي للبحوث عن تناقضات قيمية وسلوكية في شخصية أبناء الطبقة الوسطي وأن ظل هناك مشترك أساسي وسطي بين هذه المتناقضات وهو الاهتمام والقلق الشديد بتراجع ما سماه البعض بالمكانة الطبقية لهؤلاء الافراد والجماعات وهو ما سماه البعض أيضا بذعر المكانة الطبقية. وأفاد البحث إن التراجع المستمر والفشل في الحفاظ علي المكاسب التاريخية وضع الطبقة الوسطي فريسة للقلق ويدفعها دائما لاحكام قبضتها بطرق مشروعة وغير مشروعة علي ما تبقي لديها من تمايزات طبقية واجتماعية محدودة.. وأكد البحث أن شخصية أبناء الطبقة الوسطي هي الأعلي طموحا والهادفة دوما لتحقيق قفزات طبقية وهي الاكثر عرضة للمعاناة. وأرجع البحث تراجع دور الطبقة الوسطي المصرية الي الانفتاح الاقتصادي ومحاولات التكيف مع الرأسمالية والخصخصة والهجرة الي دول النفط والتحولات والبرامج خاصة الاقتصادية والتي نجم عنها بحسب البحث خسائر متتالية تواجهها الطبقة الوسطي باستمرار منذ منتصف السبعينيات وحتي الآن ودفعت أبناء الطبقة الوسطي للارتماء في أحضان حركات الاسلام السياسي لتأثرهم بالفكر السلفي في دول النفط. وخلص البحث إلي أن التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي جرت في مصر في آخر 30 سنة أكدت أن الطبقة الوسطي ليست آمنة تماما من كل المخاطر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأثرت علي تكوينها بشدة ودفعت جزءا كبيرا منها الي ما يمكن اطلاق عليه «الفقراء الجدد»، وأن الهجرة للنفط تحديدا أحدثت «تميعاً طبقياً» وأفرزت قيماً سلبية كالاستهلاك الترفي والمظهرية وأن الانفتاح الاقتصادي عطل هذه الطبقة وأحدث انفصالاً بين التعليم وما يؤدي إليه من وضع مهني في سوق العمل. البحث كشف ايضا أن 70% من أبناء الطبقة الوسطي يرفضون السياسات الاقتصادية الليبرالية متجسدة في الخصخصة كمثال وأن 70% أيضا طالبوا باحياء القطاع العام وإعادة بناء قواعده الانتاجية وأدواره الاجتماعية وأن 26% فقط يثقون في كفاءة الاداء التنموي والاقتصادي للقطاع الخاص وأن 32% يرفضون العمل بالقطاع الخاص ورأي 85% أن الدولة هي القادرة علي القيام بدور أساسي في المجالات التنموية والخدمية وأن 94% رأوا أن الحكومة هي الاكفأ من القطاع الخاص في توفير المرافق الاساسية وأوضحت الدراسة أن 32% ايضا يريدون العمل في الحكومة ولا يرضون بغير الوظيفة «الميري» بينما يؤييد 66% التنافس بين القطاعين الخاص والحكومي. اللافت أن البحث سجل أن 40% من المبحوثين يرون أن التعليم لم يعد له قيمة بينما رأي 44.5% أنه يؤدي الي وظيفة في سوق العمل. ورأي 76% أن الدولة هي أكثر القطاعات قدرة علي توفير التعليم الجيد وفيما يتعلق بمكانة المرأة في المجتمع أشارت الدراسة الي أن50% يرون عدم التمييز بين الرجل والمرأة ويؤيدون المساواة تماما بينما رفض 26% فقط مبدأ المساواة بين الجنسين. وعن الصحة والسكن أكد 77% أن الدولة هي الاقدر علي توفير رعاية صحية وعلاجية للمواطنين بينما رأي 73% أن القطاع العام والحكومة هما الاكفأ في توفير الخدمات السكانية. وعن التسامح الديني وقبول الآخر قال 50% إنهم مع حرية العقيدة وأن الاقباط لهم حقوق متساوية مع المسلمين. ومن حيث الوظيفة الاجتماعية للدين وامكانية الاعتماد عليه في تنظيم الحياة الاجتماعية للأفراد فقد وافق 75% علي مقدرة الدين علي تنظيم الحياة الاجتماعية. وانتهت الدراسة أيضا إلي عزوف الغالبية العظمي من الطبقة الوسطي عن المشاركة السياسية والاجتماعية بوجه عام في غالبية التنظيمات والكيانات القائمة سواء كانت سياسية أو مدنية أو شعبية أو اجتماعية. وجاء المؤشر السياسي لدي الطبقة الوسطي ليؤكد أن 29% يرون أن المشاركة السياسية هي الاشتراك في الانتخابات المختلفة لاختيار المرشحين. وسجلت نسبة العضوية في الاحزاب والكيانات السياسية 14% حصل منها الحزب الوطني علي 90% مقابل 3.25 فقط في حزب الوفد و5% للاخوان المسلمين والحركات الاجتماعية كفاية وغيرها و75% نسبة العضوية في منظمات المجتمع المدني. وعن المشاركة في الانتخابات قال 41% إنهم شاركوا في الانتخابات سواء كانت رئاسية أو برلمانية وقال 68% قالوا لن نشارك وأنه غير متأكد من المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة بينما أكد 10.3% أنهم لايشاركون لعدم الاقتناع بالمشاركة أو جدواها.