كان والدي دائما الا يعجبه تمسك جدي بالحياة الطويلة وتمنيه طول الأجل كما لم يكن يعجبه تأجيل جدي لكثير من الأشياء الواجب عليه فعلها بداعي أن العمر أمامه طويل، ورغم تعجب والدي من ذلك إلا أنه سار نفس المسير الذي استكملته بعد وفاته فكنت دائما أثق في طول العمر يغرني قوة الشباب والعلم. بلغت من العلم والعمل ما رضيت به عن نفسي فراودني كثيرا أن أقدم جائزة علمية سنوية علي نفقتي لأفضل بحث علمي ولكن للطبيعة الوراثية كنت أؤجل هذا العمل يوما بعد يوم. وفجأة وجدت نفسي أعاني من ورم سرطاني في ظهري وأرقد بأحد المستشفيات لازالته، والأطباء من حولي والأجهزة تملأ جسدي فأدركت أن العمر ليس بطويل وأن الأجل قد يأتي بغتة علي عكس ما تصورت ودار في ذهني كل ما وجب علي فعله ولم أفعله بما في ذلك الجائزة التي كنت أنوي منحها لأفضل بحث علمي أخذت العهد علي نفسي ووعدت الله قبل نفسي أن أنجز هذا العمل واقدم هذه الجائزة إذا ما نجحت هذه الجراحة مباشرة وكنت أعلم جيدا أن نسبة الحياة بعدها لا تزيد علي 30% وربما أعيش مع شلل أطرافي إلا أن الله كان بجانبي ولم يزل ونجحت الجراحة فقررت أن أشكر الله بمنح هذه الجائزة التي بدأتها بعشرة آلاف جنيه قبل أن تساهم في رفعها شركة أوراسكوم إلي 100 ألف جنيه ومن جانبي أحاول من خلال علاقاتي أن تصل هذه الجائزة إلي ثلاثة ملايين جنيه. الجائزة كما أعلن عنها تقررها لجنة بالتعاون مع مستشفي سرطان الأطفال ذلك الصرح الطبي الذي لا مثيل له في كثير من دول العالم والذي شيده كل المصريين للقضاء علي هذا المرض الخبيث، وهنا أقول إن وزارة الصحة تتطلب ميزانيات ضخمة للقضاء علي مثل هذه الأمراض ولكن إذا لم تكن هذه الامكانات المادية متوفرة فهناك حلول أخري أقل تكلفة وأسهل بكثير تدور مجملها في كيفية الوقاية فإذا كانت الوقاية خير من العلاج فإنها بلا شك أيضا أرخص من العلاج.